كتاب " البناء والإنتماء - الجزء الأول " ، تأليف عبد اللطيف الحرز ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب البناء والإنتماء - الجزء الأول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
البناء والإنتماء - الجزء الأول
من النفس المطمئنة إلى النقد المطمئن
من المُشتركات المُهمل بحثها، بين قضية الصح والخطأ، حيث علم المنطق، وقضية الحسن والقبيح، حيث مسؤولية التزكية وعلم الأخلاق، وقضية التفكيك والتجاوز، حيث علم النقد، مسألة (الحذر). ففي العلم والمدارات الثلاثة، ثمة احتراز ويقظة من الوقوع في شباك قضية تناقض القضية التي نطلبها ونرغب في الوصول إليها. هنا آفات المنهج، وهناك آفات السلوك، وهنالك آفات الفهم. وبين هذه الآفات هناك مشاكل وعقبات الواقع، فيكون على سالك الحقيقة أن يقطع أسفاراً أربعة وأشواطاً أربعة من أجل الوصول إلى فلاح اللقاء والوصول.
ووجود العقبة أمر مُربك لا مُبهج، ومُحزن لا مُفرح. هناك حقيقة قبل وصولنا إليها وهناك مثال ونموذج قبل اتصافنا وتخلقنا، وهناك قضية قبل فهمنا ووعينا. وقديماً تم تصوير هذه المسألة لشدة الانفعال بها وحساسيتها بكونها وجوداً آخر من قبيل مُثل أفلاطونية كان ينشدها المُثقف القديم. يقول السيد محمد الصدر رحمه الله((1)) في بعض وجدانياته وتأملاته:
لمــاذا ينزل الإنسان نحـو
التراب بـأول الميـلاد باكي
ومـا هذا سوى فهم لمـا فـي
ديار الناس مـن خطر العراكِ
بدنيـا ذات تـدلـيس وغـدرٍ
ومكرٍ واشتهـاءٍ واشتــراك
وغش تنـفر الأطبـاع منـه
وسقـم قـد يـؤدي للهـلاك
فكيف يجيء فرد نحـو دنيـا
ويهمـل عالماً بالحب زاكـي
وكـان به منيخاً مستريحــاً
من اللأواء دومـاً والحـراك
ضمين الرزق لم يحمل هموماً
نظيفاً لم يـغش ولـم يحـاكِ
فخلّف عالماً بالعطر يطفــو
وجـاء لعـالمٍ بالسوء واكـي
ولـو هان الزمان لكـان أمراً
ولكن المنيــة مــن وراك
بمـا فيها من الأخطار تحـدو
جميع الناس فيـها بـاشتراك
فابن الأرض سوف يعود فيهـا
وتنغلق المضاحك والمبـاكي
وينغلق التراب علـى سجيـن
بـجرم يديـه يحكم بالهـلاك
ونقلته لــدى سجـن لسجـن
ومـن حـلم لحلم. ما وراك؟
لقد أكل الطعام طوال دهـر
وصار أكيل طعـم للمساكـي
فذا يبكي مـن الدنيا دوامـاً
ويبكي قبره رغم البواكــي
فحـق ينزل الإنسان نحــو
التراب بـأول الميلاد باكـي
ولا يرجو مجيراً مـن دموع
تحط كأنهـا سيــل السفاك
ومـن دفع البلا بفنــا فناء
ومن رفع الشقا بديار زاكـي
سوى نفح من الرحمن يأتـي
لنفسٍ كي ترى فيهـا عـلاك
هناك النور بالإبصار يسمـو
حباك الله منــه واصطفـاك