إنه كتابي الذي سطرته من تجاربي الشخصية ومعاناتي الخاصة، التي لا تختلف كثيراً عن معاناة مئات آلاف الفلسطينيين، التي تفوقها بكثير وتتجاوزها بمراحل؛ فما واجهتُه وعانيتُ منه هو أقل بكثير مما لاقاه غيري، وواجهه من كان قبلي ومن جاء بعدي، ولكنها خلاصة تجربة فيها ا
قراءة كتاب الأسرى الأحرار - المجلد الثاني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
قانون الشاباك ...
قانون الشاباك خاص «بالمحققين الإسرائيليين» و«بجهاز المخابرات الإسرائيلي»، وقد أقر هذا القانون عام 2004، وهو في الوقت الذي يجيز «للمحققين الإسرائيليين» حق استخدام العنف والقوة المفرطة في التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين، كونهم يشكلون خطراً على أمن وسلامة الدولة العبرية ومواطنيها، فإنه يشكل حماية للمحققين، ويحول دون مساءلتهم وملاحقتهم ومحاكمتهم، ويعفيهم من المسؤولية القانونية عن أي ضرر يلحق بالمعتقل خلال فترة التحقيق، ويصف أي خطأ يرتكبه المحقق في حق المعتقلين بأنه خطأ غير مقصود، وهو القانون الذي يبطل طعن المحامين في اعترافات موكليهم التي أخذت بالقوة تحت التعذيب الشديد، أو أن المحققين مارسوا ضد موكله عنفاً شديداً دفعه إلى الاعتراف، ولكن «هيئة القضاء الإسرائيلي» ترفض الأخذ بطعن المحامين استناداً إلى قانون الشاباك العام، وتؤكد حكمها على المعتقل بناءً على الاعترافات التي تقدمها المخابرات وتعتمدها النيابة العسكرية، بما يجعل من جلسات المحكمة كما لو أنها مسرحية معدة مسبقاً، ومتفق على فصولها وأدوارها وخاتمتها.
صادق «الكنيست الإسرائيلي»، في السادس عشر من شهر ديسمبر/كانون أول لعام 2004، بشكل نهائي على الأنظمة والقواعد التي تمكّن من تفعيل قانون الشاباك، وفيه فصلت الأنظمة المسموح بها والممنوعة فيما يتعلق بأساليب التحقيق مع المعتقلين، إلا أن اللجنة المختصة أجازت أن تبقي على القواعد التي أقرها القانون سرية، وألا تسمح لوسائل الإعلام بنشرها، ولا تجيز للمؤسسات الحقوقية والقانونية الاطلاع عليها، بما يبقي على عمل ونشاط المحققين في دائرة الغموض والالتباس، وأبقت مجال الاجتهاد مفتوحاً على مصراعيه أمام قضاة «المحاكم العسكرية الإسرائيلية».
عشوائية القوانين العسكرية ...
رغم أن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» قد سنت وأقرت على مدى سني الاحتلال أكثر من 1500 قانون عسكري يمس المعتقلين لجهة اعتقالهم وكيفية التعامل والتحقيق معهم، والوسائل المسموح باستخدامها معهم للتحقيق والتعذيب، بالإضافة إلى سلسلة كبيرة من القوانين والتشريعات التي تنظم عمل القضاء العسكري، والإجراءات الواجب اتباعها في محاكمة المعتقلين الفلسطينيين على خلفياتٍ أمنية، فقد حفظ الفلسطينيون ومحاموهم الكثير من هذه القوانين وخبروها، ورغم إدراكهم بأنها قوانين مجحفة وظالمة، وأنها تعتدي على حقوق المعتقلين ولا تمنحهم أي فرصة للتمتع بمحاكمة عادلة، أو الاستفادة من حقوقهم التي تنصُّ عليها مختلف القوانين الدولية، إلا أن الفلسطينيين يدركون أنهم لا يحاكمون على أسس قانونية وقواعد قضائية، وأن «القضاة العسكريين الإسرائيليين» لا تحكمهم القوانين والنظم واللوائح خلال ترؤسهم للمحاكم العسكرية، ولا يصدرون أحكامهم بناءً على نصوص مكتوبة أو سوابق قضائية مجازة، وإنما يلجأون إلى الاجتهاد والنصوص والسوابق والمزاجية والاستشارة والاستنساب والرأي وغير ذلك لإصدار أحكامهم، بما يخلق خلطاً في القوانين، وعشوائية في التطبيق، واستنسابية في اختيار القوانين والأحكام، الأمر الذي يجعل من الصعوبة على المحامين أو المعتقلين تخمين الحكم، أو معرفة الأساس الذي تمت عليه المحاكمة، بما يجعل من الرجوع إلى المستندات القانونية ضرباً من الخيال أو الاستحالة، بل إن المحاكم نفسها تصدر أحكاماً مختلفة في نفس القضية على التهم ذاتها ضد أكثر من مشتركٍ فيها، كما أن المحاكم التي تنظر في قضايا متشابهة لا تشعر بأنها ملزمة بتطبيق القوانين ذاتها أو إصدار الأحكام ذاتها.
على الرغم من أن «القوانين العسكرية الإسرائيلية» المختلفة تجتهد في محاصرة المعتقلين، وتحرص على عدم وجود أي ثغرة في ملفاتهم بما يحقق لهم الاستفادة من القوانين، إلا أنها تهمل في الجوانب الأخرى مما يخدم المعتقلين، ويحقق لهم محاكمات عادلة، ومنها الإبطاء في إجراءات المحاكمة، بل وتراكم القضايا المعروضة على هيئة قضائية واحدة، وقد تزيد أعداد القضايا التي لم ينظر فيها خلال سنة إلى اقل من الف قضية بقليل.