أنت هنا

قراءة كتاب فلتغفري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلتغفري

فلتغفري

رواية "فلتغفري"؛ سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.

تقييمك:
4.09525
Average: 4.1 (21 votes)
الصفحة رقم: 4

- لِمَ تصدقين أمكِ دوماً ولا تصدقينني؟!
- دافع أمي الأمومة، ماذا عن دافعك أنت؟!
قلت لكِ بسخرية: الأبوبة!
- الأبوة يا شاعر.
- بل الأبوبة!
أعطيتكِ ظهري وخرجت مسرعاً خوفاً من أن ترينني، وأدرك أنكِ لا تعرفين حتى الآن كيف عرفت أنك كنتِ ترتدين خلخالاً بدوياً لا ترتديه فتاة سواكِ.
لو تدرين لكم أحب مزيجك هذا ياجمان!، لكم أحب مزيج البداوة والحضارة الذي لا تمثله امرأة غيرك.
أنتِ التي تجمع كل المتضادات رغم ثباتها، الثابتة رغم اختلافها، أنتِ الجميلة الثبات والمتناقضة بأناقة، أنتِ المرأة التي تحرقني بأشعتها نهاراً كشمس ماجنة، وتضيء أمسياتي كقمر ناسك زاهد.
أنتِ التي لا تشبهها امرأة، رغم أنها تمثل كل النساء، أنتِ السهلة الصعبة، القريبة البعيدة، ما أخاف منها وما أبتغيها.
أنتِ التي اقتحمت حياتي عنوة، فقلبت حياتي وغيرت أولوياتي وعلقتني في خيط رفيع متأرجح قد يهوي بي في أي وقت وفي أية لحظة.
أنتِ أقوى مما تدعين، أكثر صلابة مما تظهرين، فبرغم نعومتكِ ورقّتكِ وسهولة خدشك إلا أنكِ فتاة شامخة، قوية، ذات جذور عميقة وعتيقة، فتاة أصيلة، تزأر حينما تهان، وتكبر حينما يحاول كائن من كان تحجيمها أو تهميشها.
أنتِ تدركين جيداً مثلما أدرك تماماً بأنني لست برجل مثالي، أنا أبعد الرجال عن المثالية، لكني لست بأسوئهم حتى وإن أصررتِ على أني كذلك.
أدرك بأنكِ ترين بي وحشاً مسعوراً يفترس النساء ليرميهن بعد افتراسهن من دون أي إحساس بالذنب، لكنني لست كذلك يا جمان، لست إلا رجلاً، رجلاً بكل ما في الرجال من مساوئ ومن مزايا، رجلاً تملأه العيوب مثلما يتحلى بالكثير من المحاسن التي لا أعرف لماذا لا تبصرينها، لا ببصركِ ولا حتى ببصيرتك.
ما لا تفهمينه يا جمانة هو أنني رجل غارق في البحث، تظنين أنتِ بأنها ذريعة اللعوب، لكنها الحقيقة التي لم تدركيها يوماً.
لطالما كانت لدي أسئلة، لطالما عشت في تردد وتوجس وحيرة، فلِمَ تلومينني على بحثي!، لِمَ تقحمين نفسكِ في هذه الحالة بلا جدوى ولا فائدة؟!
قلت لكِ ذات مرة بأنكِ الحقيقة الوحيدة التي أدركها وأحبها فلا تشتتي تلك الحقيقة من خلال تشككي بها، لكنكِ أصررتِ على ذلك! أنتِ من أبعدني عن الحقيقة بإصراركِ على أن أتشكّك بما وصلت إليه وما أرغب به.
كنت أحتاج لأن تزيدي إيماني فيها، لأن تجعلي يقيني أكثر ثباتاً، لكنكِ لم تفعلي، فلا تلوميني على بحثي في ماهيتها، وأنتِ من جعلني أتشكّك في تلك الماهية.
لا أفهم كيف أنّ النساء يفعلن هذا! ولماذا يبعدننا عن الحقيقة ويلومننا بعد ذلك على شكنا فيها!
لم يكن من المفروض أن تفعلي هذا، أنتِ بالذات لا يليق بكِ أن تفعلي بي هذا، أنتِ الاستثنائية، المختلفة، النادرة والفريدة، فلِمَ تشكّكين في روعتكِ وتأثيركِ عليّ قبل أن تشكّكي بي؟
حينما عرفتكِ يا جمانة، كنتِ الفتاة الأكثر ثقة، كنتِ امرأة لا تضاهيها بإيمانها بنفسها امرأة، فلِمَ تزعزع إيمانكِ بنفسك؟! لِمَ فقدتِ ذاك اليقين؟!
أرجوكِ، لا تدعي بأني من فعل بكِ كل هذا، أنتِ فتاة لا يقدر عليها رجل، فتاة لا يقدر إنسان على سلبها شيئاً لا تمنحه طواعية، فلا تدعي بأني من سلبكِ الثقة بذاتكِ، أنتِ من فعلت هذا يا جمانة، صدقيني أنتِ من فعلت.
*****

الصفحات