كتاب " غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي " ، تأليف عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي
غليان الأفكار
خواطر وأفكار في الجدل السياسي
بقلم الناقد الشاعر حامد حسن الياسري
إن من يتابع ما يكتبه المحامي الكاتب عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري في الصحف والمجلات العراقية والعربية، يجد أن هذا الكاتب تناول بأهمية مواضيع مختلفة من حياة المجتمع العراقي، وقد قرأت كتابه الجديد (غليان الأفكار) الذي تطرق فيه إلى عدة تقاطعات تداخلت في المجتمع العراقي، وأحداث شتى تتمفصل في فصول أربعة تعالج تقاطعات الدولة مع الشعب، ففي الفصل الأول تطرق الكاتب إلى وضعية الغليان في سبعة عشر موضوعا مختلفا بين السياسة والاجتماع، كموضوع الاستراتيجية الثابته، والترابط العضوي بين الوطن والمواطنة، والتعايش الإنساني، مرورا بالتعددية والتكامل والتنازع الفكري، والديمقراطية في نظرية العمل المحمدية، وغيرها من المواضيع التي تتعلق بالحياة الاجتماعية. وفي هذه الموضوعات تناول الكاتب عادات وتقاليد بعض الناس في ازدواجيتهم الشخصية، وفشل الحكومة في تقديم الخدمات والأمن العام، والتفاوت المعيشي بين طبقات الشعب ،وربط ذلك بسيرة الرسول محمد (ص) عندما كان رحيما بالكفار، متواضعا بين الناس، حتى نزلت عليه (ص) السور والآيات القرآنية تثني على عمل الرسول وسلوكه الكريم، وهو يصالح بين القبائل والشعوب، ويعمل على توحيد كلمة الإسلام لا تفريقها، ويطبق المبادئ الواردة في القرآن الكريم.
كما ذكر الكاتب بعض الأمثال عن الرسول والإمام علي (ع) في الاعتدال والمساواة بين الناس والفقراء، حتى شكلت ثورة فكرية نهضوية، قادت المجتمع إلى التعايش الإنساني، ويرى الكاتب أن هذه المبادئ تؤدي إلى التعددية والترابط بين ديمقراطية الأحزاب وأحزاب الديمقراطية، ويرى أن التكامل والتنازع الفكري، هما من أولويات انتاج الأفكار الجديدة التي تنتج جوهر الحضارة والتقدم الإنساني، ولم ينس الكاتب وضع عشائر العراق، وامتدادها في الجزيرة العربية، مثل عشيرة (الجبور) وكيفية انحدارهما وتوليهما الإمارة في جزيرة العرب.
وتناول الفصل الثاني عدة عناوين منها (الفقير الصابر افضل من الغني الشاكر، والنظرية في أمة العرب، وأوراق مصرية، وأولادنا أكبادنا، وبدع وضلالات) وغيرها من الموضوعات الأخرى، وأفرد في هذا الفصل عدة أمثال للإمام علي (ع) تتعلق بالفقراء، مقارنا ذلك بما يتعرض له الفقراء الآن في العراق، ثم انتقل إلى محور الصراع العراقي الإيراني في الجوانب الدبلوماسية والقانونية، ذاكرا عدة معاهدات وقوانين تتعلق بهذا الشأن.
ثم انتقل إلى المعذبين في الأرض، ثم إلى نظرية أمة العرب من زمن الجاهلية مرورا بفترة وجود الرسول (ص) وانتهاء بدور الخلفاء الراشدين ومن تبعهم في الحكم من أولي الأمر، وكيفية التعامل مع الناس وفق احكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولم ينس الكاتب في هذا الفصل، التطرق إلى عادات العشائر ومظاهر الحياة الاجتماعية والأخلاقية الأخرى، كما ذكر ذلك في موضوع (بدع وضلالات) و(مضرب الأمثال) و(تطابق الأسماء).
