كتاب " طبيب في الجيش " ، تأليف د. ياسر سبسبي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب طبيب في الجيش
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
طبيب في الجيش
3
لطالما أخبر النسر صديقه الجديد الدكتور رامي عن شعوره الرائع والمثير عندما ينطلق بطائرته فيبتلعه الفضاء ويحتويه مثلما تحتوي رحم الأم الدافئة الجنين، كانت مناوبة كل منهما ليلة الجمعة، دعاه تلك الليلة إلى مكتبه ليتسامرا معاً، حدّثه حديثاً طويلاً وحميماً، كان معهما مجند اسمه رضوان، جمعت بلدة واحدة مسقط رأسيهما هو والنسر، شاب بسيط، هادئ الطباع قليل الكلام، يبدو أن النسر يمنحه ثقته.
أجابه الدكتور رامي بمزيج من الجد والمزاح:
ـ يعني ذلك بلغة طبيّة أننا جميعنا أجنّة في رحم الوطن! نرتبط بحبالنا السرية إلى جسده الدافئ، نأخذ غذاءنا من خيراته!.
ـ بالضبط، لكن ربما لا يكون ذلك بالتساوي بيننا!
ـ لأن ذلك يخضع لتباين بعض مورثات القوة!
ـ لذلك تجد بعضنا أضخم من الآخر لأنه ربما استولى على بعضٍ من حصة أخيه وجاره في الرحم، لكن المهم أننا جميعاً نتنفس من رئتيه بالمقدار نفسه تقريباً، من المتسولين حتى قائد المطار أو أي عضو في الحكومة، جميعهم تنفسوا كميات متقاربة من أوكسجين الوطن.
ـ وطرحوا فضلاتهم عبره..!
ـ لكن قد تكون هناك إشارة استفهام إذا ما كانت فضلاتنا بالمقدار نفسه! وما هي الطريقة التي تطرح بها؟
ـ الطبيعي أن يتم طرحها عن طريق الحبل السري بالتبادل الأسموزي!.
ـ والأسوأ من ذلك أن يتم تقيؤها أو ".. تبرّزها" في فضاء الرحم بطريقة تفسد أجواءه وأراضيه على التوائم الأخرى.
تابع النسر بالنغمة الطبية نفسها:
ـ ألم نصرخ جميعاً صرختنا الأولى فوق أرضه، عبرنا من أرحام أمهاتنا إلى رحم الوطن، ربما بنغمات مختلفة، لكننا جميعاً صرخنا، ثم حبونا، ثم لعبنا في سهوله ورباه وربما ما زلنا نلعب، ألم نتعلّم حروفنا الأولى وأحلامنا الأولى فوق صفحاته، ثم نذهب إلى مدارسه وجامعاته، الوطن يحنو علينا ونحن نكبر (كل شبر بنذْر)، إننا جميعاً يجب ألا نكون عاقّين للوطن، يتوجب أن يكون لدينا الحد الأدنى من البرّ والوفاء والعرفان بالجميل.
كان يتكلم بكل جدية وحماسة، وكأنه مقتنع بذلك من الصميم، وهو لا ينسى طبعاً في كل مرة أن يفرّق بين الوطن وحكومة الوطن أو أي إنسان فيه، فالحكومة هي جزء من محتويات رحم الوطن وليست الوطن!.
ـ أين قضيت كل سنوات خدمتك سيادة العقيد؟