أنت هنا

قراءة كتاب غدا يزهر نيسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
غدا يزهر نيسان

غدا يزهر نيسان

كتاب " غدا يزهر نيسان " ، تأليف لميس العبد الله فرحات ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

I

كان من عادة جدتي أن تقص علينا حكاية الشاطر حسن كل ليلة، فأنام أنا وأبناء عمي على أحلام جميلة.

لايزال صوتها يرن في أذنيّ عندما قالت لنا تلك الليلة: إسمعي يا سارة، إسمعوا يا أولادي، سأقص عليكم حكاية جديدة....

قصة اغتصاب الأرض... اغتصاب أرض فلسطين الحبيبة من قبل الاعداء الإسرائيليين، قصة محمد، ابراهيم، احمد، فاطمة وزينب....

هؤلاء كانوا ينعمون بالعيش الكريم في أرضهم التي احتضنتهم، أرضهم الطاهرة، ولكنهم اصبحوا مشتتين في بقاع الأرض بعد أن استولى الإسرائيليون على وطنهم الحبيب، على الأرض المقدسة، أرض الأنبياء والرسل.

لكن الآباء يا أحبائي كانوا مؤمنين دائماً بالعودة عاجلا أم آجلاً، يحملون مفاتيح ديارهم، يحتضنونها مطمئنين قلوبهم، متأملين بطرد العدو الصهيوني من الأرض التي اغتصبها منهم عنوة مهما طالت الأيام وبعدت المسافات...

قالت جدتي يومها: "لقد دفع الفلسطينيون دماءهم في سبيل تحرير أرضهم والعودة إليها، وهم، لغاية اليوم، مستمرون في المعاناة من العذاب والهوان، وكذلك من التشرد والحرمان.

حينها انتفضت الشعوب العربية مستنكرة هذا العمل البربري والوحشي، وطالبت بالانسحاب فوراً، ولكن لا أحد يسمع وليس هناك من مجيب.

ونتيجة لذلك، انطلق العمل الفدائي، وخصوصاً في لبنان، وهبّ الشباب اللبنانيون لمساعدة اخوانهم دفاعاً عن حرية الإنسان في استرجاع أرضه المسلوبة، واتخذوا من الجنوب اللبناني مقراً للعمليات الفدائية، وكانوا يعملون بسرية تامة خوفاً من أن يكشف سرهم يوماً ما.

ومنذ ذلك الحين لم ترحم إسرائيل جنوب لبنان، فأخذت تطارد الفدائيين بواسطة عملائها لقاء مبالغ من المال ترضي أطماع من باع وطنه من أجل المادة.

واستمرت إسرائيل في تعدّياتها على الممتلكات في القرى الجنوبية المتاخمة للحدود، فكانت تدفع بقواتها العسكرية داخل أرضنا غير آبهة بأي قرار يطالبها بالانسحاب من قبل جامعة الدول العربية أو المجتمع الدولي.

ولكن الحرب الاهلية التي حلت بأبناء المدينة بيروت ومدن جبل لبنان وقراه أيضاً، شكلت درعاً حصيناً للعدو، فوجدت لها منفذاً للدخول إلى قلب العاصمة والعبث فيها.

ساءت الحالة الأمنية في الجنوب اللبناني، وأقامت إسرائيل سجناً في بلدة أنصار الجنوبية أولاً، وأخذت تزج فيه الذين يخرجون عن طوعها وتسميهم بالمخربين.

وبعد مدة اقفلت هذا السجن، وأقامت غيره في تخوم بلدة الخيام في قضاء مرجعيون، وذلك بتحويل الثكنة العسكرية إلى معتقل.

دمعت عينا جدتي ثم قالت: "يومها أُلقي القبض على جارنا الحاج حسين، رجل في العقد السادس من العمر لكنه لا ينتمي إلى أيّ تنظيم، وبالرغم من ذلك زج به في سجن الخيام عدة شهور، منعوا عنه الزيارة وأذاقوه أشد العذاب. وبعد سنة خرج منه مريضاً جداً وما لبث أن فارق الحياة.

علينا يا أولادي أن نحب وطننا ونفديه بأنفسنا، لأنّ من لا وطن له لا يستحق الحياة أبداً، فالمحافظة على الأوطان بمثابة المحافظة على الأرواح.

قالت سارة: كنت صغيرة آنذاك فتأثرت كثيراً، ولكني لم أكن أعرف أبعاد تلك القصة جيداً إلا عندما كبرت وفهمت الحياة أكثر.

منذ ذلك الحين نشأت على حب الوطن والتعلق بالأرض خوفاً من أن يحل بنا ما حل بإخواننا الفلسطنيين.

وهكذا استطاعت جدتي أن تزرع فينا ما لم تستطع أية مدرسة أن تدرسه لتلامذتها في ذلك الوقت.

* * *

سألت سارة أمها يوماً: متى نعيش يا أمي في أمان واطمئنان؟ ألا يحق لنا ذلك؟ إلى متى سنبقى نعاني من الاحتلال...

هدأت الأم (سلمى) من روع ابنتها قائلة: "بالله عليك يا ابنتي، اطردي هذه الأفكار السيئة من رأسك وانتبهي إلى دروسك. هذا كل ما يطلب منك الآن.

غداً يزهر نيسان، فيظهر الحق وتنجلي الأمور ونعيش في أمان واطمئنان.

فهذا ما يبشر به سيد المقاومة الإسلامية.

رجعت البسمة إلى ثغر سارة بعد سماع كلام أمها فاطمأن بالها.

وليس من الغريب أن تتساءل عن كل هذه المعلومات،فهي التي أبصرت النور قي تلك القرية الجنوبية الصامدة (كفركلا)، إنها بلدة الشهداء الجاثمة على تخوم المستعمرات الإسرائيلية....

الصفحات