قراءة كتاب في مدار النقد الأدبي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في مدار النقد الأدبي

في مدار النقد الأدبي

كتاب " في مدار النقد الأدبي " ، تأليف د. علي مهدي زيتون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

3- مشترك الحقول المعرفية

في ضوء ما سلف نرى أن أيّ منهج من المناهج لا يمكنه وحده أن يحوز الحقيقة كاملة، أو ادّعاء الشرعية الحصريّة لنفسه في مقاربة الخطاب الأدبي. إنّ أي منهج من المناهج مهما قلّ شأنه مع تقادم الزمان، ومهما حدث من تجاوز جوهري لمقولاته، يظل ممسكاً بشيء من الحقيقة.

ولا يعني ذلك دعوة إلى استحضار ما تجمّع من مناهج نقدية في أثناء هذه المقاربة أو تلك. ثمّة مشترك بين جميع الحقول المعرفية، خصوصاً إذا تعلّق الأمر بكيفيّة ولادة أيّ منها وكيفية نموّه. إن سلكاً واحداً عامًاً يجمعها ودمغة واحدة تدمغها. في كل مرحلة من مراحل الثقافة.

تعارف المفكرون على تسمية ذلك الخيط بالمنهج: المنهج الميتافيزيائي، أو المنهج الجدلي المثالي، أو المنهج الجدلي المادي، أو المنهج التفكيكي... الخ.

تنضوي كل الحقول المعرفية، وفي كل مرحلة من مراحل حياتها، تحت خيمة، يمكن أن نسميها خيمة ثقافية واحدة لا يستطيع أي حقل من تلك الحقول أن يفكر إلا تحت سقفها.

ولتبسيط الفكرة يمكن القول: إن الجماعة البشرية على الأرض، تواجه في كل مرحلة من مراحل تاريخها، مشكلات وتحديات ذات طبيعة فكرية، أو اجتماعية، أو نفسية، أو تقنية، أو علميّة، وقد تصل تلك المشكلات والتحدّيات إلى حد الأزمات والمآزق التي تستنفر عقل النخبة البشرية لفهم ما تفاقم واشتدّ، ولتوجِد لها حلولاً توصل البشرية إلى مأمنها المرحليّ. وما تنتجه من معرفة متنوعة في كل مرحلة، يظل واقعاً تحت سقف المنهج السائد في التفكير.

وما ينطبق على البشرية كلها، ينطبق على الجماعات البشرية فرادى.

تواجه كل جماعة منفردة مشكلات وتحديات خاصة بها، فتنبري نخبتها وفي ظلّ المنهج السائد في التفكير لفهم ما تواجهه ولتوجد الحلول لها.

وإذا نحن أمام ثقافة بشرية عامة لا تخصّ مجتمعاً بعينه، وأمام ثقافات متعددة للمجتمعات البشرية المتعدّدة. ومما يجدر ذكره هنا، أن ما توصّل إليه عقل النخبة هو الثقافة التي أنتجها لتلك المرحلة. وإذا كنا أمام نوعين من الثقافة، فإن الأبواب مشرّعة بين الثقافات المتعددة من جهة، وبينها وبين الثقافة البشرية العامة من جهة أخرى، وآليات التحاور، والتمازج، والإفادة المتبادلة أقوى من أن يحدّها حدّ.

وإذا كانت المشكلات والتحديات الفكرية، والاجتماعية، والنفسية، والعلمية، والأدبية هي مشكلات وتحديات متعددة إلا أنها منضوية تحت سقف حاجات الجماعة التي واجهتها. وحاجات الجماعة هي مكوّنات حاجة أساسية واحدة هي حاجة الجماعة البشرية إلى المحافظة على وجودها. وما توصّل إليه عقل النخبة ليس نهاية المطاف. لا تنفك المشكلات والتحديات تتوالد. فلكل مرحلة تاريخية جديدة مشكلاتها وتحدياتها ولها فهمها وحلولها، ولها ثقافتها.

يعني ذلك من الناحية الأنتروبولوجية، أننا حين ننتج ثقافة إنما ننتج طريقة حياة (انجيلتون، ص 233)، ثقافية، ونفسية، ووجدانية، وأخلاقية، واجتماعية، وتقنية، واقتصادية، وسياسية... الخ.

فطريقة الحياة إذاً هي بنية موحّدة قائمة على مكوّنات وظيفيّة مترابطة هي تلك الحقول التي تفصح في المحصلة عن طريقة حياة غير قابلة للتجزيء.

الصفحات