أنت هنا

قراءة كتاب العقوبات الربانية في القرآن الكريم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العقوبات الربانية في القرآن الكريم

العقوبات الربانية في القرآن الكريم

كتاب " العقوبات الربانية في القرآن الكريم " ، تأليف قاسم أحمد عقلان ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 4

أنواع القبض والبسط القلبي

1. قبض وبسط علمي:

وإليه أشار الحق سبحانه وتعالى بقوله: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنـزلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ( 5، ويقول تعالى: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ( 6.

- فهو قبض وبسط في: الحياة والموت، في الزيادة والنقص، في الرزق والفقر، في الصحة والمرض، في الحب والبغض، في العطاء والمنع، في العلم والجهل، في العسر واليسر، في الرشد والسفه، في الخوف والأمن، في الطاعة والمعصية، في التوفيق والخذلان، في الصواب والخطاء..

إن رفع العلم من القلب بعد إنـزاله وإلقائه وبسطه ونشره، لهو نوع بلوى، فيكون رفع ما أنـزله وألقاه على القلب من العلوم والفهوم بعد أن أحكمه، زيادة في إيمان المؤمن بتسليمه لله تعالى، وفتنة للذين في قلوبهم مرض وشك وريب 7.

وقول الرسول (: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم) الحديث، يفهم في إطار ما سبق تقريره من أن القبض يراد به الإمساك والمنع، وليس الموت والوفاة، لأن العلم لا يقع عليه الوفاة والموت، فالمراد بقبض العلم في الحديث أن من أهم علامات البلاء والفتن وشيوع الجهل، والمرج في الدين؛ منع العلماء الراسخين الربانيين من تعليم الناس وإرشادهم، ومنعهم من القيام بما هم مكلفون به من ربهم، كورثة لرسوله محمد ( من بعده، في وظائف الإفتاء، والحكم، والقضاء، والشهادة، والبيان، وما شابه ذلك، وذلك بسبب سفه ولاة الأمر وقصور أهليتهم في إعطاء أهل العلم حقهم، وإنـزالهم منـزلتهم الأصلية، الثابتة لهم أصالة بثبوت نبوة ورسالة الرسول الخاتم محمد (، فإنهم حملة العلم عنه بعد وفاته، والقائمون على حمله وروايته، وتبليغه وحفظه، عصراً بعد عصر، وجيلاً بعد جيل، وأمة بعد أمة حتى نهاية الأمر، فمتى وقع منع العلماء من أداء وظائف الدين المسندة إليهم ؛ فقد وقع قبض العلم، ومن ثم وقع ما يقابله: وهو بسط ونشر وتعميم الجهل، ومرج الدين، وإيقاع الأمة في الضلال والابتداع، والجهل الذي هو رأس كل شر ومحنة، وطرد وبعد عن الله، وحرمان من كل خير ونفع ولذة، والقاعدة: (ما اتخذ الله من وليٍّ جاهل، ولو اتخذه؛ لعلمه)، فهذه قاعدة كلية محكمة ثابتة بنصوص القرآن والسنة، أن ولاية العلم والفقه والحكمة، ولاية خلافة للرسول (، ووراثته من بعده، لا يجوز أن تقع في الجهال، ولو كانوا أعبد الناس، فهي ولاية وراثة تخص فقط أهل الذكر، الربانيين، قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ( 8، وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ( 9، وقال: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً( 10، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ( 11، وقال: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ( 12، والآيات في ذلك كثيرة، والأحاديث النبوية الصحيحة متضافرة مستفيضة في تقرير القاعدة، وشواهد الواقع قاطعة بصحة الاستدلال بالقاعدة، فإن كل من ظهر في تاريخ المسلمين في مختلف القرون والبقاع، ممن نفع الله بهم الأمة, والعالم كله, بعلمهم؛ إنما كانوا أئمة في العلم، والفقه، والزهد، والورع، والتقوى، والمعرفة.

الصفحات