أنت هنا

قراءة كتاب قول على قول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قول على قول

قول على قول

كتاب "قول على قول"؛ للكاتب والإعلامي التونسي محمود الحرشاني مدير ورئيس تحرير مجلة مرآة الوسط، كتاب ضمن سلسلة كتاب مرآة الوسط؛ جمع فيه مؤلفه مجموعة من الفصول والحلقات التي سبق أن قدمها في برنامج إذاعي بالعنوان نفسه، كان قد أنتجه في صائفة 2005 بإذاعة صفاقس وق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: محمود الحرشاني
الصفحة رقم: 4

مقدمة كتاب «فصول في التجديد والإصلاح»

للصحفي الهادي العبيدي
كتب المقدمة الأستاذ توفيق بكار
مستمعينا الأعزاء تحية طيبة واسعد الله أوقاتكم بكل خير يعد الهادي العبيدي رائدا من رواد الصحافة الكبار في بلادنا والوطن العربي، بدأت مسيرته الصحفية منذ بداية الثلاثينات من القرن العشرين، وقد أشتهر بأسلوبه الصحفي المتميز في كتابة الافتتاحيات. واقترن اسم الهادي العبيدي بالخصوص بجريدة الصباح التي تولى رئاسة تحريرها منذ تأسيسها في الخمسينات على يد المرحوم الحبيب شيخ روحو إلى أن أقعده المرض. كما أصدر الهادي العبيدي جريدتين هما جريدة «الصريح» وجريدة «الفرززو»، وكانتا من أهم الجرائد الفكاهية والهزلية في فترة الأربعينيات من القرن العشرين. انتمى الهادي العبيدي إلى جماعة تحت السور، وكان من أهم وأنشط عناصرها، مثل علي الدوعاجي ومحمود بيرم التونسي ومصطفى خريف وعبد العزيز العروي. ناصر الهادي العبيدي في كتاباته ومقالاته قضايا الإصلاح والتحرر ودافع بشدة عن قضايا انبرى للدفاع عنها مجموعة من المصلحين في مقدمتهم عيم الحبيب بورقيبة والطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي وزين العابدين ّ ّالسنوسي. وكانت أهم هذه القضايا التي انبرى للدفاع عنها وسخـر لها قلمهقضية تحرير البلاد من الاستعمار وقضية تحرير المرأة وانتشار التعليم ورفع الجهل عن الشعب إلى جانب قضايا أدبية مثل قضية التمديد في الشعر وقضية تطوير الصحافة. ومن يعود إلى كتابات الهادي العبيدي اليوم يقف على النفس الإصلاحي الذي كان يدفعه للخوض في هذه القضايا والدفاع عنها. بين أيدينا الآن كتاب «تحت السور فصول في التجديد والإصلاح» عن مؤسسات عبد الكريم بن عبد 1992ويضم هذا الكتاب الذي صدر سنة الله مجموعة من الفصول المستقاة في الأدب والثقافة والسياسة والمجتمع للمرحوم الهادي العبيدي. وقد تولى جمع فصول هذا الكتاب نجل الفقيد الدكتور المعز لدين الله العبيدي، وقدم له الأستاذ الجامعي توفيق بكار. احتوى كتاب فصول في التجديد والإصلاح للهادي العبيدي على مقدمتين، مقدمة بقلم الأستاذ توفيق بكار، ومقدمة ثانية بقلم الأستاذ المعز ى جمع فصول الكتاب. والمقدمتان مختلفتان، ّلدين الله العبيدي الذي تول ز الأستاذ توفيق بكار مقدمته على السياقات العامة لفكر ونبوغ ّفلئن رك الهادي العبيدي والنزعة الإصلاحية التي طبعت كتاباته، فان المعز لدين الله ز مقدمته على التعريف بالبيئة التي ظهر فيها الهادي العبيدي ّالعبيدي رك وعلى أهم القضايا التي تصدى للدفاع عنها وما عاناه في سبيل مناصرته لهذه القضايا.
