أنت هنا

قراءة كتاب لست ملاكا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لست ملاكا

لست ملاكا

رواية "لست ملاكا" للكاتبة الفلسطينية سهاد عبد الهادي، لاقت رواجا منقطع النظير، وهي رواية تتحدث عن ثلاث نساء من اجيال مختلفة الجدة الام الابنة وعن محاولة البحث عن ردم الفجوة بينهن ولكن ما الذي حدث....!!

 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
- 1 -
 
ما ظل من العمر قد ما مضى...
 
تخطيت منتصف السبعين من السنين ومنذ أعوام حكمت عليَ قوانين الوظيفة، بأني لم أعد ذات فائدة بعد ما استهلكت زهرة حياتي بفيض من العطاء الجسدي والعقلي والعاطفي.. لطالبات علم.. لزهرات تتفتح براعم أنوثتهن على مهل..
 
أعيش الآن وحيدة في بيت كبير كان يضم عائلة تتكون من ستة أطفال، ملأوه بالضجيج والمشاجرات التي كانت تثير أعصابي، بعد عودتي من المدرسة، مرهقة من متابعة تلميذاتي، فلا يبقى لأولادي أية مساحة من المسامحة.
 
بينما كانت مسؤوليات زوجي لا تتعدى توفير المأكل والملبس، وتوجيه صفعة أو ركلة، بين الحين والآخر، لمن يعتقد أنها تقوِّم سلوكه وتدفعه للنجاح في دراسته. إذ كان يتعامل معهم منذ مراحل طفولتهم وكأنهم رجال ناضجون ، فلم يسمح لهم بالانطلاق في لعبهم داخل البيت أو خارجه مع أولاد الجيران مما جعل الساعات التي يغيب بها عن البيت أسعد أوقاتهم وأمتعها لممارسة رغباتهم الطائشة في عرفه.
 
كانت الضربات تؤلمهم جسديا وهم صغار، ثم تحول الألم إلى نفوسهم، حينما تخطوا العاشرة فأصبحوا يمعنون في المعاندة والاستفزاز، في تصرفاتهم مع بعضهم البعض وأحيانا كثيرة في تعاملهم معي فلا يلبون لي طلبا أو يقدمون مساعدة بانضباطهم في ترتيب حاجاتهم مثلاً ولكن ما أن يدخل والدهم البيت حتى يصبح الهمس سيد الكلام والتقيد بتعليماته دون مناقشة أو حتى كلمة تأفف ترتسم على شفاههم كما أراها ردا على أمر يصدر عني أو طلبي مساعدة أحدهم.
 
ولكن قسوة والدهم في تربيتهم لم تمنع عليّاً.. من حمل السجائر في حقيبة المدرسة قبل أن يتم الرابعة عشرة من عمره، ولم أنتبه لفعلته إلا بعد شهور طويلة، حينما لاحظت آثار حروق صغيرة في سراويله وقمصانه، فلم تردعه نصائحي أو خوفه من فضحه أمام والده، حتى اشتدت عليه نوبات الربو في سنيّ شبابه، وأعاقته عن إتمام تحصيله العلمي فيما بعد، وكانت إجابته التي لم تتغير منذ محاولتي الأولى في تذكيره بالمضار التي يعرض فيها صحته للخطر، بجواب لم يكن ردي عليه مقنعا لي، قبل إقناعه هو...
 
" إنت وبابا ماسكين هالحجة.. الدخان بيضر بالصحة.. وبابا بيحكي هالكلام والسيجارة في ايده، وصحته ما شاء الله عليها، زي الحصان".

الصفحات