أنت هنا

قراءة كتاب جنة الفدائيين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جنة الفدائيين

جنة الفدائيين

"جنة الفدائيين"، للكاتب السعودي محمد الراشد؛"جنة الفدائيين" هي أول عمل روائي له. أرمان...

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

«... سأحاول».
دخلا المقبرة حيث القبور المصطفة والضرائح المزخرفة بالنقوش المحفورة. مشيا بينها بسكينة ووجل وهما يسلمان على الموتى في قبورهم الواحد تلو الآخر، بصوتٍ خافتٍ جداً، حتى وصلا إلى قبر نقش على شاهده: (إنا لله وإنا إليه راجعون، قبر فاطمة بنت ساجد، قبضت روحها عام 485 من الهجرة النبوية الشريفة، رحمة الله عليها وعلى موتى المسلمين).
تراجع صاحبه إلى الخلف بينما تقدم هو ناحية القبر حتى وقف أمامه تماماً. جثا منهاراً على ركبتيه فوق التراب ورفع يديه إلى السماء وبدأ يدعو بحرارة وخشوع. بعد وهلة وضع جبينه على القبر وبدأت كتفاه ترتعشان وهو يبكي وينشج بصمت.
عندئذ تقدم صاحبه ووضع يده على كتفه برفق وساعده على القيام: «لا بأس يا صاحبي، كلنا لله وكلنا إليه راجعون، البقاء لله وحده، رحمة الله عليها، إنها في نعيم الآن فلا تضايقها ببكائك، ألا تعلم أن الميت يتضايق من بكاء أحبائه ويعزّ عليه ذلك».
رفع جبينه عن القبر وحبّات التراب تسابق دموعه، ربت كتفه ثانية ثم قال: «لا بأس يا أرمان، لا بأس، هيا بنا».
نهض بتثاقل وأزاح التراب عن جبينه، ومع أنه لم ينطق بكلمة منذ أن خرجا من أسوار المقبرة إلا أن تعابير وجهه بدت كافية لوصف مرارة الحزن وألم الفراق الذي يسكن داخله.
طوقه صاحبه بذراعه من كتفيه وهما يمشيان على رصيف:
«ألم أقل لك لا تعانقني؟».
فرد عليه مبتسماً: «ولكنني لست أعانقك بل أساندك». ولم يتمالك أرمان نفسه فابتسم أيضاًً.
«لا بأس بالبكاء أحياناً، فالدموع تغسل الـ...».
«القلوب أجل... هذا يكفي».
ثم مشيا دون أن ينبس أحدهما بكلمة حتى خرجا من أسوار المدينة نحو إسطبل صغير جدرانه من القش، مخصص للزوار القادمين من خارج المدينة، فرموا للحارس قطعة نقدية وشكرهما بامتنان.
وقبل أن يمتطيا جواديهما قال الشاب الملتحي:
«مبارك لك يا أرمان، أتممت مهمتك الأولى بنجاح، صحيح أنك قمت باختبار عشرة شبان ونجح منهما اثنان فقط، إلا أن هذا يعتبر إنجازاً جديراً بالملاحظة، ولاسيما في المهمة الأولى، سيكون رفاقنا هناك مسرورين من أجلك والمعلمون سيسرون بك أيضاًً».
«أشكرك أنت كذلك يا أخي عباد فلولا توجيهاتك، لما وفقت في تنفيذ المهمة».
«بل لولا الله تعالى ثم توجيهات سيدنا، فالله عز وجل هو الذي يقرر ويختار، وليس نحن، نحن مجرد وسائل له، نحن عبيد مكلفون بتنفيذ أوامره، ليس إلا».
هز رأسه: «... صدقت».
«كما أنك في الأيام المقبلة، ستكون وحدك في مهمات أكثر أهمية وخطورة».
سكت قليلاً ثم أجابه: «أجل... صدقت».
وامتطيا الجوادين وانطلقا يتسابقان شرقاً ناحية جبال (البوروز).

الصفحات