رواية (حلم المساء الأخير)؛ انحنت كاندي إلى الأمام، وبدت عيناها البنيتان الكبيرتان صادقتين وهي تقول: "اسمعي! مرّ على وجودك في لندن ما يزيد عن الشهرين وها هي أمسية رائعة من شهر حزيران، فالأجواء لطيفة وجميلة جداً كأنها تدعو المرء إلى الخروج من المنزل.
قراءة كتاب حلم المساء الأخير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
رفعت جينا رأسها متفاجئة، فنظرت إليه بشكل مباشر لأول مرة منذ دخوله إلى الغرفة. نظر إليها هاري وهو يضع يديه في جيبي سرواله فيما فتح عينيه الرماديتين جزئياً فبدت تعابيرهما مبهمة. كانت جينا قد لاحظت مسبقاً قدرته على إخفاء يفكر به. لعل ذلك جزءاً لا يتجزأ من شخصيته التي جعلته ناجحاً جداً بقدراته الخاصة منذ أن غادر الجامعة ليعمل خارج البلاد. في البداية عمل هاري في ألمانيا ثم في النمسا وأخيراً في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى هنا. بعد أن ترك مركزاً رفيعاً جداً ذا راتب خيالي في سلسلة ضخمة من الشركات المنتجة للمواد الطبية في أميركا. وذلك حين عاد لمساعدة والده. علمت جينا هذا من دايف، أما هاري فلم يتحدث أبداً عن ماضيه. وحين كانت تطرح عليه الأسئلة الغريبة عن ماضيه، كان يرد بأجوبة مختصرة ذات كلمات من مقطع واحد. حاولت أن تستجمع أفكارها فصعب عليها ذلك فيما بدا هاري واقفاً أمامها وقد بدا رائعاً وسيماً إلى حد الخطيئة. قالت: "سيارتي؟ علمت أنني سأبدو متأثرة لمغادرتي اليوم فقررت القدوم بسيارة الأجرة".
لم يكن ذلك إلا جزءاً من الحقيقة. في الواقع هي لم تكن تعلم ما الذي ستشعر به حين تصبح معرفتها أنها لن تراه مجدداً حقيقة واقعية. استقام هاري في وقفته وقال: "ما من داع لذلك. سأوصلك إلى منزلك".
لا! لا! لا! رأت جينا سيارته من قبل، إنها سيارة رياضية رائعة، وهي تسير كالبرق المشحون. ستشعر أن الأمر إغواء ذو إطارات، لذا قالت: "شكراً. لكن ذلك ليس ضرورياً. نحن لن نذهب في الاتجاه نفسه كي توصلني".
ابتسم هاري، فتساءلت جينا إن كان يعلم أن تأثير ابتسامته مدمر على الجنس الآخر. على الأرجح أنه يعلم. فكرت بذلك بسخرية أليمة. تشدق هاري بتكاسل: "إنها أمسية ربيعية جميلة، ليس لدي ما أفعله، فأنا أملك كل الوقت الموجود في العالم".
- لا! حقاً. سأشعر بالسوء لجعلك تتحمل مثل هذا العناء.
مسح هاري جانباً رفضها اليائس، وقال: "أنا مصر".
- وأنا أصر على أن أستقل سيارة أجرة.
يمكنها أن تكون مصرة على رأيها مثله تماماً. سوف تعاني من الاذلال الشديد لأنها تكن له المشاعر هباء، لذا يستحق الأمر منها هذا الالحاح.
- لا تكوني سخيفة.
مشى هاري متجهاً نحوها، فربض على مكتبها كعادته، ثم رفع ذقنها فنظر إلى عينيها وقال برقة: "أنت تشعرين بالتوتر لمغادرتك، ولا عجب في ذلك. عملت هنا منذ الأزل، فمن غير الممكن أن أتخلى عنك لسيارة أجرة مجهولة الهوية".
لم تعجبها عبارة "منذ الأزل" مطلقاً. من تراه يظنها... ميتوسيلا من كتاب التاريخ؟ كما أنها مقتت نفسها بسبب انقباض كيانها بأكمله تحت وقع لمسته. حسناً! هو يقوم بهذا التصرف بشكل عابر مهما يكن. قالت له بتصلب: "أنت لا تتخلى عني. إنه خياري أنا".
- إنه خيار سيء.
انزلق هاري بعيداً عن المكتب، فمشى نحو الباب وفتحه قبل أن يستدير نحوها ويتابع: "وبالتالي هذا يبرر لي بالكامل أن أرفض خيارك. سوف أحضر معطفي".
صرخت جينا فيما اختفى خلف الباب: "هاري!"