أنت هنا

قراءة كتاب فلتغفري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلتغفري

فلتغفري

رواية "فلتغفري"؛ سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.

تقييمك:
4.09525
Average: 4.1 (21 votes)
الصفحة رقم: 2

أتدركين ما تفعله رسائلكِ بي؟! ترسلين لي يومياً عشرات الرسائل، تكتبين لي فيها وتخبرينني ماذا شربتِ وماذا أكلتِ، وما قرأتِ وبماذا حلمتِ، تكتبين عن كل ما تقومين به، وتنقلين إليّ كل شيء، تسطرين يومكِ برسالة هاتفية لأعيش حياتكِ وكأنني معكِ طوال الوقت.
تشعرني رسائلكِ غالباً بالضجر، تفرطين بالكتابة، ورجل مثلي لا يحب أن يحاصر بكل تلك التفاصيل والحكايات.
حينما نتشاجر وتقاطعينني، وعندما أعاقبكِ بالغياب، أعود إلى رسائلك القديمة فيمزقني الفقد، عودتني على رسائلكِ، فبتّ كطفل رضيع يعيش بكِ، ويصيبه الجفاف حينما تفطمينه الرسائل.
تركتني أعطش بلا تفاصيل لأكثر من أسبوع، كنا قد تشاجرنا من أجلها، من أجل رسائلكِ الكثيرة وتفاصيلكِ المبالغ فيها، قلت لكِ يومها بأنكِ امرأة ثرثارة، فغضبتِ وقررتِ المكابرة، وحرمتني من رسائلكِ لأيام كثيرة وطويلة.
كنت أنتظر أن تملي فترسلين، لكنكِ عاندتِ كعادتكِ ولم ترسلي لي شيئاً.
هكذا أنتِ، تعودينني على الأشياء لتحرميني منها حينما تغضبين!، تعامليني كطفل صغير، تعاقبينه بالحرمان من الأشياء التي يحبها، ومن الأشياء التي لا يدرك كم تعني له وكم يحبها (أحياناً) لتلقنينه درساً في قيمة الأشياء!
كنت أبتسم في كل مرة يعلو فيها صوت رسالة هاتفية، وفي أعماقي يدوي صوت الانتصار، فتصدمني رسائل غيركِ وتصمت المدافع في داخلي بانتظار استسلامكِ.
كنتِ عنيدة، وامرأة مثلكِ حينما تعاند لا تتنازل إلا باعتذار مذل وتضرع طويل، لذا لم أكن لأعتذر عمّا تفوهت به أبداً.
عدت يومها إلى رسائلكِ القديمة، كتبتِ برسائلكِ الأربع الأخيرة: (حبيبي أنا في المقهى مع هيفاء، لن أتأخر في العودة إلى البيت.. أحبك)، (أنا في طريقي إلى البيت، ليتك كنت معي)، (حبيبي، أنا في البيت، نظفت أسناني، لبست ملابس النوم ودخلت فراشي، أيقظني عندما تصل إلى بيتك، اشتقتك اليوم كثيراً).
كنت أرى بأنك تفصلين يومكِ أكثر مما يجب، واضحة أنتِ إلى أبعد حد، موجودة أنتِ في كل الأوقات، تشعرينني دوماً بأنك حولي ومعي، لم أشعر منذ أن عرفتكِ بأني سيد قراري، تجبرينني على أن أناقش خياراتي معك لنقرر معاً كل ما يخص حياتي وكأنها ملككِ! كنت أدرك أنكِ تقحمينني بتفاصيلكِ رغبة منك باقتحام تفاصيلي، ولم أكن لأقبل بهذا يا جمان.
حينما قرأت رسائلكِ، هزني الشوق، اشتقت عفويتها وعشوائيتها، اشتقت الفواصل الكثيرة التي تفصل بين كلماتك، والنقطتين اللتين تنهين بهما الرسائل، وكأنكِ توقعين بها باسمكِ في نهاية كل رسالة.
اشتقت هذه التفاصيل التافهة والصغيرة، لكنني لا أقدر أن أعتذر كما يعتذر الناس، ولا أعرف كيف أنهم يجرؤون على ذلك.
أرسلت إليكِ رسالة، كتبت (قلت بأنكِ ثرثارة، لكني لم أخبركِ كم تجيدين الثرثرة!).
أجبتني - وهل من المفترض أن أفرح؟
- «لا تطولينها وهي قصيرة»!
- هل أفهم أنك تعتذر بهذا الأسلوب؟
- لا، أردت أن أوضح الأمور لكِ فقط.
- سنتفاهم حينما أعود إلى البيت، أنا مع البنات، سأكون في البيت بعد حوالى الساعة.
أرسلتِ لي بعد عشر دقائق :
- لم يعجبني عصير البرتقال، كان حامضاً للغاية، سيتعب قولوني الليلة!
فعرفت بأنكِ عدت لممارسة عاداتك، ولم يكن هناك داع لأن نتفاهم!
****

الصفحات