كتاب " غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي " ، تأليف عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
غليان الأفكار - خواطر وأفكار في الجدل السياسي
(2)أسـر الحقيقة
لا بد للحكومات الفاشلة أن تواجه بغضب شعبي، ربما يتحول عندما يبلغ الحماسة مستوى الانفجار إلى عصيان مسلح، ثم إلى ثورة جماهيرية واسعة، وهذه بديهية تاريخية عرفتها شعوب العالم في القارات كافة ضد من يعمل على اخماد شعلة الروح الوطنية ومصادرة حقوق الإنسان من أجل الحفاظ على الاعتبارات الاجتماعية والمراكز الوظيفية بشتى الوسائل القمعية والأساليب الذرائعية كما حدث ذلك، وسوف يحدث، من أحداث شعبية في بعض المحافظات احتجاجاً على تردي الكهرباء كواحد من الملفات الخدمية التي طال الزمن على عدم معالجتها خصوصاً وأن درجات الحرارة في هذه الأيام تزداد ارتفاعاً مما يزيد في معاناة الجماهير المسحوقة والفئات المحرومة من نعمة الكهرباء التي تحولت إلى نقمة للفقراء.
ومع هذا كله لا يعترف المسؤولون في (الحكومات المحلية) و(الحكومة المركزية) بفشلهم في إدارة ملف الخدمات العامة والخاصة، فظلت هذه الحكومات أسيرة الحقيقة متهمة جهات سياسية وحزبية وشخصية وراء هذه الأحداث العفوية، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على خوف الجهات المسؤولة من الاستياء الشعبي الذي يتحول إلى ثورة عارمة كما أسماها أحد المواطنين المتظاهرين بأنها بداية (ثورة الجياع) أو بداية الثورة ضد الوضع السياسي كما أسماها أحد الناطقين لإحدى الحركات السياسية في العراق، على طريق تحرير الإنسان من الظلم والتعسف اللذين يواجههما باستمرار في حياته اليومية ولا سيما في الجانب الخدمي.
ولكن مع الأسف الشديد لم نجد هناك من يعالج هذه الفوضى الخدمية، فبدلا من مواجهة مطالب الجماهير الغاضبة بروح ديمقراطية شفافة، يجابهون بإطلاق النار عليهم والتهديد والقتل ومنع الغضب الشعبي من الأساليب الديمقراطية التي هي حق قانوني ومشروع يعبر من خلاله الشعب عن آرائه وطموحاته. فلماذا هذا الربط بين الملفات الخدمية والملفات السياسية؟
ولماذا لا تواجه الدولة (السلطة) الشعب صراحة لتقول إننا (طلاب) مناصب لا دعاة مناقب.
على الدولة متمثلة بالسلطة ألّا تخاف من الشعب، لأن الخوف في هذه الأيام لا يفسر الهروب من غضب الجماهير، وإنما يفسر الخوف على المكاسب التي حصلوا عليها، والخوف على الأموال والثراء والمراكز الوظيفية التي عاشوا فيها وعليها، وإني أرى أن مواجهة الشعب بالغضب والقسوة والنار هي فشل في إدارة الدولة والتمسك بها بالقوة وسلب وتدمير حقوق الناس.
إن متابعة الملف الخدمي ومعالجته هما الطريق الصحيح لحل الملفات الأخرى وفك أسر السلطة من الضلال والوعود البراقة وتبيان حقيقة ما يحدث في الساحة العراقية من فشل مستمر في معالجة التجاوزات والسلبيات التي ترافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخدمية، والدولة الرائدة الواثقة بنفسها تحرق الوعود بتقديم المنجزات على ارض الواقع.
ولكن مع الأسف الشديد ينام الإنسان العراقي على (أواعدك يا وعد) ويقعد على (أسقيك يا كمون) فمتى ينام (وعد) بهدوء على الأقل؟ على هواء (المروحة) السقفية أو العمودية اللاهب في فصل هذا الصيف الحارق.
وصدق من قال لأصحاب الوعود الكثيرة: (أواعدك يا وعد وأسقيك يا كمون).