أنت هنا

قراءة كتاب مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

كتاب " مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013) " ، تأليف رجا سعد الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

لكن هذا الخط المعارض الإيجابي، خط من مِنَ القوى السياسية؟؟ وخط من مِنَ الفئات الاجتماعية؟؟ وعلى أي برنامج سيستند في حركته السياسية؟؟ على هذه الأسئلة لن نجيب بتفصيل لأن التفصيل في هكذا موضوع أمر خاطئ إلى حد معين في حقل المنهج السياسي العملي، باعتبار أن هذه الأمور لن تكون بالنتيجة إلّا محصلة نقاش ووعي مشترك للقوى السياسية والاجتماعية، صاحبة المصلحة الحقيقية في بناء هذا المستوى من المعارضة الوطنية.لكن، بالمقابل وفي ظل ما يسمح لنا منهج التعاطي المعرفي والسياسي في هكذا موضوع نقول باختصار شديد: إن القوى الاجتماعية والسياسية، التي ستتشكل منها المعارضة هي القوى التي تعبر عن مصالح الكتلة الشعبية التي تزداد قواعدها اتساعاً، وإن برنامجها لن يكون في هذه المرحلة سوى برنامج الوحدة الوطنية، ودعم مسيرة السلم الأهلي، وصيانة الديمقراطية وتطويرها، والنضال من أجل تحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية.

لكن قبل أن ننتهي من هذه المسألة الأولية نود أن نشير إلى بعض الأمور علّ التبصر الواعي بها يساهم في الكشف عن الواقع كما هو، ويساعد بالتالي على رؤية الوقائع السياسية- الاجتماعية بتاريخيتها بعيداً عن تبسيط المسائل وتزيين الأمور واستسهالها، التي إن اعتمدت لن تخدم أبداً عملية التقدم الاجتماعي بل تساهم في دفعها إلى الفشل.

من هذه الأمور نشير إلى:

الأمر الأول: الخط الثالث وتاريخيَّة العمل الوطني الموحِّد

إن المعرفة التاريخية للعمل الوطني الموَّحد، أمر هام جداً وإنه يفاجئ بتأثيراته كل الذين يستخفون به، من جرّاء لحظة انفعال، أو موقف غير مدروس في السياسة. وبالتالي فالمبدأ العلمي – العملي يفترض في المعارضة التي تستعد لكي تلعب دورها التاريخي أن تأخذ هذا العامل في الحسبان. وأن تتفحَّص وتقيس بدقة متناهية، وعي الناس للماضي المتوسط والبعيد. وهنا أشير - على سبيل المثال - إلى أهمية الوعي المجتمعي للعمل الوطني الموحد، في فترة الحرب الأهلية وبخاصة في سنواتها الأولى، وكذلك في مرحلة ما قبل الحرب حيث يتذكر الناس جيداً كل الصيغ التنظيمية للحركة الوطنية اللبنانية، وكل النضالات الجماهيرية للعمال والمزارعين والمعلمين والطلاب... في بيروت وفي المدن الكبرى وفي مراكز المحافظات. وبناء عليه فربَّ وعي مجتمعي للبعد التاريخي للحدث يمكن أن يكون أكبر بكثير بتأثيراته من قرارات يتخذها حزب أو تنظيم أو جبهة، أو أي تجمع أو مرجع سياسي معيَّن.

الأمر الثاني: الخط الثالث والولاءات المختلفة

من الطبيعي أن تواجه المعارضة الوطنية الديمقراطية مسألة ولاءات الناس للزعماء والأحزاب والمراجع الدينية ولقوى خارجية، والتي ترتكز إلى حدٍّ كبير على المذهبية والمصالح وعلى «الإرث» التاريخي لهذه الولاءات، وما ارتبط بها من تناقضات وصراعات وصلت إلى حد الحروب والفتن الأهلية. في ضوء هذا الواقع وما يترتب عليه من صعوبات أمام أي منحى ديمقراطي، بخاصة من موقع المعارضة، ترى المعارضة نفسها أمام واقع قائم لا بد من التعاطي معه بمرونة فائقة، وإبداع استثنائي في استنباط أشكال العمل مع كتل جماهيرية، زادتها الحرب الأهلية تكتّلاً على قاعدة الصراع والتقاتل. هذا جانب معوّق لعملية قيام المعارضة الديمقراطية الحقيقية، أما الجانب المساعد، فهو وجود قوى وأحزاب ثورية وتقدمية ووطنية تمتلك تاريخاً مجيداً من النضالات الجماهيرية، في المجالات الوطنية والاجتماعية والقومية كافة. هذا التاريخ النضالي الذي كان مشتركاً في المحطات الأساسية منه، يشكل رصيداً كبيراً يمكن أن تتغذى منه المعارضة الديمقراطية في حال تشكُّلها.

الأمر الثالث: الخط الثالث والتحالفات

من المؤكد أن المعارضة الوطنية الديمقراطية المقترحة كجزء لا يتجزأ من العملية السياسية في بلد كلبنان تدخل فيها مسألة التحالفات (صيغةً وبرنامجاً) كإحدى أهم العناصر المكوِّنة لها، والتي ستكون أحد أهم الأمور التي يجب أن تخضع للنقاش، نظراً لأهميتها العملية في قيام المعارضة الديمقراطية وتأثيراتها المرحلية والاستراتيجية.

الأمر الرابع: الخط الثالث والسلطة السياسية

السلطة حلقة مركزية في أية عملية نضالية، وهي نقطة محورية في عملية الصراع بين القوى الاجتماعية والسياسية المتناقضة، وهي الهدف الأساسي في نضال هذه القوى من أجل الوصول إلى السلطة أو من أجل الدفاع عنها والاحتفاظ بها.

إن مفهوم الأطراف (الحكام والمعارضين) للدولة في لبنان أثناء الحرب الأهلية وحتى هذه الفترة لم يكن مستقراً، بسبب عدم الثبات السياسي لممثلي الحكم والمعارضة على السواء، ولهذا انشلَّ كالعادة مشروع السلطة السياسي، وتلاشى وغُيِّب فيما بعد مشروع المعارضة الوطنية الحقيقية. في ضوء هذا الواقع يرتدي مفهوم الخط الثالث المقترح للسلطة أهمية استثنائية من حيث تحديد طبيعة وعيه السياسي لها على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي.

إن نقاش هذه الأمور نقاشاً موضوعياً هادئاً (مقروناً بالعمل والممارسة) يساهم إلى حد كبير في تحديد الخيارات السياسية للمعارضة الوطنية الديمقراطية الحقيقية في ضوء أزمة الحكم والمعارضة، ويعزز إطلاق مسيرة البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والروحي لوطن مهدد بالخطر.

النداء، مناقشات عام 1992

الصفحات