كتاب " خطاب عن الاستعمار " ، تأليف ايميه سيزير ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب خطاب عن الاستعمار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
خطاب عن الاستعمار
ملاحظة ثانية
تنزلق قطرة من مطر الشتاء من على الرقبة نزولاً الى العمود الفقري إلى حيث تنتظر المناشير يدك لتصل.
لا ترمها الآن...
عيناه تطوفان حول طاقم اللحى والقمصان المزرّرة الذي يسير قدماً. يسحب كتاب الصف الثامن الأدبي، يلجأ الكتاب إلى خيمةٍ من يديه المبللتين وأنفاسه المرتعشة وصدره:
...أتكلّم عن مجتمعاتٍ استنزفت من جوهرها (اللحى تحدق داخل الكتاب)، ثقافات مُرِّغَت تحت الأقدام (القمصان المزرّرة تزن الحقيبة)، مؤسساتٍ ملغّمة (المسبحة تفتش الجيَب)، أراضٍ صودرت (المسدس يرصد الكلمات)، دياناتٍ سحقت (العقائدية تداعب الزناد)، إبداعات فنية مذهلة دمرت (أحذية الجيش تبتسم بتكلّف)...
لا تصوِّب عينيك على الجزمات الملمّعة، وإنما على صورتها المتموِّجة. مطر الشتاء المنهمر يجرفها بعيداً، وينتشلها من البقعة.
علينا أن نغادر قبل أن يعودوا ثانيةً…
قطرة تتدلى من على السقف بثقل، بخجل، في مباني مشفى غزة في صبرا/ بيروت. أسمع العاصفة. يتكلمون معي عن التطور، عن «إنجازات»، شفاء الأمراض، مستويات العيش المحسنة... القطرة تسقط أخيراً على بياض الصفحة، بقعة تنتشر مع سواد الكلمات. هذه المرّة الكلمات المتسربة، العائمة بتدفق، هي بالإنكليزية، وقد ترجمت إلى العربية.
لقد مرّ أكثر من عقدين. الجسد المعذّب، للذي قرأ سيزير في ذلك اليوم، مدفون في لعنت آباد (ساحة اللعنة) في مقبرة شيراز. والآن تبقى الذاكرة كالحدث كما هي القطرة. كلية الوجود.
ابن سائق الشاحنة