أنت هنا

قراءة كتاب الحياة الروحية في الإسلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحياة الروحية في الإسلام

الحياة الروحية في الإسلام

كتاب "الحياة الروحية في الإسلام - مفهومها و أسسها في الكتاب والسنة"، تأليف الأمام يوسف القرضاوي، يقول في مقدمة كتابه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

أسس الحياة الروحية فـي الإسلام

وإذن الحياة الروحية ، هي التي تقوم على نقيض هذا ، فهي تقوم على أُسُس اعتقادية ، وتقوم على أُسُس علمية ، وعلى أُسُس عملية ، وعلى أُسُس وجْدانية وعاطفية ، هذه هي الحياة الروحية في الإسلام .

الأسس الاعتقادية للحياة الروحية

الحياة الروحية في الإسلام تقوم على عدة أسس اعتقادية

الأساس الاعتقادي الأول : التوحيد (الإيمان بالله)

تقوم أول ما تقوم ، على الإيمان بالله تبارك وتعالى ، على أن لهذا الكون ربًّا ، الإيمان بالله بارئ الكون ، وخالق الإنسان ، وواهب الحياة ، هذا هو أصل الحياة الروحية ، الإيمان بالله تبارك وتعالى ، الإيمان بالله الواحد ، الذي تدل عليه الفطرة السليمة ، والعقل الرشيد ، ومن أنكره وقت الرخاء أعترف به وقت الشدة .
لقد فكَّر الناس على اختلاف مستوياتهم ، واختلاف ألسنتهم ، واختلاف بلدانهم ، في هذه (القوة العليا) أو (الذات الإلهية) التي يشعرون بها في أعماقهم ، يتجَّهون إليها في أشد الأوقات ، ويمدُّون إليها أيديهم داعين ومتضرِّعين في المحن والشدائد ، ويسألونها ما تعجز عنه قواهم الظاهرة ، وإمكاناتهم المعتادة ، فكثيرا ما تستجيب لهم ، وتلبِّى مطالبهم ، وتقضي حاجاتهم ، ثم سرعان ما ينسَونها ، وينشغلون عنها ، إذا واتتهم العافية بعد البلاء ، والسرَّاء بعد الضرَّاء ، وهو الذي صوَّره القرآن تصويرا بليغا دقيقا من حياة الإنسان في الشدَّة والرخاء ، والبأساء والنعماء ، بقوله تعالى :( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [22] فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ ۖ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [23] إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْنَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (يونس:22-24) ، إن بعض المؤمنين يشعرون أن وجود الله تعالى ليس في حاجة إلى دليل يثبته ، بل يحسبون أن وجوده تعالى أظهر من كلِّ حقيقة ، ويقولون مناجين له : كيف يستدلُّون عليك بما هو في وجوده محتاج إليك؟
التوحيد هو أساس الحياة الروحية ، أن تعتقد أنه لا ربَّ إلا الله ، وهذا ما يسمُّونه توحيد الربوبية .
وأن لا تعبد إلا الله ، لا تتَّجه بعقلك ولا بقلبك ولا بعبادتك إلا إلى الله تبارك وتعالـى ، وهـذا ما يسمُّونـه توحـيـد العبـادة ، أو توحيد الألوهية ، أن تُفرد الله بالعبادة والاستعانة ، وهذه هي حقيقة التوحيد التي أكَّدها القرآن ، وغرسها الإسلام في نفس المسلم ، حينما فرض عليه أن يقول كلَّ يوم تاليا ، ما لا يقل عن سبع عشرة مرة ، ) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) (الفاتحة:5).
هذا هو مبدأ الحياة الروحية ، التوحيد ، أن لا تشرك بالله أحدا ، ولا تشرك بالله شيئا . وهذا هو ما كان يدعو إليه النبي * ، أمراء الأرض وملوكها وأباطرتها من أهـل الكتـاب ، حيـن يدعوهـم أن يُسلِموا ليَسلَموا ، ثم يختم رسائله إليهم ، بهذه الآية : ) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍبَيْنَنَاوَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (آل عمران:64) (3)، التوحيد ، الإيمان ، هو أصل الحياة الروحية .

الصفحات