أنت هنا

قراءة كتاب راوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رواية

راوية

كتاب " راوية " ، تأليف هنا فرح حلاحل ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

فمن هذا المعتقد التخيليّ؛ جرت الحوادث في سردها؛ عن كلّ ما راقها من فكر، ورائعة خيال!... فأصبحت المجريات جدّ طبيعيّة، كما لو أنّها منازعات، ضمن مجموعات بشريّة، وليست منتقاة من خيال!... فالفكر أنسن الجماد، والحيوان، والزّهر، والعشب، والشجر!... واستقى من تغريد الطيّر، الحكايا، والعبر!... ترسَّخت في تشعّبات دماغ الضّحى، بسببٍ من حادثة والدها، مزايا عديدة؛ منها اليقظة، والحرص، والتنبّه لما سوف يحدث؛ فيما لو خلص ما هو في متناول اليد! وكيف يجب أن تعلن الحرب؛ على من بإهماله للأرض؛ أتلف الزَّرع!.. وأن ما من مخلوق، إلَّا وله قدرة طبيعيّة على متابعة الحياة؛ إن بالكفاح، أو بالحرب، أو بالتَّخفِّي، من وجه عدوٍّ واحدٍ، أو من أعداء!... فإمّا بالمماطلة، لكسب الرِّضى، أو الوقت؛ وإمّا بالعراك، أو بالسِّلم؛ أو بتقاسم الأرزاق!...

تعلَّمت الضّحى، من كلّ ما يحيط بها، الحرص؛ على أنّ دوام الحال، لهو من المحال!... فكانت تتحسَّب للحوادث، وللأحزان إذا ما أتت؛ وعلينا وقعت!... فالمخزون من العاطفة، يتدفَّق حناناً؛ عندما يخفّ العطاء، لسببٍ من الأسباب؛ تماماً، كما تتشبَّع الأرض بالماء، إبّان فصل الشِّتاء!... فإذا ما أتى الجفاف؛ تكون الجذور الممتدَّة في الأعماق، والرَّاسخة كالأساسات؛ رطبةً، فتبقى حيَّة، وتقاوم اليباس؛ متطلِّعة إلى تغيّر المناخ، ومنتظرة رجوع العواصف من السفر البعيد، آملة بشقلبة التربة، جراء زخم رشقات الماء؛ بقوّة هطل الأمطار، من أعلى الغيمات، وما فوق السّحاب!..

الحبّ يغمر كلّ الخلائق!

عندما نتأمَّل تكاثر المخلوقات؛ فيما حولنا، نجد الحبَّ، والملكيّّة، والاستشراس في الدِّفاع عن حقّ الأمومة، والأبوّة، في كلّ ما وجد عليها!...

فالوالد يحمل طفله، وهو ما زال ابن ساعته، برفق، وحنان، لأنَّه له!... ومن حبِّه أتى!.. وبه سيستمرّ!... ومن أجله، يستسهل العمل!... والأمّ التي تنفصل عن مباهج العالم كلّه؛ لتحنو على رضيعها؛ وتكلِّمه، وهو ما زال في المهد، لأنَّها تريده أن يشعر بحبِّها؛ ويستمع إلى نصائحها، لأنَّه بحاجة إلى ملجأ حبٍّ في الحياة!... وهي، وحدها حبّه الأعظم؛ ولمدى الحياة!... إن كان الله قد خصَّ الإنسان بالتخاطب، في جميع اللّغات؛ فلماذا لا نتخيَّل لغاتٍ أخرى؛ يتداولها غيرنا، من المخلوقات؟!... أصوات، لا تصل إلى مسمعنا؛ لأنَّها غير مبرمجة، على ذبذبات آذاننا!... فلنتخيَّل أنفسنا، سواسية، مع كلّ ما يحيط بنا!.. ولنعش؛ ولو بالحلم، تجارب، نتمثلها؛ وكأنّنا نحن هم!... فنستمع إلى شكواهم؛ ونشعر معهم؛ كما لو أنّ ما أصابهم؛ أصابنا!...

تمرّ قطةٌ؛ ولدت، تواً، صغارها، فإذا بها تنقل الواحد، تلو الآخر، إلى مكان آمن، ممسكة بالواحد منهم من رقبته، برفق؛ فإذا أفلت من أنيابها؛ التقطته ثانية، وأوصلته إلى المخبأ الذي تجمع فيه كلّ صغارها!...

- « من يَجْروء على أخذ قطٍّ، من صغارها»؟!... « أو لمسه»؟!.. فلسوف تهجم عليه، وتخرمشه بمخالبها!... ولربَّما، تقتلع للمعتدي، عيناً، أو تخدش إلى العمق، وجهاً؛ كان ينضح حباً، وجمالاً!... فأصبح، بعد معركة الدِّفاع عن الملك، مشوَّهاً!... بسبب أثلام المخالب؛ التي حفرتها القطّة في سيماء الوجه الصبيح، وفي كلّ أنحاء الجسم، والأطراف، بوابلٍ من الأحقاد، والسّباب، ودعوات القلب؛ على المعتدي بالهلاك؛ بعد إنزال أشدّ أنواع العذاب، على كلّ أفراد عائلته؛ ابتداءً بالأطفال!...

الصفحات