أنت هنا

قراءة كتاب القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

كتاب " القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي " ، تأليف بلسم محمد إبراهيم الشيباني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2003 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 9

وفي الموضع نفسه نراه يعرِّف الفضاء الروائيّ بصيغة أخرى فيقول: (أما في الاصطلاح ، فالفضاء الروائيّ [L’espace romanesque] هو الحيز الزمكاني :[Spatio – temporeles]، الذي تتمظهر فيه الشخصيات والأشياء متلبسة بالأحداث تبعاً لعوامل عدة تتصل بالرؤياالفلسفية وبنوعية الجنس الأدبيّ وبحساسية الكاتب (أو الروائيّ))(58).
ويذهب حسن نجمي إلى إثبات خصوصيّة الفضاء الروائيّ وتميّزه عن الفضاءات الجمالية الأخرى كالفضاء السينمائيّ، والفضاء المسرحيّ، ولكنه - مع ذلك - يجعل الفضاء الروائيّ جزءاً من المكوّنات الأخرى للخطاب الروائيّ(59) كما يجعله المادة الجوهريّة لكل كتابة أدبيّة(60).
ومن جهة أخرى يذهب إلى وضع تمييز مهم بين الفضاء الروائيّ والفضاء، (فالفضاء الروائيّ في النهاية لن يكون إلا فضاءً وهمياً وفضاءً إيحائياً)(61). فإن أمكن أن يبدو الفضاء وهمياً أو إيحائياً أو ذهنياً فإنّ الفضاء الروائيّ لا يكون إلاّ بهذه الصورة.
وعلى خلاف هذا يُلاحظ أن حسن نجمي عادَلَ بين الفضاء والفضاء الروائيّ فاستعمل مصطلح الفضاء الروائيّ مرادفاً ومعادلاً للفضاء(62) في النصّ الروائيّ، أي لفضاء النصّ الروائيّ.
وترى الباحثة أنه يمكن حصر مفهوم الفضاء الروائيّ في ذلك المدى والجو العام الذي ينشأ من خلال ترابط كل عناصر الرواية من مكان وزمان وشخصيات وزاوية نظر ولغة وحوار ... ليكون الفضاء الروائيّ هو النسيج الذي يلفُّ المكونات الروائيّة كلها وليس المكان الذي تجري فيه الأحداث أو الحياة بمفهومها المعهود.
ويجعل البوريمي من المكان شيئاً متصلاً بالزمان، فيسير على نهج من جمعهما في مصطلح واحد تاركاً مصطلح (الحيّز)، ومعوّلاً على مصطلح (الفضاء) لنراه يستخدم مصطلح (الفضاء الزمكاني) فنستشفُّ أنه يعني به تلك الحركة الروائية التي تتحقق في إطار الزمان والمكان معاً ، وأن الفضاء الروائيّ يختلف عن الفضاء الزمكانيّ باحتواء الأول على الفضاء الذي تشغله الكتابة الروائيّة وعدم احتواء الثاني على ذلك(63)، مشيراً إلى أن ميخائيل باختين يخالف هذا المفهوم فيضمِّن الفضاء الزمكانيّ موضوع الفضاء الكتابيّ(64).
ويأتي مصطلح (الفضاء كمنظور أو كرؤية) شكلاً آخر من أشكال الفضاء، وقد أطلقت الناقدة جوليا كريستيفا على هذا الفضاء مصطلح (الفضاء النصيّ للرواية)، وقالت بأن هذا الفضاء محوَّل إلى كلٍّ، وهو واحدٌ مراقبٌ بواسطة وجهة النظر الوحيدة للكاتب بحيث يتجمّع الأبطال الفاعلون في العمق وتنسج الملفوظات بواستطهم المشهد الروائيّ(65).
ويلفت الناقد حميد لحمداني نظر القارئ إلى أن ما تحدّثت عنه جوليا كريستيفا في هذا الإطار يشبه إلى حدٍّ كبير ما يسمّى بزاوية رؤية الراوي(66). وتتفق الباحثة مع هذا التنبيه لما يحمله موضوع (الفضاء كمنظور) من إشارة إلى وجود تصوّر فكريّ أو موقف عام أو رؤية.
أما مصطلح (الفضاء الدلاليّ) فيأخذ منحى آخر في الإشارة إلى موضوع الفضاء؛ لأنه لا يتشكل من المواضع التي تتحرك فيها الشخصيات أو من المساحة التي يأخذها النصّ من الورق، وإنما يصاغُ بناءُ هذا الفضاء من اللغة نفسها. ويعد جيرار جينيت أحدَ أبرزِ النقّاد الذين تناولوا هذا المصطلح بالعرض والتنظير والإيضاح، فنراه يهتم بموضوع الدلالة التي تنشأ من التعابير، ويؤكد أنّ (التعبير ليس دوماً أحادي المعنى فهو على العكس من ذلك ما ينفكُ يتضاعف، أي أن الكلمة مثلاً يمكن أن يكون لها مدلولان، كأن تقول البلاغة عنهما أن أحدهما حَرْفيٌّ والآخر مجازيٌّ، والدلاليّ الذي يتجوَّف بين المدلول الظاهريّ والمدلول الحقيقيّ يلغي في ذات الوقت خطيّة الخطاب)(67) ثم يذهب إلى إطلاق اسم (صورة) على هذا الفضاء ليعرِّفها بقوله: (الصورة هي في ذات الوقت الشكل الذي يتخذه الفضاء، والشكل الذي تعطيه اللغة لنفسها، وهي رمز فضائيّة اللغةالأدبيّة ذاتها في علاقتها بالمعنى)(68).
وفي إطار المفهوم ذاته نجد جيرار جينيت يذكر مصطلحاً آخر وهو (فضائية التعبير) الذي يفسّره بأنه (الكلام في كل شيء بألفاظ الفضاء)(69) ولا يفوت القارئ اتفاق هذا المصطلح مع مصطلح (الفضاء الدلاليّ) في الإشارة إلى موضوع المجاز، وما المجاز إلا حضور لمعنى وغياب لآخر حسب وجود أساليب البيان ومستوى ذائقة المتلقي في استخلاص المقصود.

الصفحات