أنت هنا

قراءة كتاب حبيبتي تنام على سرير من ذهب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حبيبتي تنام على سرير من ذهب

حبيبتي تنام على سرير من ذهب

كتاب " حبيبتي تنام على سرير من ذهب " ، تأليف محمد عيتاني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

وقال موقوف آخر: نابوليون؟ هيدا يلي ما قدر فتح عكا؟ ما بعرف بس هيدا نمرو تلاتي. بيكون من العيلي. موقوف آخر أبرص، قصير: هيدا بطر . كفر. قرب يوم القيامي، ألف وخمسمية كيلو فضة! الناس كفرت! بكرا بدو يجي أعور الدجال! موقوف آخر ذو لهجة سورية ودشداشة حلبية وطاقية بيضاء قذرة: ليش موشى دايان ما أعور مظبوط؟ ما هو دجال ونصف! صرخ الشرطي: اسكت إنتي وياه. وكمان جايين هون تحكو سياسة! سدوا بوزكم. ثم يخاطب زميله الجالس في الغرفة الشرقية، وراء السجلات والملفات: ألف وخمسماية كيلو فضة يا فريد أفندي. الله يطعمك ـ يطعمني شويا. سأله فريد أفندي من الغرفة التي أقفلت من الشرق دون أشعة شمس الضحى: يطعمك نصفهم! بيكفيني يا سيدي نام ليلي واحدي عا ها السرير مع اللي بدي ياهم. وصاح صوت عريض حازم من وسط الطاولة المقابلة وفي الغرفة الشرقية أيضاً: انضباط! وبلا كترة حكي! الموقوف التالي يتقدم! كان الدور لأبو حسين أحمد العتال، فتقدم بقامته المربوعة، وهو يذوب خجلاً ويغلي غضباً ويتمزق ندماً وحسرات، وفي مثل لمح البرق قال في فكره: شو كان بدك بكل ها القصا؟ مين بدو يدير بالو عالمرا والولاد؟! بكرا جايي العيد. مين بدو ياخذ ديك للعيلة ويشتري لهم فشفيش وطرطيق وياخدهم عالحرش يطعميهم مخلل أحمر، ومقانق مقلي بين شجرات الصنوبر الخضرا ويطلعهم بالدويخات الملونة العالية.

إبنك زين العابدين، الصغير يحب أكثر من كل شيء، الحصان الخشبي الأزرق الذي يدور تحت جنزيره الحديدي محاطاً بفرح الأولاد وضحكاتهم. شو كان بدك بكل هالشغلي، اللي بياكل سكر ولا عمرو ما ياكل! وقال له أبو برنيطة حمرا: إذا حكيت كلمي واحدي انو ضربناك بتعرف شغلك! زم أحمد العتال شفتيه تحت شنبه الأسود الغزير ولم يجب. معاون الكومسيير يحدجك بنظرة هادئة، ساخرة لكنها تتوهج بالغضب والتهديد: هيدا هوي البيك اللي فتح سبيل سكر للعالم. ـ هيدا هوي سيدنا كان روحنا اليوم كمان! يعني قبضاي. قبضاي غصباً عنك. بس يا إمام علي، شو كان بدك بكل هالقضية. إسمك. مهنتك. عمرك. أبوك. أمك. مذهبك. مكان الولادة. خود نفس. السوابق.

كاد أبو حسين العتال يقول له: سوابق قليلي. بس احتلينا جاركم حبس النسوان سنة 1958، وسنة 62 اشتركت بإضراب عمال المرفأ وعورت كومسيير! لكنه لزم الصمت. لشو كترة الحكي؟ استجواب طويل. حكيت اللي صار تمام. شيئاً فشيئاً أبو نقولا معاون المفوض، الطويل الجسم الشائب، بملابسه الكاكي، وقبعته الصفراء قربه على الكرسي، لم يستطع أن يقمع ابتسامة أقوى من ضحكة مجلجلة وسأله:

- ما عيب عليك جايي تقابل الحكومي مظلط هيك؟ لم يجب أحمد العتال.المعاون: طيب، إذا كان الشيخ بطرس الخوري وشركاتو طيبين معكم، وبيعطوكم ريق حلو، ضروري تركبوهم؟ قال أحمد العتال، وقد هدأت جوارحه، وأحسّ أن الجو غير معاد له تماماً في ناحية أبو نقولا: ـ يا سيدنا ما ركبناهم ولا شي. كل شي عملنا بخشنا كيس سكر وإجو الناس، وكل واحد أخذ شوي! ـ برافو وهالسكر هيدا مال أبوك؟ لا سيدنا، بس حزن قلبي عا جارتنا أم السبع الختياره البهلا أم سبع ولاد. سأله المفوض وهو يكاد ينفجر غيظاً: إشبها أم سبع بزاز؟ جارتنا أم السبع الختياره البهلا اللي ساكني وراء الجامع إجت مبارح عبكرا لعندي قبل ما روح عالشغل، فاتت لعندنا عا حوش شومان قرب.. المسلماني وطلبت نتفة سكر تا تعمل شاي لولادها.

- طيب وإنتي ملزوم تشرب أم سبع بزاز شاي؟ وعالبور، شو دخل البور بخالتك أم سبع صرامي؟

- سيدنا ما دخلوا شي! بس بعد ما ركبت السرفيس لصوب الأوتوماتيك تا روح عا شغلي في مستودعات الشيخ بطرس الخوري وشركاتو عالبور صرت فكر وفكر: شخص واحد، عندو جبال سكر، مزتوتين بالديبويات (المستودعات) كل يوم لو باع ميت كيس بيضل عندو ألوف الكياس، وألفان أو ثلاثة آلاف شخص فقير في زاروب العليّي والمسلماني وعيشي بكار ما معهم حق رغيف أو حق وقية سكر؟!

- طيب، عال. خلص يعني بتعترف بأنك بخشت كيس السكر.

- لأ. ما أني بخشتو.

- لكن مين بخشو؟ النبي كيكي؟

- لأ. الشرشور عملها.

- ومين كان ماسك الشرشور؟

صمت أحمد العتال. وأصبح شنبه الأسود وعيناه السوداوان الغامقتان الواسعتان، مباشرة في مواجهة أبو نقولا، معاون المفوض.

- رد. ما عندي وقت كتير. وأخرج كرباجاً من غضروف العجل من درج الطاولة ووضعه عليها في هدوء، وقال بلهجة باردة لكنها زاخرة بالتهديد: إحكي متل العالم وحياة العدرا إذا صرت تلوفك هيك وهيك بكفي عليك! كانت الدماء القانية المتوهجة قد عادت تسيل من جرح بالغ في صدر أحمد العتال العاري، ومن بين أسنانه حتى سالت على صدره وبطنه وأصابع رجليه: هلق رد عالسؤالات ومتل ما لازم. ونهض أبو نقولامن مقعده، ممسكاً بالسوط، واقترب من مكان جلوس أحمد العتال، الذي بدأ يتحفز لعمل ما.

أبو نقولا: ـ مين بخش كيس السكر؟

- الشرشور؟

الصفحات