أنت هنا

قراءة كتاب الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم

الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم

كتاب " الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم " ، تأليف وليد الرجيب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

(1)Past life

- نَمْ أعمق.. وأعمق..

أنت تستطيع أن تسترخي، وتنام نومة عميقة إذا أردت، وأنا أتساءل كيف تحب أن تسترخي، ربما فقط تريد أن تسترخي على هذا الكرسي الذي تجلس عليه الآن، أو ربما هناك شيء آخر تفكر فيه ويجعلك تسترخي أكثر، على كل حال أنت تستطيع أن تسترخي بالطريقة التي تناسبك، وتسمع ما سأقول لك..

وربما من هذه اللحظة سوف تلاحظ تنفسك، كل نفَس تزفره سيدخلك باسترخاء أعمق، وربما من هذه اللحظة سوف تركز على صوتي فقط وتهمل وتستبعد الأصوات الخارجية، وطالما تسمع صوتي سوف تنام أعمق..

والآن لا داعي لأن تنتبه ليديك وهما تصبحان أثقل وأثقل، ولا داعي لأن تنتبه لأجفانك وهما يصبحان أثقل وأثقل، أنت الآن مسترخ، لكن عندما أعد من العشرة حتى الواحد سوف تنام نومة عميقة جداً، كل رقم سوف يضاعف نومتك، لكن إذا وصلت إلى الرقم واحد، سوف تكون نائماً نومةً عميقة جداً ومريحة جداً..أبدأ بالعد.. عشرة تنام أعمق وأعمق..تسعة تنام أعمق وأعمق..

استرخت عضلات وجه سالم مع صوت لوتشيا بلكنتها الإيطالية، ولغتها الإنجليزية الممطوطة:

- في هذه الجلسة سآخذك في رحلة عبر الزمن، قد تغيِّر حياتك إلى الأبد.. فقط نَمْ أعمق مع كل كلمة أقولها، وبعد قليل ستجد نفسك تنتقل مع الضوء البنفسجي الذي يأخذك إلى الفضاء، بعيداً.. بعيداً، وتلتفت لتجد الأرض تصغر وتصغر حتى تصبح نقطة صغيرة ثم تتلاشى لتجد نفسك في فراغ عظيم، سكون وسلام، تنتقل دون أن تحرك رجليك، لا تعرف يمينك أو يسارك، لا يوجد فوق أو تحت، لا يوجد ماضٍ أو حاضر.. فقط سلام وسكون رائعان..

ملامح سالم جامدة، يغط في سرنمة عميقة، يخبو صوت لوتشيا ويعلو، وكل تركيز عقله الباطن مع هذا الصوت، يرى ويشعر بكل كلمة يسمعها.

- أنت لا تحلل أو تفسر، أنت فقط تعيش اللحظة في عالمك الساحر، مفتوناً بما تراه من ألوان، ترى شهباً تتنقل تاركة خيوطاً وأذيالاً نارية خلفها، ترشق الفراغ، ترى نجوماً ترقص بسعادة على عزف لحن إلهي، يعبر عن عظمة هذا الكون الذي توحدت به الآن وفي هذه اللحظة..أنت فقط تعيش في اللحظة تاركاً العنان لعقلك الباطن للانعتاق والتحرر، وإطلاق طاقاتك وإمكاناتك وقدراتك اللامحدودة.. نَمْ أعمق..

جسد سالم كصخرة ملقية على الأرض، ثابت في جمود وتخشُّب كاملين، وقد حاد عقله الواعي، وانتبه عقله الباطن بتركيز شديد، لا يشعر بجسده، لايعرف هل يداه تحت أم فوق، يشعر كأنه نائم على غيمة وهو يستمع إلى كلمات لوتشيا:

- بعد قليل سترى نفسك تصغر وتصغر، سترى مراحل حياتك والأمور المرتبطة بها، الآن ترى نفسك في سنّ الأربعين، ثم الثلاثين، عشرين، عشر، سنة واحدة، ثلاثة أشهر، شهر واحد.. ثم فجأة سكون وهدوء ودفء، فقط تشعر بنبض القلب وأمان رائع.. ومن بعيد ترى نقطة ضوء أبيض تنجذب معه مأخوذاً دون إرادتك وتنطلق لا تعرف إلى أين، لا تحلل ولا تفسر فقط عِشِ اللحظة.. ترَ بوابة ذهبية تنفتح فتعبرها، وتجد نفسك تهبط بهدوء ويسر إلى بقعة في الأرض، وبعد قليل سأسألك وستجاوبني، فالنائم يستطيع الكلام.

تصمت لوتشيا قليلاً، ثم تسأل سالم مقرِّبة أذنها من فمه:

- أنظر إلى قدميك، هل هما قدما امرأة أم رجل.

يأتي صوت سالم بطيئاً منخفضاً وكأنه تحت تأثير البنج:

- رجل.

لوتشيا تعلّق:

- عظيم، أنظر حولك، هل أنت في مدينة أم في طبيعة.

يأتي صوته بعد فترة:

- مدينة.

- هل بإمكانك معرفة في أي مدينة تعيش؟

يأخذ وقتاً أقصر ليقول:

- لندن.

- ممتاز وهل يمكنك معرفة التاريخ أو الحقبة، إذا كانت بقربك جريدة أو روزنامة.

يقطب سالم جبينه كأنه يبحث قبل أن يجيب:

-1850.

هل تستطيع أن ترى شكلك في مرآة أو زجاج نافذة أو مستنقع، لكنه يقاطعها وكأنه استذكر:

- الوقت صيف، وأنا خارج من المقهى أنتظر عربتي مع السائق مستنداً إلى عصاي ذات المقبض المذهب.

- إذاً أنت غني.

الصفحات