كتاب " القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي " ، تأليف بلسم محمد إبراهيم الشيباني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2003 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي
ولئن انفرد هذا المصطلح بالنظر إلى اللغة، وجاءت المصطلحات السابقة متعلقة بالعالم المتخيَّل الذي يصنعه الكاتب، فإن المصطلحات الأخرى التي أفرزتها المقاربات النقديّة في حدود الاشتغال على موضوع الفضاء لا تتوجه بشكل مباشر إلى متن النص الروائيّ، وإنما تُعْنَى بالكيفيّة التي يظهر بها النص على صفحات الكتاب بعد طبعه، وتنظر إلى صورة الغلاف الخارجيّ وما هو موصول بالسمات الشكليّة للكتاب.
ولعلنا نلاحظ أن الأمر هنا لم يختلف عمَّا كان مع المصطلحات ذات الصلة بالعالم الروائيّ للنص، حيث تعدَّدت المصطلحات وكثرت - كذلك - بل إنها أفادت في بعض تعدّدها مفهوماً واحداً. فمن الواضح في الدراسات النقديّة العربيّة التي أوردت هذه المصطلحات أنها قدمت تنوعاً كبيراً في التركيب اللُّغويّ للمصطلح، ويتجلّى سبب ذلك التنوع في اختلاف المراجع الغرْبيّة، والمرجعيَّة الفكريّة التي استند إليها النقّاد في دراساتهم.
فالناقد حسن بحراوي أورد مصطلح (الفضاء الموضوعي للكتاب) وأشار إلى أنه استمدَّه من الناقد جون ويجربر(70)، وعرّفه بأنه الفضاء الذي ينتج من التقاء فضاء الألفاظ بفضاء الرموز متمثلة في الإشارات وعلامات الوقف التي يضعها الكاتب لتقوية سرده(71).
ومن خلال اهتمام الناقد حميد لحمداني بما كتبه هنري ميتران في هذا الموضوع استعمل مصطلح (الفضاء النصيّ) ونقل تعريفه إلى دراسته، فذكر أن الفضاء النصيّ هو (الحيِّز الذي تشغله الكتابة ذاتها - باعتبارها أحرفاً طباعيَّة - على مساحة الورق. ويشمل ذلك طريقة تصميم الغلاف، ووضع المطالع، وتنظيم الفصول، وتغيرات الكتابة المطبعيَّة وتشكيل العناوين، وغيرها)(72).
بيد أن الناقد حميد لحمداني ذهب في موضع آخر من هذا الكتاب إلى حذف أل التعريف من هذا المصطلح ليصبح لديه هكذا (فضاء النص)(73).
وللباحثة أن تقول إن هذا التعبير لا يدخل في إطار إحداث التنويع اللفظيّ، وإنما يمثل دقة كبيرة ومحاولة جادّة من جانب الناقد حميد لحمداني في التمييز بين المصطلحات، وكأنه يريد أن يُبعد ما قد يحدث من التباس بين الفضاء المتعلق بما تأخذه الكتابة الروائية من مساحة على الورق، وبين الفضاء المرتبط بزاوية النظر، وهو ما جعلت له جوليا كريستيفا اسماً مطابقاً للمفهوم السابق فأطلقت عليه مصطلح (الفضاء النصيّ للرواية).
أما منيب محمد البوريمي فقد أطلق على الفضاء الذي تشغله الكتابة الروائية داخل مساحة الورق مصطلح (الفضاء الكتابيّ)(74).
ودرس (ميشال بوتور) التفاصيل المتعلقة بهذا الفضاء تحت عنوان (الكتابة كمادة)(75).
ومع كل ذلك، فإن الناقد حميد لحمداني يجمع كل هذه المفهومات في مصطلح واحد وهو (الفضاء الحكائيّ)(76) قاصداً به كل الآراء المختلفة والأشكال المتعددة للفضاء، غير فاصل بذلك بين ما تعلَّق منها بالنص نفسه، وبين ما اتصل بكيفية ظهور النص على صفحات الكتاب.
وإزاء تعدد كل هذه المصطلحات، يمكن أن نقوم بتوزيعها إلى ثلاث مجموعات أساسيّة:
المجموعة الأولى: تشير إلى المصطلحات ذات العلاقة بالرواية نصًّا إبداعيّاً له وسائله وتقنياته، وتنقسم بدورها إلى أقسامٍ ثلاث:
أ) قسم تمثله المصطلحات المقتصرة على وجودها في النص دون إحالة إلى ما عداه، وهذه المصطلحات هي: الفضاء، والمكان، والحيِّز، والبيئة، والكرونوتوب، والزمكان، والفضاء الروائيّ، والمكان الروائيّ، والمكان في الرواية، والفضاء المكانيّ، والفضاء الزمكانيّ.
ب) قسم تبرز فيه المصطلحات التي توجد في النص مع إحالتها إلى وجودها الحقيقيّ خارج النص، ويمثله المصطلحان التاليان، وهما: الفضاء الجغرافيّ والفضاء الواقعيّ.
ج) وقسم تصوغه رؤية الكاتب لفضاء نصه، ويجسده مصطلح الفضاء منظوراً.
المجموعة الثانية: تتعلق مصطلحاتها بكيفية ظهور النص على صفحات الكتاب، وما يأخذه من مساحات على الورق، وهذه المصطلحات هي: الفضاء الموضوعيّ للكتاب، والفضاء النصيّ، والفضاء الطباعيّ، وفضاء النص، والفضاء الكتابيّ.
المجموعة الثالثة: يتصل مفهومها بموضوع اللغة، فيستلّ وجوده المجازيّ من اللغة نفسها، وليس من النص أو من خارجه، ويطرحه مصطلحا: الفضاء الدلاليّ، وفضائيّة التعبير.
وتجمع كل هذه المظاهر المكانيّة في مصطلح واحد، وهـو الفضاء الحكائيّ.