يقول الأستاذ توفيق بكار في جانب من المقدمة التي وضعها للكتاب«إن سيرة الهادي العبيدي الذاتية لا تنفصل عن سيرة جيل كامل من الأدباء والفنانين، بدأت حركتهم في العشرينات وامتدت إلى ما بعد الاستقلال، وهي الشباب بقيم ّة طويلة تمتزج فيها الملاحم بالمآسي، آمنوا وهم في عزّ الشباب يقيم الأدب والفن وغامروا في سبيلها بكل الكيان لا بطرف اللسان حين لم يكن للأدب ولا للفن في عامة البيئة من الاعتبار إلا على إنهما مفسدة للأخلاق ومضيعة للعمر.
يبدأ الأستاذ توفيق بكار برسم ملامح البيئة التي نشأ فيها الهادي العبيدي فيرى أن نضال الهادي العبيدي وصحبه كان من جنس النضال الوطني الذي يستهدف الحفاظ على مقومات البلاد وهويتها حتى يكون لتونس الحديثة قصص وشعر ورسم وموسيقى وغناء ومسرح وتمثيل. وقد أتعبهم من ذلك واجب المساهمة في واجب بناء إحساس الأمة مع الطلائع السياسية المناضلة بذاتيتها ضاربة الجذور في أعماق التاريخ متطورة وفق روح العصر. ويرى الأستاذ توفيق بكار أن الأمة كانت أحوج ما تكون في تلك الفترة العصيبة من تاريخها إلى إذكاء إحساسها بشخصيتها لان الاستعمار كان ينكر في عناد شديد أن تكون لها هوية وعراقة في الحضارة.  في جانب آخر من المقدمة يتعرض الأستاذ توفيق بكار إلى إنتماء الهادي العبيدي إلى جماعة تحت السور التي كانت أهم جماعة أدبية وثقافية ظهرت في الثلاثينات من القرن العشرين.
ويرى كاتب المقدمة أن الهادي العبيدي كان من ابرز عناصر هذه الجماعة وأغزرهم إنتاجا، فهو ينظم الشعر ويؤلف القصص وكان في ما يكتب على مذهب هذه الجماعة من حيث حضور النكت اللاذعة كما تشهد بذلك أقصوصته الممتعة فطومة وترجمته صحبة الدوعاجي قصة كنز الفقراء للكاتب الايطالي قابريال دانونازو. وله إلى جانب الترجمة والوضع والترجمة في هذا الفن فصول في النقد، منها فصله لنحطم الحدود وعنوانه دليل على معناه، وكثيرة مقالاته في النقد المسرحي وهي اليوم مرجع هام للمؤرخين في هذا الفن. ويرى توفيق بكار أن المطلعين على هذه الكنوز والآثار من كتابات الهادي العبيدي المختلفة ليعجبهم منه عباراته مع أناقة في الأسلوب وجرأته ّالفكرية في علاج القضايا الحساسة ونزعته الشعبية الأصيلة ومن اجل المزايا للهادي العبيدي في شتى المعارف التي خاضها المجددون وهو منهم انه كان من السباقين إلى المناداة بحق المرأة التونسية في العلم والتطور. في جانب آخر من المقدمة يرسم لنا توفيق بكار صورة رائعة لمناخ تفوق الهادي العبيدي وأهم المعارك الأدبية والاجتماعية التي خاضها مناصرا لدعوات المصلحين والرواد، يقول توفيق بكار في هذا الخصوص : «حين كان الشابي يتألم من قلة صدى شعره في بلاده، بل من تعريض الخصوم به على بعض صفحات الجرائد الساخرة كالنديم، انتصر له الهادي العبيدي تلقائيا ه منها بالانقلاب ّفألقى محاضرة رائدة عن الشعر التونسي والى أين وصل نو فيها على ّالفني الكبير الذي أحدثه الشابي في مسار الشعر التونسي ورد الحملة المغرضة التي كانت تستهدفه.
