أنت هنا

قراءة كتاب من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

في كتاب "سواد في بياض"، للأديبة الدمشقية الصديقة السيدة وداد سكاكيني محاسني، مقال بعنوان: "الأدب المكشوف"، تحدثت فيه حديثاً عابراً عن بعض ألوان الأدب ومذاهبه. ومما جاء فيه قولها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
الأدب والواقعية، والفن
 
في كتاب "سواد في بياض"، للأديبة الدمشقية الصديقة السيدة وداد سكاكيني محاسني، مقال بعنوان: "الأدب المكشوف"، تحدثت فيه حديثاً عابراً عن بعض ألوان الأدب ومذاهبه. ومما جاء فيه قولها:
 
"واشتطّت جماعة في مذهبها، ففرضت على التعبير قيوداً وحدوداً لا تعبأ بمسوّغات البيان، وكان دأبها الهبوط بمعاني الأدب ومثاليّته، إلى مشكلات الشعب ومعيشته. وأخذت هذه الطائفة تردد كلمة (الواقعية) في آثارها ودعوتها، فخلطت بين الموضوعية ومفهومها الخاص من الواقع الذي يقتصر على تصوير المجتمع بسواده وشعبيته، بحرمانه وهوانه، دون اكتراث للفن وقواعد التعبير وإطاره؛ وكأنّ الواقع البائس، والتبرّم الثائر ينبوان عن تذوّق الفن، والإحساس بالجمال، أو أنه تخلى في كفاحه اليومي عن مطالب النفس، حتى استغنى عن كلّ ما يخفّف عن متاعبه هموم العيش والروح (ص92).
 
قرأت هذا وابتسمت، لأن الذين يقولون مثل هذا – وأنا واحد منهم -أصبحوا اليوم جماعة ينكرها جيل الأدباء العرب اليوم، ويرون في تفكيرها "رجعيّة، وعمالة، وخيانة"، وخروجاً على مفاهيم العصر الأدبية، التي تنبع من الشعب، وتصبّ في الشعب"، والتي "تعيش كفاح الجماهير الكادحة"، وما إلى ذلك من التعابير العائمة الهائمة السائبة؛ فكأن معايشة الأدب للشعب والكفاح والجماهير، معناها جفاف الأدب من التعبير الجميل، وخلوّه من سحر الكلمة والعبارة، بل كأن "كفاح الشعب" يعني أن تجعل الشعب كلّه يحمل السلاح ويقتل، ويكون كله ثائراً، لا يعرف غير الصراع الطبقي، وغير الحقد والنقمة، وكأننا حين نضع في كلّ يد بندقية، نجعل الكلام الهائج وحده كل الأدب وكل الفن.
 
ثم إن هذه المدارس الفكرية، والمفاهيم الأدبية التي نتعامل بها، إنما نأخذها عن الغرب؛ ولكننا نأخذها (ألفاظاً) دون روح، وعبارات، وكليشيهات جامدة دون حياة.
 
إن الواقعية مدرسة أدبية أخذناها – كما أخذنا أشياء كثيرة غيرها – عن الغرب، ولكنا لم نأخذ معها روحها ومحتواها، بل اكتفينا بالكلمة، وفسّرناها على هوانا، حين لم نجد لدينا من لطف الحسّ ومن جمال الأسلوب ما يعيننا على أن نترسّمها حسّاً وروحاً – أي: نترسمها (فنّاً).
 
الواقعية، عندنا، معناها أن نقدّم شرائح من حياة الجماهير،، ومن حياة الكادحين والمتألمين والمناضلين، بعبارة جافة، وأسلوب سردي تقريري، خال من الروح التي تجعل الأدب أدباً، والفن فناً: يتغلغل في أعماق الحس، ويترك أقوى الانفعال بالكلمة والعبارة.

الصفحات