أنت هنا

قراءة كتاب غدا يزهر نيسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
غدا يزهر نيسان

غدا يزهر نيسان

كتاب " غدا يزهر نيسان " ، تأليف لميس العبد الله فرحات ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

لقد نشأت وترعرعت في بيئة مقاومة تعرف قيمة الشهادة في سبيل نصرة الوطن وكرامته، وكان ولايزال، الإمام الحسين عليه السلام سيد الشهداء مثلها الأعلى، لم يرض بالظلم فدافع عن حقوق المسلمين ودفع دمه ثمناً لحياة الامة الكريمة.

تزودت بالمحبة وبالصدق منذ طفولتها فكانت كالعصفور المغرد بصوته الرخم وبحركاته البريئة وبعفويته الجريئة. كانت تنظر إلى والديها بإعجاب وبدهشة متسائلة عن سر هذا الاهتمام بها قائلة: أنا أحبكما كثيراً يا والديّ.

حينها أجابتها أمها: "ونحن أيضاً نحبك يا ابنتي، إننا نرى نفسينا فيك، فلم العجب يا سارة؟ ولم هذا التساؤل؟ كل الآباء يحبون أولادهم ويضحون بأنفسهم لأجل سعادتهم وهنائهم".

أما والدها الأستاذ شكيب فكان يرعاها بعطفه، ويلبي لها طلباتها مهما كانت ثمينة.

كيف لا وهي ابنته الوحيدة، فهو بالنسبة إليها الأب والمعلم في آن معاً.يتابعها في دروسها،اذ كان معلماً ناجحاً ومخلصاً. لقد عين في مدرسة القرية قبل نشوب الحرب الأهلية في لبنان، تلك الحرب التي أطاحت بالأخضر واليابس. كانت حرباً طائفية لم ترحم أحداً، فهاجر الكثير من أبناء المدينة بيروت إلى القرى النائية طلباً للعيش بسلام وخوفا من بندقية القناصة الذين انتشروا على خطوط التماس في ذلك الحين.

أما القرى الجنوبية فلم تسلم من تعديات الجيش الإسرائيلي من خرق للأجواء اللبنانية، ومن تصوير لبعض المواقع في القرى القريبة من المستعمرات الإسرائيلية، فكانوا يحددون الهدف، ويقصفون من دون رحمة لا يميزون بين كبير وصغير.

كان الأستاذ شكيب معلماً مخلصاً أحب تلامذته كثيراً، يعطي من كل قلبه، لا يميز بين تلميذ وآخر. فكان الأب الحنون والموجه الناجح لتلاميذه الذين أحبوه واحترموه.....

لقد كان مؤمناً بوطنه فأرشد تلاميذه إلى المواطنية الصالحة، وزرع في قلوبهم حب العلم وحب الوطن.

انخرط الاستاذ شكيب في صفوف المقاومة إبان الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني، والذي سمي آنذاك بالشريط المحتل، وكان ذلك في بداية الثمانينيات.

كان يعمل بسرية تامة خوفاً من جيش لبنان الجنوبي الذي أنشئ في ذلك الوقت بقيادة أحد الضباط اللبنانيين، وتحت إمرة القائد العسكري الإسرائيلي،كانت زوجته السيدة سلمى هي الوحيدة التي تعلم بعمل زوجها وتتعاطف معه لأنها كانت مؤمنة بهذا العمل، ومؤمنة أيضاً بأن الوطن لا يحميه إلّا أبناؤه المقاومون المخلصون والأوفياء.

وكثيراً ما كان يتأخر ليلاً في الرجوع إلى البيت، فتقضي زوجته الساعات في انتظاره وهي تتلو بعض الآيات القرآنية طالبة من الله ألا يصاب بأي مكروه.

وكثيراً ما كان يختلي إلى نفسه بين وقت وآخر يفكر في مستقبل ابنته، كانت الافكار السوداء تراوده فينتفض واقفاً ويقول: "ماذا سيحل بابنتي سارة إذا أصابني أي مكروه؟". فأوصى زوجته يوماً بان تحضنها وترعاها من بعده، وتكون لها بمثابة الأم والأب معاً، وأن تعلمها معنى الاستشهاد وأهمية المقاومة، فتخفف عنها من شدة المصاب وتشملها بالعطف والحنان وتحثها على إكمال تعليمها.

* * *

وفي أحد الأيام كان يستمع إلى نشرة الأخبار وإلى جانبه زوجته وابنته سارة، وإذا بالمذيع يعلن نبأ عن إجراء عملية استشهادية ضد دورية إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية لقرية كفركلا، خسر العدو فيها ضابطاً وجنديين إسرائيليين أيضاً، وأحرقت الدبابة التي كانوا يستقلونها.

بعد إعلان النبأ وقفت سارة وأخذت تصفق وتقول: "عاشت المقاومة، تباً لهؤلاء الأعداء....".

دهش والدها من ردة فعلها وقال لها: "بارك الله فيك يا ابنتي لهذا الحماس". إنني أطلب من الله أن يشمل هؤلاء المقاومين بعطفه ورضاه.

قالت سارة: "أنا أحب هؤلاء المقاومين وأقدرهم كثيراً".

علمتنا جدتي يا أبي عندما كنا صغاراً أن نحب الوطن ونعمل لنصرة الحق واسترجاع الأرض المسلوبة...

ـ متى يا ابنتي وكيف حصل ذلك؟...

ـ في إحدى الليالي قصت علينا أنا وأبناء عمي حكاية جميلة وممتعة، فأخذت منها درساً لن أنساه أبداً.

ـ ما هي هذه الحكاية؟ما هو موضوعها يا سارة؟

الصفحات