"يوميّات شفق الزّغلول" نصّ طويل يعيد نسج الكينونة الفلسطينيّة المتمزّقة بفعل الحدود وألعاب السّياسة والجغرافيا، بالإضافة إلى محاولته تأريخ هذه الكينونة بكلّ ثقلها المادّيّ والرّمزيّ بأسلوب استعاريّ لا يُلغي البُعد التّسجيليّ الوظيفيّ.
أنت هنا
قراءة كتاب يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
اليوم الثّاني والثّلاثون:
مِن هناك:
- هل سأجرؤ على رمي مفتاح بيتي؟ قالوا لي إنّ بيتك لم يعد موجودًا!.. سأغدو الآن فراغًا في طرقات انقصفَ عمرها الأخضر.
من هنا:
- يا يمّا، شايف هالمفتاح المعلّق على الحيط؟
- آه، يا يمّا شايفه، ما له؟
- هاد مفتاح بيتنا هناك.. خلّيه معك أمانة..
اليوم الثّالث والثّلاثون: إتّفاقيّة وقف إطلاق نار
مساء الثّامنة، وزعيق الصّفّارات لا يهدأ هنا، أخذ معه من بداية الحرب ثمانية عشر فلسطينيًّا من الشّمال..
اليوم الرّابع والثّلاثون:
لا حرب.. لا سلام...
* * *
حاشية:
تتراخى زهيّة على كرسيها الخيزرانيّ الهزّاز، المنتصب بقرب أحواض النّباتات في ساحة البيت ذي الأدراج الرّخاميّة العالية..
تنفرط منها تنهيدة وزفرة وتسقط خصلة على جبينها.. ويُسمع في المكان صوتٌ:
منذ أن انفجرت أوعية المؤامرة، صار نَعْتُ مَنْ تمَسَّك بأرضه ولَزِمَ بيته بائِعَ وطن.
منذ أن انفجرت أوعية المؤامرة، صار قلبُ اللاجىء ساعةَ توقيتٍ لقنبلة.
..
منذ أن انفجرت الأرض.. صارت المقاومة.
وتفكِّرُ وهي تلتقط بعينيها قطّة شقراء تتثاءب بجسدها قريبة من قدميها؛ ماذا لو عاود الأطفال اللعب بالبنادق الخشبيّة وهم يطاردون الحراميّة؟.. إنّ قوانين اللعبة في تغيّر، كما أنّ تأريخ تقييد من وُلِدوا قبل الحرب قد تغيّر.
.. وعاء الصّنبور مليء عن آخِره برصاصات.. وصافرات صناديق ترحيل.. وغلاف زهرة نبات الغملول اللبنانيّ يبقى شفّافًا ببياضه وألوانه المحاطة بأوراقه الإبَريّة الوخّازة.. والأزهار الليلكيّة المائلة للأزرق لشجيرة الرّصاصيّة الأوروبيّة تصحو في كلّ الأمكنة المتروكة على هذه الأرض.