أنت هنا

قراءة كتاب ريكور والهيرمينوطيقا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ريكور والهيرمينوطيقا

ريكور والهيرمينوطيقا

كتاب " ريكور والهيرمينوطيقا " ، تأليف د. أحمد عبد الحليم عطية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

سابعاً: فرويد والتأويل الاختزالي

لقد كان الاهتمام بالتحليل النفسي النتيجة الطبيعية لاهتمام ريكور بمشكلة الإرادة والإرادة السيئة والإثم. فهو كما يقول: لا يستطيع المضي في تحليل الإثم دون أخذ تأويل التحليل النفسي للإثم. غير أن التحليل النفسي كان يرتبط مباشرة بالمعضلات اللغوية بسبب استخدامه للبنى الرمزية. أي أنه ليست مشكلة الإثم بل البنية العامة للغة هي التي أدت بريكور إلى اللجوء للتحليل النفسي، كذلك ادعاء التحليل تقديم التأويلات، ليس فقط للأحلام والأعراض المرضية بل أيضاً لنسيج الرموز الثقافية بكاملها وللأساطير الدينية (46).

توقف ريكور أمام نوعين من التأويل أو الهيرمينوطيقا وليس هيرمينوطيقا واحدة، فما دام التحليل النفسي يدعي تأويل الرموز باختزالها، لذا فهو يسميها التأويلية الاختزالية أحياناً أو هيرمينوطيقا الشك مقابل هيرمينوطيقا الإيجاب أحياناً أخرى. وتفسر لنا اديث كريزويل سبب تحول ريكور تجاه فرويد، بأن ريكور بدأ كتابه الإرادي ليصف الإرادة بطريقة تصويرية من خلال استرجاع حي للصور، وكان عليه أن يقدم تحليلاً تجـريبياً للإرادة الواقعة في شراك الخطيئة، إلا أنه اكتشف أنه لا يستطيع كتابة الجزء الثالث «شعرية الإرادة»، إلا بعد استنباط الشروط التي تتحقق بها حرية الإرادة المغتربة لتتأسس من جديد، لذلك جاء كتاباه «الإنسان الخطأ» و «رمزية الشر» دون تصوير وصفي للإرادة الواقعة في شرك الخطيئة. ومن هنا شعر بقصور معالجته الأولى للمشكلة وأدرك أنه لا سبيل إلى حلها إلا بعد انعطافة تأويلية صوب فرويد (47). ولم يكن فرويد هو النصير الوحيد لهذا النوع من التأويل، بل أن ماركس ونيتشه وقبلهما فيورباخ يعتبرهم آباء المنهج الاختزالي وهيرمينوطيقا الشك. وتضيف كريزويل أن منهج فرويد الخاص بالتداعيات الحرة يغدو المنهج الأكثر ملاءمة لفلسفة ريكور اللغوية (48) ويعطي دون إهده سبباً آخر لاتجاه ريكور صوب فرويد. فالهيرمينوطيقا الفرويدية الخاصة بالشك تغدو قاصرة في تجاوز الوهم المتعالي وأن ريكور لا يفعل شيئاً أكثر من إقامة هيرمينوطيقا للعقيدة محل الهيرمينوطيقا الفرويدية (49). وكتاب «فرويد والفلسفة» في نهاية المطاف ليس كتاباً عن فرويد بقدر ما هو مشغول بتناول طبيعة التأويل. العنوان الكامل للكتاب هو «فرويد والفلسفة: مقال في التأويل» والعنوان الفرنسي الأصلي ذو دلالة أكبر حيث يقلب فيه طرفا العنوان الإنكليزي

(De L’interprétation- Essai Sur Freud) (50).

وعلى هذا أصبحت الهيرمينوطيقا تظهر كميدان يتداوله اتجاهان يميل الأول إلى التفسير الاختزالي ويميل الثاني إلى استرجاع المعنى الأصلي للرمز. كانت مهمة ريكور تتمثل في الربط بين هذين المنهجين دون التخلي عن تعريفه السابق للهيرمينوطيقا باعتبارها النظرية العامة في اللغة الرمزية. وأن يربط التأمل الفلسفي ليس فقط بعلم دلالة اللغة غير المباشر بل البنية المتصارعة للمهمة التأويلية أيضاً.

قول ريكور: «يعكس كتابي عن فرويد 1965 هذا التعرف المزدوج، الأول ضرورة القيام بمنعطف من خلال العلامات غير المباشرة، والثاني البنية المتصارعة للتأويلية وبالتالي لمعرفة الذات، فمعرفة الذات هي هذا الجهد من أجل الحقيقة بواسطة الاشتباك الداخلي بينالتأويل الاختزالي والاسترجاعي» (51).

الصفحات