ولما قام كرباكة يقصد عبد الرزاق كرباكة للذود عن القناعات التونسية المهددة بالإفلاس من شدة مزاحمة البضائع الأجنبية تطوع الهادي العبيدي مع ثلة من الشعراء والفنانين لمساندته بقصائدهم، كذلك كلمته في أربعينية كرباكة. ويرسم لنا الأستاذ توفيق بكار مدى تأثير الهادي العبيدي في الارتقاء بإبداعات جماعات تحت السور فيقول «عندما ظهرت جماعة «تحت السور» كان عينا من أعيانها فشارك الدوعاجي والعروي وبيرم بخبرته المهنية في تأسيس الصحف الهزلية مثل «السرور» و«السردوك» و«الشباب» وهي من أطرف ما ابتكرته القريحة التونسية في فن النقد الساخر وما أحوجنا إلى مثلها اليوم». ويختم الأستاذ توفيق بكار هذه المقدمة بالحديث عن شخصية الهادي العبيدي وتفوقه في المجال الصحفي منذ أن انتسب إلى جريدة «الصباح» اليومية فيؤكد قائلا: «كل ما يمكن أن أقوله شخصيا أنه أي الهادي العبيدي كان ولا يزال من ألمع الصحافيين وأستاذا في هذه المهنة ولا يملك إلا أن نعترف له بالاقتدار لأنه اخلص لمهنته إخلاصا نادرا وهي مهنة صعبة تضطره كل يوم إلى تحليل سير الأحداث وتقديرها بميزان العقل». وينهي توفيق بكار هذه المقدمة بقوله «كان الهادي العبيدي مع كل افتتاحية يكتبها يراهن على معنى الحداثة فكم ربح من رهان وكم خسر، يكفيه أنه راهن من أول عهده بالصحافة وبعقيدة وطنية راسخة على جملة من الأفكار التحررية والقيم الأصيلة وعلى عدد من رجالات من الشعب وهذا البلد وما أخطأ.
بعد هذه الوقفة المطولة مع مقدمة الأستاذ توفيق بكار لكتاب فصول في التجديد والإصلاح للكاتب الصحفي الهادي العبيدي نلقي الآن نظرة سريعة على محتويات الكتاب نفسه. يتضمن هذا الكتاب مجموعة من الفصول والمقالات التي كتبها الهادي العبيدي في الصحافة التونسية وبعض محاضراته التي ألقاها على منابر جمعيات ومنتديات ثقافية مختلفة. ويبرز من خلال هذه الفصول الفكر الإصلاحي للهادي العبيدي فهو ميال إلى مناصرة كل حركة تجديد تطرأ على المجتمع أدبية كنت أو ثقافية أو اجتماعية أو سياسية. في فصل بعنوان الأنواع الحديثة يتحدث الهادي العبيدي عن التجديد في الشعر التونسي فيناصر الشابي في دعوته إلى التجديد في الأغراض الشعرية يقول «ظهر الشابي بفنه المبتكر فأحس المحافظون بتحرج فاخذوا يصادرون الرجل وينقصونه بل عمدوا إلى أكثر من ذلك فطعنوه في عقيدته وإيمانه تنفيرا للناس من الإقبال على بضاعته والتأثر بمذهبه، فأحرج هذا السلوك فانشد ّشاعرنا خصوصا وهو ليس جبارا ولا جلدا بل مسالما رقيق الحس قصيدته النبي المجهول التي جاءت آية في الروعة والعمق والتي منها قوله «أيها الشعب ليتني كنت حطابا فاهـــوي على الجذور بفأسـي، ليتني كنت كالسيول إذا سالت تهد القبور رمسا برمس».وهكذا لم نعرف قيمة الشابي فسخرنا منه وآذيناه لخبث عريق في نفوسنا وحسد يضم
ضلوعنا، لكل عبقري يظهر في البلاد، ولكن الشابي واجه هذا الوضع المشين والصعب بشجاعته واستطاع أن يفرض شعره وعبقريته. ذلك أنموذج واحد سقناه من كتاب «فصول من التجديد والإصلاح» للهادي العبيدي الذي خصصنا لمقدمته التي كتبها الأستاذ توفيق بكار هذه الحلقة من برنامجنا قول على قول. لكم منا في نهاية هذه الحصة أجمل التحايا ونأمل أن نلقاكم في الأسبوع القادم.

الصفحات