"جنة الفدائيين"، للكاتب السعودي محمد الراشد؛"جنة الفدائيين" هي أول عمل روائي له. أرمان...
أنت هنا
قراءة كتاب جنة الفدائيين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
«وماذا عليّ لأفعله؟».
أزاح الصوفي الدقيق عن العتبة ثم جلس وربت بجانبه رخام العتبة الباردة، مما يعني تعال وانتظر معي.
«أيجب عليّ ذلك؟». فأومأ بالإيجاب.
«أمري لله إذاً»، جلس الفتى إلى جانبه، وإذا بأرمان، يخرج مسبحة طويلة، ثم شرع يقلبها بين أصابعه بصمت.
بعد مرور لحظات أحس الفتى بالملل فحاول أن يسلي نفسه قليلاً، فكان أن أخرج كيس النقود.
وبينما كان لاهياً تماماً بما بين يديه، سمع صفيراً قربه فالتفت ولم يعد يرى إلا وميضاً مصاحباً لإحساس بألم شديد وحرارة في أنفه، وإذا به ينزلق ساقطاً أرضاً على جنبه من فوق العتبة، لقد كانت تلك لكمة قوية وخاطفة.
عندما فتح عينيه وجد أن كيس النقود قد اختفى من حوزته، ورأى الشاب الصوفي يسابق الريح:
«اللعنة، اللعنة، هيه أنت» صرخ به والدم يسيل من أنفه ويقطر على التراب، بينما كان جاثياً على الأرض، وخرج أرمان من الزقاق دون أن يسمع أحداً يجري وراءه.
تساءل: «هل لحق بي؟».
توقف ونظر خلفه فلم يجد أحداً، عاد بحذر وأطل من وراء جدار، فلم يجد الفتى ولا الدقيق.
«جبان».
قرفص واستند إلى جدار ومسح العرق بطرف كمه وتأفف. كان الجو شديد الحرارة مع قرب صلاة الظهر، نهض وتوجه إلى حديقة السوق حيث تواعد مع الباحث هناك ليكون لقاؤهما بعد إتمام المهمة (الاختبار).
في الحديقة العامة المسورة بسياج حديدي وجد صاحبه جالساً على مقعد خشبي ينتظره على أحر من الجمر، سلم عليه، فرد عليه السلام مبتسماً وسأله:
«هاه ما هي الأخبار، كيف كان الشاب الأخير؟».
«لا نفع يرجى منه».
«حقاً».
«لم يلحق حتى بي!».
«أووه ما حسبته كذلك... هل نرحل إذاً؟».
«لدي عمل أخير هنا».
«سأرافقك إذاً، مللت القعود».
غادرا الحديقة متوجهين إلى جامع المدينة الكبير حيث صليا هناك صلاة الظهر ثم بعدها قصد مقبرة بجانب الجامع، عالية الأسوار، كتبت على جدرانها آيات قرآنية، وأحاديث نبوية. قبل أن يدخل أرمان من بوابتها المتهالكة التفت إلى صاحبه وسأله:
«ستنتظرني هنا ها»؟ فأجابه على الفور:
«بل آتي معك، لأسلم على الأموات».
تنهد بامتعاض وكأنه سمع الإجابة التي لم يكن يرجوها فأشار إليه بسبابته:
«حسناً ولكن إن رأيتني أبكي فإياك أن تبكي معي، أو تعانقني، أو حتى تلقي عليّ موعظة».