إنه كتابي الذي سطرته من تجاربي الشخصية ومعاناتي الخاصة، التي لا تختلف كثيراً عن معاناة مئات آلاف الفلسطينيين، التي تفوقها بكثير وتتجاوزها بمراحل؛ فما واجهتُه وعانيتُ منه هو أقل بكثير مما لاقاه غيري، وواجهه من كان قبلي ومن جاء بعدي، ولكنها خلاصة تجربة فيها ا
قراءة كتاب الأسرى الأحرار - المجلد الثاني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شهادة جنديين ...
تعترف «المحاكم العسكرية الإسرائيلية» بشهادةٍ متزامنة لـ«جنديين إسرائيليين»، تثبت الوثائق أنهما كانا معاً في الخدمة العسكرية خلال وقوع الحدث محل النظر، حيث تكتفي المحكمة بشهادتهما، وتوجه الاتهام إلى المعتقل على أساسهما، وتعتبر الشهادة كافية لإصدار الحكم عليه، ولكن «المحاكم الإسرائيلية» خاصةً في ظل الانتفاضة الفلسطينية الأولى، لم تكن تشترط شهادة «جنديين إسرائيليين» على الأقل، ثبت وجودهما في المكان الحادث، ليشهدا على المعتقل، بل أخذت بشهادة الجندي الواحد، دون أي إثبات لوجوده في مكان الحادث، ولو طلب من الجندي الشاهد تمييز المتهم من بين مجموعة أخرى من المعتقلين فإنه سيفشل في كثيرٍ من الأحيان في تحديد شخصية الفلسطيني المتهم، ومع ذلك أخذت «المحاكم العسكرية الإسرائيلية» بشهادة الجندي ورجل الشرطة وأحياناً المستوطن الواحد، علماً أن النيابة العامة العسكرية قادرة على جلب أي جندي للشهادة ضد أي معتقل، سواء كان يعرفه أو لا، حيث تؤهل «ثقافة الجندي الإسرائيلي» لشاهدة الزور ولا يشعر بأنه يكذب في شهادته، أو يحنث في يمينه، بل إنه يرى أنه يخدم «شعبه ودولته»، رغم أن هيئة القضاة تستطيع التمييز بين الشهادات الكاذبة وغيرها، ويمكنها من خلال توجيه المزيد من الأسئلة إبطال شهادة الجنود، إلا أن القضاة يكتفون منهم بالقسم والشهادة، ويثبتون ذلك في محاضر الجلسة تمهيداً لإصدار الحكم بناءً على شهادة الجنود وغيرها من القرائن والاعترافات، ويعتبرون أن شهادة الجنود صادقة ومقطوعٌ بها لجهة الإثبات، وأن محاولة الدفاع الطعن بها أو تكذيبها إنما هو تعريضٌ بمؤسسة «الجيش الإسرائيلية» وإساءة إليه، وهذه تهمة أخرى تستوجب السجن والعقاب.
حرمان الأسير من حق اللقاء مع محاميه ...
إن من أهم حقوق المعتقل أن يكون له محامٍ يدافع عنه، ويلتقيه في مكانٍ آمن، ويسمع منه تفاصيل قضيته، وألا يتدخل معه أثناء لقائه بموكله أحد، كما أن من حق المحامي أن يطلع على ملف المعتقل، وأن يعرف التهم الموجهة إليه، وأن يعرف بموعد المحاكمة قبل وقتٍ كافٍ من انعقادها، وهذه هي أبسط حقوق المعتقل المعزول عن العالم، والذي لا يعرف شيئاً عما تخططه له «المخابرات الإسرائيلية» عند اقتياده إلى المحكمة العسكرية.
إلا أن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» حرمت المعتقل من هذا الحق الذي تنص عليه كافة مؤسسات حقوق الإنسان والقانون الدولي، مع أنه لضمان عدالة سير المحكمة، لا بد للمتهم من أن يكون له محامٍ معين، يرتضيه بنفسه، أو يوكله بالنيابة عنه أهله وذووه، ولكن مشروع قانون حرمان الأسير من الالتقاء بالمحامي لمدة ستة أشهر، هو قانون عقابي وتأديبي، المقصود منه ممارسة الضغط على المعتقل لدفعه للاعتراف، أو الإدلاء بما عنده من معلومات. وقد أقرت «الهيئات القانونية الإسرائيلية» حق «السلطات الإسرائيلية» في منع الأسير من الاجتماع مع محاميه، وهو في الوقت نفسه حرمانٌ للمعتقل من حقه في ضمان تعرضه لمحاكمة عادلة في ظل غيابه الطويل عن محاميه.
فقد أقرت اللجنة القانونية التابعة «بالكنيست الإسرائيلي» قانوناً يمنع بموجبه الأسير الفلسطيني الالتقاء بمحاميه لمدة ستة أشهر بدلاً من ثلاثة أسابيع كما كان معمولاً به سابقاَ، ويهدف القانون الذي أقره الاحتلال إلى إضفاء صبغة قانونية من أعلى سلطة تشريعية في حكومة الكيان الصهيوني، يوفر الغطاء القانوني لممارسة الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى دون أن تجد من يكشف عنها، حيث أن المحامى عندما يزور الأسير بعد فترة قصيرة من اعتقاله، فانه يطلع على آثار التعذيب البادية على جسده، ويكتشف وسائل التعذيب التي مورست بحقه وبحق غيره من الأسرى، ويتعرف على الانتهاكات التي تعرض لها، حيث تكون علامات الإرهاق والتعب والإعياء ظاهرة بشكل واضح على الأسير في الفترة الأولى للاعتقال، خاصة في فترة التحقيق، بينما تكون الأعراض قد اختفت، بعد ستة أشهر، نظراً لطول المدة، وبالتالي يصعب عليه الطعن في المحكمة أمام القضاة بأن الاعترافات التي أخذت من موكله كانت بسبب التعذيب الشديد والعنف المفرط الذي استخدمه المحققون معه لانتزاع الاعتراف منه، علماً أن المحامي يعتبر حلقة الوصل بين الأسير وأهله، وخاصة الأسرى المحرومين من الزيارة، لذلك فإن الاحتلال يضمن بهذا القانون انقطاع أخبار الأسير وتواصله مع ذويه لمده نصف عام، وقد تحدد للمعتقل جلسة محاكمة خلال أشهر الانقطاع الستة، لا يتم خلالها إبلاغ المحامي بموعدها، وفي أحسن الحالات يبلغ قبل أيامٍ من موعدها، في الوقت الذي يتعذر عليه تحضير ملفه، والاستعداد للجلسة، كما قد يكون عليه من الصعب الوصول إلى مكان انعقاد المحكمة إذا كان المحامي من غزة أو الضفة الغربية، بينما تعقد المحكمة في الأراضي المحتلة عام 1948، حيث أن الانتقال إليها يتطلب موافقة وتصريحات مسبقة، وهذا ما قد لا يتحقق في وقتٍ محدودٍ وسريع.