قراءة كتاب تاريخ لبنان الطائفي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ لبنان الطائفي

تاريخ لبنان الطائفي

كتاب " تاريخ لبنان الطائفي " ، تأليف د. علي عبد فتوني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

وخلال حكم الأمويين، ثم العباسيين استقرت في المناطق اللبنانية روافد سكانية عديدة، من المردة ومن أتباع القديس مارون الذين نزحوا من وادي العاصي إلى جبل لبنان القديم، ثم نقل المنصور العباسي قبائل عربية من منطقة حلب إلى شواطىء لبنان، وأبرزها قبائل التنوخيين، حيث كانت بداية هجرات واسعة لقبائل عربية انتقلت إلى المناطق اللبنانية لحمايتها من غزوات البيزنطيين ثم الصليبيين، ولعبت دوراً أساسياً في قمع انتفاضات السكان المحليين خصوصاً بعد ثورة المنيطرة عام 759 م[8]. واقتفى أبو جعفر المنصور طريقة معاوية في نقل قبائل عربية إلى المناطق اللبنانية، فأقطع الأميرين منذر بن مالك وأخاه ارسلان زعيمي قبائل لخم الساكنة في المعرّة شمال سوريا، مقاطعات واسعة من أراضي لبنان. واتخذت هذه القبائل سن الفيل عاصمة لها. ثم انتشرت في أنحاء لبنان وتوزعت إلى اثنتي عشرة جماعة لكل منها منطقة خاصة بها. وعلى رأس كل جماعة مقدم يدير شؤونها ويتبع الأمير الحاكم.

لم يطل الأمر حتى انفجر الصدام بين السكان المحليين النصارى وبين القبائل الوافدة، وكانت أبرز المعارك، معارك نهر بيروت وانطلياس ونهر الموت (الذي سمّي بهذا الاسم منذ ذلك الحين)، وسن الفيل، وكانت النتيجة هزائم متكررة للنصارى حيث اضطروا في نهايتها إلى الانطواء داخل قراهم الجبلية. وتتابعت مع اللخميين هجرات القبائل التنوخية أيام الرشيد والمتوكل، فسكن التنوخيون مناطق الباروك والغرب ووصلوا إلى كسروان في أوائل القرن التاسع للميلاد[9] .

انطلاقا ً من ذلك عاشت المناطق اللبنانية برمتها حالة مستمرة من الفوضى السياسية وعدم الاستقرار والمصادرة والاغتيال ، وكان الحكام يتغيرون بصورة مستمرة . وبرز الكثير من المغامرين والطامحين لتولي الحكم ، وأضحت النزاعات والغزوات المتواصلة بين القبائل الوافدة وبين السكان المحليين السمة الأساسية المميزة لتطور هذه الفترة ، حيث كانت النتيجة الحتمية لذلك أن انقلب الانفتاح بين القبائل والطوائف المحلية إلى انغلاق ( شبه كامل ) فيما بينها .

وبالرغم من أن هذا الانغلاق الاجتماعي والسكاني تميز في معظم الأحيان بتكتل سياسي ذي وجه طائفي واضح، فإن الطوائف اللبنانية انصرفت في هذه الفترة المضطربة إلى الحفاظ على المناطق التي تسيطر عليها ومحاولة التوسع على حساب جيرانها[10] . إلّا أنها لم تشكل نوعا ً من الاتحاد السياسي على أساس ديني ، بل بقيت كل طائفة تسكن منطقة خاصة بها وتشكل تكتلا ً مميزا ً، وكانت هذه الطائفية المختلفة تعيش في المناطق اللبنانية ، رغم تقاربها في المكان ، منعزلة تقريبا ً الواحدة عن الأخرى .

الصفحات