أنت هنا

قراءة كتاب فلسطين والفلسطينيون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلسطين والفلسطينيون

فلسطين والفلسطينيون

كتاب " فلسطين والفلسطينيون " ، تأليف د. عصام سخنيني ، والذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2003 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

(2) كنعان: التسمية الأقدم

شاع استخدام اسم كنعان بين المؤرخين المحدثين للدلالة على المنطقة الواقعة ما بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط وامتدادا من جبال طوروس في الشمال إلى تخوم الصحراء العربية في الجنوب· وتحصر الحكايات التوراتية التسمية في أرض فلسطين وهي تشتق اسم الأرض من اسم القوم (الكنعانيين) الذين كانوا يسكنونها عندما دخلها بنو إسرائيل أول مرة بقيادة يشوع بن نون خليفة موسى الذي قادهم في خروجهم من مصر· ووفق الخرافة التوراتية فإن اسم الكنعانيين مشتق من كنعان بن حام (أحد أبناء نوح الثلاثة إلى جانب سام ويافث) الذي تصب عليه التوارة اللعنة على لسان نوح الذي كرسه هو ونسله ليكونوا عبيدا لسام ويافث ونسلهما من بعدهما(5)·

وبعيدا عن الحكايات الخرافية التوراتية، والتي لا نبرئ بعض الكتابات التاريخية المحدثة من شبهة التأثر بها عندما جعلت كنعان اسما توراتيا، فإن المشرق القديم(6) قد عرف اسم كنعان واستخدمه للدلالة على مناطق تقع إلى الشرق من البحر المتوسط وامتدادا إلى الفرات· وربما يعود أقدم هذه الاستخدامات (إلى أن يتبين ما هـــو أقدم منها) إلى أواسط الألف الثالثة قبل الميلاد، أذ تدل اللقى الأثرية المكتشفـــة حديثــا على أن سكان هذه المنطقة كانوا يشيرون إليها آنذاك باسم كنعانم(Ca-na-na-um(7

كذلك نجد اسم كنعان يتكرر في بعض الوثائق السورية القديمة مثل نص إدريمي ملك ألالاخ (وهي المملكة التي ازدهرت خلال النصف الأول من الألف الثانية قبل الميلاد في الشمال الغربي من سورية قرب أنطاكية)، إذ يتحدث إدريمي (الذي عاش بين 0 7 5 1 و0 0 5 1 ق·م) في هذا النص عن هروبه من ألالاخ عقب انقلابسياسي عليه ولجوئه إلى مدينة أميّا في أرض كنعان، وهذه المدينة تقع على الساحل قرب طرابلس الحالية(8)·

كما نجد الاسم يتكرر في الوثائق المصرية القديمة وأقدمها رسائل تل العمارنة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد(9)، ومنها رسالة كتبها رِب عدي ملك جبيل (على الساحل اللبناني حاليا) إلى الفرعون يشكو فيها تعديات عازيرو ملك آمورو، ويقول في نهايتها إن في مدينتنا جبيل ثروات كبيرة لمولاي الملك جاءت من أسلافنا، فإن لم يتدخل الملك من أجل المدينة فإنه سيفقد كل مدن كنعان(10)· وورد ذكر كنعان ـ في الوثائق المصرية ـ في النصب الحـجري الذي نقش عليه الملك مرنفـتاح (2 1 2 1-3 0 2 1 ق·م) أخبار انتصاراته على الليبيين في السنة الخامسة لحكمه وقد فاخر فيه بالإضافة إلى ذلك بانتصاراته على بعض الشعوب الآسيوية(11)· وقد جاء في النص إن كنعان قد نهبت بكل شرورها(12)·

ولنص مرنفتاح قيمة خاصة في التعرف على مصطلح كنعان وارتباطه بالأرض الفلسطينية ارتباطا عَلَميا· فالنص يدرج إلى جانب كنعان اسماء مدن تقع في الأرض الفسطينية ومنها تحديدا عسقلان (أشكلون Ashkelon ) وجازر Gezer وهو أمر لا يدع لنا مجالا للشك في أنه أشار بكنعان إلى هذه الأرض، لكن دون أن نعلم يقينا محدداتها الجغرافية· وهذا يفضي بنا إلى القول باطمئنان بأن الأقسام الجنوبية الغربية من سوريا كانت تعرف بأرض كنعان وأن الاسم كان متداولا بين شعوب المشرق فكان أن فرض نفسه على هذا النص المصري قيد البحث هنا·

أنشأت الأقوام التي تعرف بالكنعانيين (نسبة إلى ارض كنعان بعموميتها التي تشمل سوريا الكبرى وخصوصيتها التي تقتصر على الأجزاء الجنوبية الغربية منها) حضارة مزدهرة استمرت طوال عصر البرونز (من سنة 0 0 0 3 ق·م· إلى سنة 0 0 2 1 ق·م) ووصلت إلى ذروة عطائها في عصر البرونز الأخــير (0 0 6 10 0 21 ق·م·)(13)· غير أن هذا العصر انتهى بكارثة مناخية واقتصادية عندما كان المناخ يميل نحو الحرارة والجفاف والتصحر الذي وصل ذروته حوالي العام 0 0 2 1 ق·م· في اليونان وجزر المتوسط والأناضول وسوريا (ومنها أرض كنعان)· ومع تزايد تأثير الجفاف تعرضت المناطق السورية عامة، وهي الأكثر تأثرا به، لخسارة كبيرة في سكانها الذين أخذوا بالجلاء عنها تدريجيا نحو المناطق الأبطأ تأثرا بالجفاف أو نحو البراري متحولين إلى رعاة متنقلين·

الصفحات