كتاب " راوية " ، تأليف هنا فرح حلاحل ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب راوية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

راوية
المسْتَغْيَب، هو طائرٌ أليف!
سؤالٌ، يخطر على البال، في كلّ مرَّةٍ يذاع فيها سرّ للأنام؛ ولا يعرف من هو الذي أفشاه؛ فيقال عن المستغيب؛ بأنّه عصفور، كان قد حطّ على الشّباك؛ فسمع ما جرى من أحاديث، لأهل الدّار، ثم فرَّ، وطار!... لا أحد يتّهم الببّغاء التي تعيش، في قفصٍ قريب من مدخل الدّار؛ وتستقبل الزَّائرين بكلمة: « أهلان»، أو «أهلاً وسهلاً»!...
فهذا الطائر، هو من الألفة، بمكان كلّ أفراد العائلة، فكيف يتجسَّس على من أولوه الثَّقة، وأسكنوه سكن الأحبَّة، وتركوا له باب القفص مشرّعاً، ليدخل إليه طائعاً، مختاراً!... أو يخرج منه ساعة يشاء؟!... فالفضاء له مرتع، وكذلك الأرض، وما عليها، ليتمتّع بما يشاء!... فالشكَّ هو قاتلُ السَّلام!... وأفضل الحروب هي التي بدأت الاتِّهام « بمجهول»!... وإنّ، من الذي أشعل الفتيل، هو طائرٌ أليفٌ، ولكنَّه ثرثار؛ ولا يؤتمن على الأسرار!...
ببّغاءٌ، خارقة الذَّكاء، أصدرت الأحكام!..
ببغاء، أتى بها صاحب البيت، من أقاصي الأرض؛ كونه عرف عن أدائها؛ بالنّصّح، والإرشاد، الشَّيء الكثير؛ ممَّا دفعه إلى شرائها، بأبهظ الأثمان؛ لتدلّه على ما يدور حوله من خراب!... ففي عائلته تنوّع ، في المفاهيم، والأخلاقيات؛ وفيهم المسكينة، والمغلوب على أمرها؛ لأنّ أمّها متسلّطة؛ وتتدخل في أمورها، تدخّل عشواء؛ لتقلب ما بوسعها أن تقلب!... ولا يهمّها؛ إن كان قلب ابنتها قد تكسَّر!... فالمهمّ عندها؛ إنّ ما أقرت به، قد نفِّذ؛ وعلى مرأى من الذين حولها، ليشهدوا على أنَّها الأقوى، بين البشر!... وشهدت هذه الببغاء، ما كان يحدث في ذاك البيت؛ إن في العلن، أو في الخفاء!... فهي تقرأ الأفكار، وتدوِّن على الورق؛ كلّ ما تراه من أعمال للخير، أو للشَّغب!... قالت الببَّغاء بأنّ الحبَّ لا يرضخ؛ إذا ما أخضع للمعايرة!... وحكت قصَّة الشابّ الذي عاد إلى بلدته زائراً؛ بعد أن هاجرها، مع أهله، وأخوته الصّغار، منذ سنوات!....
وككلِّ مغترب عن لبنان؛ بقيت في ذاكرته صور الطفولة، والبيت، وما فيه من حنان!... عاد هذا الشابّ، فوقع نظره، صدفةً، على فتاة، فأحسَّ نحوها بالإعجاب! بادلته هي هذا الشّعور؛ ورافقته في تنقّلاته، إلى أماكن، شهدت التَّنامي في حبّهما، من يوم إلى يوم!..
لا شيء يخفى على أهل؛ هم على تيقظ دائمٍ لمعرفة أخبار ابنتهما البالغة الرّشد، والمؤمَّل بها أن تتزوَّج شاباً، ينتمي إلى نسب عريق؛ وله نفوذ ، ومركز مرموق!...
هذا كان طلب أمّها، التي حاولت أن تنمِّي فيها، روح المكابرة على الفقراء من الناس؛ لتحثّها على مسايرة الأغنياء!... وحدث مرّة أن كانت هذه الفتاة تستمع إلى أمِّها، وتتَّعظ بما أقنعتها، من مشاكل في الغد، على بابها تنتظر؛ إن هي أقدمت على الزَّواج، من غير رضى الأهل؛ لذلك، تزعزعت ثقة الفتاة بنفسها وبالحبّ!... فكانت تصمم على الانفصال العاطفي، مرَّة، من هذا الشابّ، ثمّ لا تلبث أن تعود إليه، بسبب ما تراه فيه من خصائل تحمد!... فالشّاب قضى في بلد الاغتراب، من السَّنوات عمراً أكسبه خبرة في معرفة النساء!.. فهي فتاة جميلة، ومثقفة، وتعجبه، لما لديها من قدرات على التَكيُّف مع كلّ ظرف من ظروف الحياة!... ولكن، هناك ما يمنعها من الارتباط به؛ وهذا ما يجعلها تتهرَّب من قبول طلبه لها، منه بالزَّواج!...