وفي الفصل الثالث، تناول الكاتب عدة مواضيع منها (غليان الأفكار) و(ثورة الأغلبية) و(خطايا غاندي) و(فصل القضاء عن السياسة) وغيرها من الموضوعات الأخرى، ذاكرا ما تميز به الأنبياء من صفات، حيث كان النبي يوسف (ع) مثلا أعلى للصمود، والنبي موسى (ع) مثلا أعلى للصبر، والنبي عيسى (ع) مثلا أعلى للاستشهاد في سبيل المبدأ، والنبي محمد (ص) مثلاً أعلى، تجمعت فيه كل المثل والخصائص العليا للأخلاق الأصيلة في الأمة العربية، ويرى الكاتب في (ثورة الأغلبية) أن الدول إذا لم تستجب لمطاليب الشعب فإن الشعب سيستخدم الأساليب الثورية المسلحة والسلمية، لمعالجة مثل هذه الحالة، وأما عن (ثورة الإمام بمبادئ نبي) فإن الكاتب يذكر ثورة الحسين (ع) ورسالتها وعلاقتها برسالة جده محمد (ص) من الناحية العقائدية والرسائلية، التي تمثلت في شعار (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الذي جاء به الرسول لإحياء دولة المبادئ، والإسلام الذي كان قانونه القرآن الكريم، حيث قاوم الحسين (ع) بقوة الجبروت والطغيان والفساد وانحراف الحكم، حتى انتصر الدم على السيف، بحيث تجسدت ملامح الأمة المحمدية وحل العدل والسلام في أرجاء المعمورة، حتى تركت ثورة الإمام الحسين (ع) في الحياة العربية، خطاباً تاريخياً، سطره بدمه ودم شهداء معركة الطف في كربلاء.
وأشار الكاتب في الفصل الرابع إلى أهمية الدستور حيث وجد أن هناك تعارضا بين مواد الدستور العراقي، وعاب على المشرع وجود اختلافات كثيرة في الدستور تؤدي بالدولة إلى الفساد الإداري والمالي، وعدم إشارته إلى أن العراق جزء من الأمة العربية، في حين أشار إلى تعدد اللغات وحق العراقي في أن يحمل أكثر من جنسية، مما يجعل العراق دولة تحمل كافة الجنسيات التي تمزق البلد وتجعله ساحة للانقسامات والتناحر الطائفي والعرقي.
وذكر الكاتب في هذا الفصل عدة مواضيع أهمها (العولمة والاغتصاب الثقافي) و(العلاقة بين العروبة والإسلام) إضافة إلى مواضيع أخرى، تناولت السلبيات والأمراض التي تنهش جسد الأمة، وتغتصب ثقافتها السياسية والاجتماعية، وتجعل من النظام السياسي للدولة منظومة من التجاذبات المهيمنة على الحياة السياسية، وتمفصلاتها المكانية والحركية، التي تتجه بالبلد نحو الأحداث والعراك السياسي، والنفعي الذي يكشف المستور من المقاصد الفاسدة.
لقد حاول الكاتب بدقة أن يسلط رأيه الخاص على أغلب مواضيع الكتاب، كما سلط آراءه في كتابه (غليان الأفكار) على الأفكار المتضاربة، وما تنطوي عليه من بدع الأشرار الذين يحاولون تهديم بنية العراق الاجتماعية والسياسية والثقافية وسلب ثرواته المتعددة، محاولاً كشف المستور بطريقة لاذعة وشفافة، جاعلاً من هذا الكتاب قاموسا لمتواليات السياسة والاحتراب الطائفي والعرقي، فاضحاً محاولات بدع الأشرار، والتجاذبات والأحداث التي مرت على هذا البلد، منذ الرسول (ص) إلى الآن.
إن هذا الكتاب في تقديري، يمثل توصيفاً تكاملياً لتشفيرات الجدل السياسي المتشعب القوى والحراك، والمتخندق في الحركة السياسية، التي لم تعط أهمية استراتيجية لشعوبها في حق تقرير مصيرها. وإني أرى أن رؤى الكاتب قد تجلت في هذا الكتاب الذي أبدعه أيما إبداع، وتناوله مفصلاً كل حيثيات الحكام من زمن الرسول (ص) إلى زمننا الحاضر، وبرأيي إن الكاتب ذهب بتفصيلاته المتخذة اساسا للكشف والتحليل، قد وجد أن هذا الغليان سوف ينفجر بقوة ليعيد الحياة الحقيقية إلى الشعوب المغلوبة على أمرها، طوال عهود قاسية مرت عليها كما قال الشاعر الكبير ابو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
العراق
15 / 11 /2010
حامد حسن الياسري