أنت هنا

قراءة كتاب أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير

أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير

كتاب " أسرار ثورة بشامون في مفكرة سفير " ، تأليف نجيب البعيني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

تمهيد

كان الشيخ خليل تقي الدين أحد الوجوه الأدبية والثقافية اللبنانية النيِّرة في زمانه، إذ إنّه تبوّأ مكانة لائقة في عالم الأدب والفكر والقصة والأقصوصة والتاريخ والاجتماع والسياسة والنقد.

ينحدر من أسرة عريقة اشتهرت عبر التاريخ بأنها أنجبت عباقرة ذوي مواهب في مختلف الميادين الأدبية والعسكرية والسياسية والقضائية، كما لعبت دوراً مهماً وفاعلاً في المجتمع عبر رجالاتها الذين نبغوا وبرعوا في جميع المجالات وعلى مختلف الصعد، فكان لهم دورهم الفاعل وحضورهم القوي في الحياة السياسية اللبنانية، وفي سياسة «الجبل» في قضاء الشوف بصورة خاصة، وفي محافظة جبل لبنان بصورة عامة.

خليل تقي الدين واحد من الدبلوماسيين والأدباء العريقين في عالم الأدب والكتابة. كان نجماً ساطعاً له حضوره المميز، وشخصيته الفريدة، صال وجال في عالم الأدب، وحسب ما أمكنته الظروف والأحوال لكي ينصرف بكلّيته إلى عالم أحبّه منذ الصغر فاندفع بكل إمكاناته وطاقاته لكي يجد له مكاناً لائقاً بين أدباء عصره.

الشيخ خليل تقي الدين رجل فذّ لم يوفَّ حقه بالكامل كما يجب أن يوفّى الحق للأعلام المبرّزين، بل إنَّ حقه بقي ناقصاً مهملاً، ونكاد نقول إنّه بقي مغموراً، أو منسيَّاً، رغم اختلاطه وتفاعله مع أعلام عصره، بمختلف ميولهم واتجاهاتهم الأدبية.

أديب متمكِّن، وبحاثة متعمّق، له أبعد الأثر في عالم الأدب. كان جميل المحيا، باسم الطلعة، ذا شخصية محبَّبة، إنساناً خلوقاً، رجلاً غير عادي في المواقف والمبادىء والأسس القويمة، والأخلاق الحسنة.

نشأ في بيت عريق، وحلّق عالياً في سماء الفكر والأدب والدبلوماسية، فكان عصامياً، وإدارياً محنكاً، وإنساناً خلوقاً، وكياناً فريداً، وأخلاقاً رفيعة. عرفته معرفة شخصية في أواخر أيامه، إذ كان يسكن في «حي الوتوات» في بيروت مع زوجته في ذلك الحيّ الهادىء، فكنت أزوره بين الحين والحين، وكنت التقيته مرّة على مدخل إحدى الصحف البيروتية المشهورة. فقلت له: ماذا تفعل هنا يا شيخ خليل؟ فقال لي: مات أحد أصدقائي الذين يعزّون عليَّ كثيراً، وهو من الأدباء المرموقين البارزين. كتبت عنه مقالة، بعد وفاته، لأوفيه حقه في الحياة وأؤدي قسطي نحوه من الإشادة والتعريف والسيرة. وسكت قليلاً عن الكلام وأردف:

ـ سأكتب عن الجميع. ولكن أحداً لن يكتب عني أبداً. أنا أحب الجميع، فهل يحبونني كما أحبهم؟ إنَّ الناس الطيبين لهم مكانة عالية عندي. أهتم بالجميع وأساهم مع الجميع. فهل يحتفظون بالود والمحبة والوفاء كا أشعر نحوهم بالاخلاص؟

تركته بعد قوله هذا الكلام وافترق كل واحد منّا في طريق، وأنا أفكر في هذا الرجل الإنسان الذي أحب الجميع دون استثناء، ومنذ تلك اللحظات توطدت علاقتي بالرجل واستمرّت متجذرة إلى حين وفاته. وبعد، من هو خليل تقي الدين، وما هي سيرة حياته؟

هو خليل بن محمود بن سعيد بن محمود تقي الدين. ولد في «بعقلين» قضاء الشوف، بجبل لبنان، في سنة 1906 م/ 1324 هـ. تلقى علومه الابتدائية في بلدته، ثم التحق بمدرسة «اللاييك» في بيروت، ثم بكلية الحقوق في «جامعة القديس يوسف»، فنال منها شهادة المحاماة في سنة 1926. لم يمارس المحاماة بصورة فعلية بل مارس الدبلوماسية والوظيفة والصحافة. عُيِّن في السنة نفسها ـ سنة تخرّجه ـ كاتباً في مجلس الشيوخ يوم كان عندنا مجلس شيوخ في لبنان، ثم عيِّن مديراً عاماً من الدرجة الأولى في مجلس النواب اللبناني، وعيِّن سفيراً للبنان في سنة 1946، وتدرج منذ هذا التاريخ في السلك الدبلوماسي إلى أن وصل إلى أعلى المراتب في مدارج الدبلوماسية، فكان سفيراً لبلاده في بلدان كثيرة نذكر منها: فنلندا وأسوج ونروج والمكسيك وغواتيمالا والسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا وجمهورية مصر العربية وليبيا والسودان وتركيا وبريطانيا والاتحاد السو؟ياتي (السابق). وبقي يتنقل من مركز إلى مركز إلى حين تقاعده في سنة 1970، لينصرف بعد ذلك إلى الكتابة في بيته في كنف الجبل، وفي بيته في بيروت. فكان يدبّج المقالات لعدد من الصحف والمجلات اللبنانية، كتب في مجلة «الصياد» وصحيفة «النهار» و«الراصد» و«الجريدة» إلى حين تعاقده مع وزارة الإعلام بصفة مستشار ثقافي في سنة 1982، حيث بقي فيها سنتين، إلى أن انقطع عن العمل نهائياً ملازماً بيته.

وكان يحضر في بعض الأحيان ندوات الأدب والثقافة، فانخرط في جمعية «أهل القلم» في بيروت، وكان ملازماً اجتماعاتها وندواتها الأدبية، كما كان يحاضر في بعض الجمعيات الأدبية عن أمور الثقافة والتوحيد والأديان.

الصفحات