أنت هنا

قراءة كتاب فلتغفري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلتغفري

فلتغفري

رواية "فلتغفري"؛ سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.

تقييمك:
4.09525
Average: 4.1 (21 votes)
الصفحة رقم: 1

فلتغفري

تجلسين ساكنة بجواري، تعبثين بخصلاتِ شعرك المجعد، مرتخية فوق مقعد السيارة كطفل منهك، خائر ومريض.
أعرف بماذا تفكرين، تفكرين بي! تفكرين في مدى حقارتي، وتبحثين عن أسباب خذلاني إياكِ.
خذلتكِ، أعرف أنني خذلتكِ، قسوت عليكِ على الرغم من أنكِ أحنّ البشر عليّ، ولا أعرف كيف قدرت على فعل هذا!
تركتِ خصلة شعركِ، وأمسكتِ بالدبلة المتدلية من سلسلة الذهب الأبيض والتي تنام على نحركِ الرقيق كنجمة مضيئة، أخذتِ تعبثين بها بشرود، وكأنكِ في أرض بعيدة، أرضٍ أضعت طريقها وأخاف أن لا أستدلّ دروبها بعد اليوم.
غارقة أنتِ في خيبتكِ، وغارق أنا في معصيتي، لكنني أحبكِ يا جمانة، فاغفري!
****
تثرثر جاكلين كثيراً، جاكلين نادلة المقهى، حيث التقينا للمرّة الأولى.
كنت أقرأ كتاباً عن تاريخ الدولة السعودية، لأكتب إحدى المقالات الوطنية والتي لا تمتعني كتابتها بكل الحالات؛ سألتني جاكلين عمّا أقرأ، فأخبرتها بأنني أحاول قراءة التاريخ السعودي لأكتب مقالة بمناسبة عيدنا الوطني، أعلم بأن جاكلين تراني نموذجاً للفارس الشرقي الذي قرأتْ عنه في حكاياتِ ألف ليلة وليلة، لذا هي تثرثر دوماً عليَّ ومعي.
هكذا هنّ الكنديات، يرين في الشباب العربي أحد نموذجين، فإما أن يكونوا إرهابيين وإما أن يكونوا كفرسان الأساطير، وأدرك جيداً بأن شاباً مثلي لا يمثل إلا النموذج الأخير بالنسبة إليهن.
تنصلت من جاكلين بصعوبة، لم أكن بمزاج يسمح بالمغازلة، يكدرنني اللواتي يأتين في الأوقاتِ غير المناسبة ليفرضن أنفسهن عليّ.
كنت أقرأ الكتاب بملل وأنا أبحث فيه عن طرف خيط أو بداية فكرة، لا أعرف كيف أكتب عن وطن لا أحبه وتاريخ لا يغريني، لكم عكّرت مزاجي المحاولة!
حينئذ دخلتِ أنت، جئتِ فجعلتِ كل الأوقات تناسب استقبالك، دخلتِ كفرس جامحة، بخطواتٍ واثقة، بعنق ماجد، بجبين شامخ، وشعر ثائر.
دلفتِ يوم ذاك كوطن حر لطالما حلمت به، وطن لطالما أغراني بثورته وجموحه وجنونه.
جلستِ بخفة قطة، وضعتِ إحدى رجليكِ فوق الأخرى بدلال عفوي و(شماغ) بنّاتي يحيط رقبتكِ بأناقة.
أغراني اقتحامكِ الناعم ذاك! أغراني حتى ارتعشت أطرافي توتراً.
تحرشت بكِ على طريقتي، تحرشت بكِ بقدر ما استطعت، فأجبتني باقتضاب مغرور أثار قلبي وعقلي وجوارحي.
سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.
لا أعرف كيف سلبتني بتلك السرعة يا جمان، لا أفهم كيف خلبتِ لبي من أول مرة وقعت فيها عيناي عليكِ.
استفززتكِ كثيراً يومها، كنت ازداد عطشاً لاستفزازكِ بعد كل كلمة وبعد كل جملة، عصبيتكِ كانت لذيذة، احمرار أذنيكِ كان مثيراً، كنتِ (المنشودة) باختصار ولم أكن لأفرط بكِ بعدما وجدتكِ.
حينما غادرتِ المقهى يا جمان، قررت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأن تكوني لغيري أبداً!
****

الصفحات