قراءة كتاب غاستون باشلار - نحو نظرية في الأدب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
غاستون باشلار - نحو نظرية في الأدب

غاستون باشلار - نحو نظرية في الأدب

كتاب " غاستون باشلار - نحو نظرية في الأدب " ، تأليف سعيد بوخليط ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

القسم الأول

ترجمات

* غاستون باشلار والشعراء: لوي غيوم.
* الفيلسوف والشاعر: جون ليبيس.
* باشلار والشعراء: حول صورتين للوي غيوم.مارسيل شاتل.
* باشلار عند العرب: عمور الشارني.

غاستون باشلار والشعراء

غاستون باشلار، ذلك الذي يمكننا تسميته "أكثر الشعراء فلسفة، والفيلسوف الأكثر شاعرية"، ولد في "Bar-sur-Aube" عام 1884 في أسرة من الإسكافيين وزارعي الكرمة (Vignerons) . في التاسعة عشرة من عمره، دخل إلى إدارة مكاتب البريد وتزوج من مدرسة ريفية، شجعته على مواصلة دراساته. عمله أثناء الليل مكنه من التعلم نهارا. عام 1919 في الخامسة والثلاثين من عمره، وبعد أن اجتاز لوحده إجازة في الرياضيات، عين أستاذا للفيزياء والكيمياء بثانوية في بلدته الأصلية. عندها هيأ شهادة التبريز في الفلسفة. ثم دكتور في الآداب وقد بلغ الثالثة والأربعين من عمره. فأصبح أستاذا للفلسفة بجامعة ديجون. سنة 1940، انتقل مدرسا إلى السوربون، ومازلت أتذكر المعارك، التي يجب تحملها من أجل الحضور إلى دروسه، نظرا إلى عدد الجماهير التي كانت تشد إليها: أدباء وعلماء وشعراء، الكل يصفق له. لم يتم قبل ذلك تحقيق تركيب ما بين العلم والشعر، حيث توخى جعلهما "متكاملان". سنة 1955، حصل على تقاعده، وانتخب عضوا بأكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية. وفي العام 1961، حصل على الجائزة الوطنية الكبرى للآداب، وبهذه المناسبة تمكنا من أن نرى على شاشة التلفاز عينيه اللتين تتوقدان نارا من الدهاء والذكاء، وكذا وجهه العجيب الذي يشع طيبة، بلحيته الطويلة البيضاء التي تشبه لحية نبي. بإمكاننا أن نسمع صوته الشامباني (Champenoise) وهو يدحرج الـ "R" . بدأ الصحافيون يكتشفونه، ويقومون بتصويره وهو يتسوق في شارع "Mouffetard" . يتجادل مع المتسكعين، وتجار الفصول الأربعة، وكذا "قدماء" حرب 1914. أرمل منذ مدة طويلة، يعيش بشارع "La montagne Sainte-Geneviève" في شقة صغيرة مكتظة بالكتب مع ابنته التي هي كذلك أستاذة للفلسفة. مدير في معهد التاريخ والعلوم، فقد أصدر أكثر من ثلاثين مؤلفا في قضايا الفيزياء وفلسفة العلوم، وكذا في كل مسالك الخيال الإنساني. ذلك الذي يدعوه الكل سواء الزملاء أو التلاميذ، بـ"السنديانة الشائخة" توفي عن سن 78 عاماً في 16 أكتوبر 1962. كل من عرف هذا الكائن الخارق، الأكثر إنسانية والأكثر شاعرية من بين كل فلاسفة عصرنا الكبار، لا يمكنه نسيانه. في "مغارة كتبه"، مثل الفيلسوف رامبرانت (Rembrandt) ، كما تحدث عنه بطريقة مؤثرة جدا في آخر عمل له، كان ينتظرنا. يخطو، وهو ينتعل ليفتح لنا الباب، بقميص ليلي مفككة أزراره، وغطاء قديم ممزق ملقى على منكبيه. ريشته "رقيب ماجور" مخشخشة (مما يعطي الحياة أكثر، كما يقول)، كانت موضوعة في مكتبه الذي تكتسحه الأوراق والكتب، بجانب المحبرة وقد توحل حبرها قليلا. لقد رفض دائما استعمال قلم (Stylo) . وواجهت ابنته كثيرا من أجل إدخال الكهرباء إلى شقتهما. لم يقبل أبدا الانزواء في صالة سينمائية. ولم يكن هو، أستاذ الصور الشعرية الكبير، بحاجة إلى هذه التسليات الاصطناعية! جالس إلى مكتبه، يقول وهو يبتسم مثل خفاش الأسطورة: "انظروا إلى أرجلي، أنا فيلسوف للعلوم. انظروا إلى أجنحتي، فأنا شاعر".
هذه الشعلة الكبيرة التي تنقل ارتعاشتها ونورها إلى روح كل الشعراء، تنطفئ. القصيدة في حداد. ذلك الذي قال: «كل شيء يرتج حين يرتعش النور» لقد تركنا باشلار. كان منارة بالنسبة للشعراء، يلهمهم ويحسون بأنه واحد منهم. منذ كتاب التحليل النفسي للنار (La psychanalyse du feu) الذي يفتتح ويختتم على مقولة لـ بول إلوار، يمكننا القول بأن القصيدة اجتاحته شيئا فشيئا. تكلم نيرفال عن "تدفق للحلم في الحياة الواقعية"، فإننا نعاين تدفقا للقصيدة داخل روح هذا الفيلسوف الكبير، بحيث أمكن لبعض الصحافيين أن يسميه "الأب نويل للحلم". هذا الحكيم الطيب جداً، والقارئ المدهش الذي يلتقي مع العقول الكبيرة لكل الأزمنة، يتوجه في الوقت نفسه إلى جمهور متخصص وكذا إلى هواة القصيدة العاديين. عمله منجم بعروق متعددة. الشباب يأتون عنده فطريا ويستقبلهم جميعا، ويعرف كيف يكتشف لهم في كتبهم الأول القصيدة المقبولة والمقطع الشعري الجيد وكذا الصورة الشخصية التي كانت نواة لعملهم المستقبلي. نقاد الشعر، وهم الأصل الذي أخذ منه الفيلسوف القصيدة، يسخرون أحيانا. بهدوء يفاجؤون حينما يجدون غاستون باشلار وقد استشهد إلى جانب شعراء مشهورين، بآخرين مبتدئين لم يعرفوا كيف يثيرون انتباههم.
 

الصفحات