كتاب " أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير " ، تأليف نجيب البعيني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير
وأمّا الأعمال الكاملة للشيخ خليل تقي الدين فقد جاءت تتويجاً لنتاج هذا الأديب المفلِق والدبلوماسي العريق، وقد صدر هذان الجزءان عن دار نوفل للطباعة والنشر، بفضل الأستاذ طوني نوفل صاحب الدار وبفضل ابنته الدكتورة السيدة منى تقي الدين أميوني الأستاذة في الجامعة الأميركية في بيروت.
هذه المجموعة التي ذكرناها تعطينا فكرة عن أن الشيخ خليل تقي الدين كان فارساً عملاقاً من فرسان الكلمة الحلوة المدوية، وهو أحد الأقلام الواعدة المجرّدة عن الأنانية وحب الذات، قلم يدبج في سياق القضايا الإنسانية والاجتماعية والأدبية والفكرية والروحية والدينية، يتحلى بالإقدام والشجاعة والدبلوماسية... أدبه أدب الواقع والحياة. أليس هو القائل: «أريدك أن يكون لك في الحياة خيال أسمى يسدّد خطواتك، وهدف أعلى يوجه حركاتك وسكناتك، وإيمان بأن لك رسالة في هذه الحياة».
أوليس هو القائل أيضاً في معرض كتابه عن المعلم:
«... تحت أنظار المعلم ينشأ الأبطال والشعراء والمصورون والأدباء ويقتحمون الحياة فيحاربون بالسلاح الذي وضعه في أيديهم ذلك البطل المجهول، أمّا هم فأسماء براقة في مختلف آفاق الحياة، وأمّا هو فلا يزال ينشىء أجيالاً جديدة واسمه مغمور».
ونعود إلى الشيخ خليل تقي الدين، هذا الأديب الكبير. كان سبّاقاً إلى كل مكرمة وقضية تهم وطنه لبنان.
رافق معظم رجالات السياسة اللبنانيين وغير اللبنانيين، وقادة الرأي، وأهل الأدب والشعر، ورجال الحكم منذ العام 1943، وكان أحد مؤسسي «عصبة العشرة» مع إلياس أبي شبكة وفؤاد حبيش وميشال أبي شهلا وصلاح لبكي وبشاره الخوري (الأخطل الصغير) وغيرهم من أهل الفكر والأدب.
وكان له شرف المساهمة في حركة التحرر الوطني والقومي في ثورة «بشامون الاستقلالية» ضدَّ الانتداب الفرنسي، فكان يحرّر بيانات الثورة ويقوم بأعمال السكرتارية لحكومة بشامون التي تألفت في ذلك الوقت برئاسة حبيب أبي شهلا، وغيرها من الأعمال الإدارية، إلى جانب قيامه باتصالات مع كبار السياسيين في تلك الحقبة.
يكشف لنا الشيخ خليل تقي الدين بعض هذه الأسرار يقول:
«... يجب على الذين عاشوا أيام تشرين الخالدات أن يكشفوا النقاب عنها. وهذا ما أحاول أن أفعله الآن». كما يقول في مستهل هذه الصفحات: «في 11 تشرين الثاني سنة 1943، اعتقلت السلطات الفرنسية الشيخ بشاره الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية، ورياض الصلح، رئيس الوزارة، والوزراء كميل شمعون وسليم تقلا وعادل عسيران والنائب عبد الحميد كرامي، ولم تعتقل الوزيرين حبيب أبو شهلا والأمير مجيد أرسلان. وحار الناس يومها في تفسير ذلك. وقد تسنى لي في أثناء عملي الدبلوماسي أن ألتقي ثلاثة سياسيين كبار كانوا على صلة وثيقة بأحداث تشرين، وهم الجنرال كاترو الذي أوفده الجنرال ديغول رئيس «فرنسا الحرّة» في ذلك الحين إلى لبنان ليجد حلاً للأزمة التي نشأت بين لبنان وفرنسا من جراء اعتقال الرئيسين وصحبهما، ثم السيد اي؟ شاتينيو الذي كان يتولى أعباء المفوضية الفرنسية العامة في أيام شهر تشرين، ثم الجنرال السير إدوارد سبيرس الذي كان المعتمد البريطاني في لبنان وسوريا، وكانت له اليد الطولى في مساعدتنا على نيل الاستقلال. الجنرال كاترو كان سفيراً لفرنسا في موسكو عندما وصلت إلى عاصمة الاتحاد السو؟ياتي كأول ممثل دبلوماسي للبنان، وكان ذلك في صيف العام 1946. وفي العام 1948 نقل كاترو من موسكو وعاد إلى بلاده، وخلق في سفارة فرنسا اي؟ شاتينيو. وبديهي أنني، وأنا زميل لهما، كنت أغتنم كل فرصة تجمعني بهما لاستعيد معهما أحداث تشرين والقي بعض الضوء على ما خفي منها».
ويضيف تقي الدين قائلاً عن الجنرال سبيرس:
«بدأت معرفتي بالجنرال سبيرس في لبنان في العام 1963 حين كنت سفيراً لبلادي في لندن. كان الجنرال سبيرس يزورني في السفارة من حين إلى حين، فأرحّب به ونستعيد معاً ذكريات العام 1943. في إحدى هذه الزيارات باح لي الجنرال ببعض أسرار معركة الاستقلال، قال:
«إن تشرشل رئيس الجمهورية البريطانية إبان الحرب كان يؤيد لبنان وزعماءه الوطنيين بقوة، وكان يرى أن العمل الذي أقدم عليه هيللو وزبانيته، باعتقال رئيس الجمهورية ورفاقه، كان عملاً جنونياً، فضلاً عن أنه يشكل خرقاً للاتفاقات التي كانت قائمة بين الحلفاء وهم يخوضون غمار حرب مريرة ضد النازيين. أمّا انطوني إيدن، وزير الخارجية ـ والكلام لا يزال لسبيرس ـ فقد كان فرنسي الميول، وكان من رأيه أن يداري الجنرال ديغول وحكومة فرنسا الحرّة. وقال سبيرس: قد أعطاه تشرشل «كارت بلانش» في معالجة المشكلة اللبنانية، لكن إيدن كان يحاول دائماً أن يغسل يدي وينصحني بمهادنة الفرنسيين».