قراءة كتاب البناء والإنتماء - الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البناء والإنتماء - الجزء الأول

البناء والإنتماء - الجزء الأول

كتاب " البناء والإنتماء - الجزء الأول " ، تأليف عبد اللطيف الحرز ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

عناصر البحث المشترك :جدل الفكر مع الذات

العلم اهتمامات وأهمية

جدل الفكر مع الذات هو ذاته البحث القديم في شروط اليقظة والعزم والتوبة، وحينئذٍ فهو ليس سفراً من الأسفار الأربعة القادمة حيث ينتهي بحث العقائد بمطلب الأخلاق، من خلال الوصول إلى بحث الصفات الذاتية الفعلية التي منها صفة الحكيم. فيتفرع البحث إلى بحث الحسن والقبح هل هما عقليان أم شرعيان، وهل العدل الذي هو لازم الحكمة ذاتي أم غير ذاتي، وهذا أمر يشمل كل الأخلاق هل هي ذاتية أم لا. وقضايا الثواب والعقاب ومنطقية كونهما خالدين.

كما ينتهي بحث العقائد من العقليات إلى النقليات، من بحث أدلة ثبوت الله وصفاته، وهي أدلة عقلية، إلى بحث صفات القرآن وثبوت النبوة والإمامة الخاصة «أي مصداق النبوة والامامة، وليس ذات فكرة النبوة، أي تحديد أن النبي هو محمد بن عبدالله، وأن الإمام هو عليّ بن أبي طالب»، وإلى الحديث عن شكل الجنة والنار، وهل هما موجودان الآن، وكلها بحوث نقلية في الأصل.

في حين البحث الأخلاقي ينتهي بمطلب العقائد، حيث ينتهي بحث منازل السائرين بمنزلة التوحيد. وإلى بحث قضايا الفناء، والتجرد النفسي التام، وكلها بحوث في أصلها عقلية. وسوف يبلغ اختلاط البحوث قمته في العصور المتأخرة في بحث الولاية التكوينية للأئمة، حيث يتداخل البحث التفسيري، حيث اللغة والأخبار، مع العرفان، حيث الفلسفة والحدس. كما هو حال التناقض في معالجة هذه القضية بين السيد كمال الحيدري والسيد محمد حسين فضل الله.

وعلى أية حال يشترك كلٌّ من البحث العقائدي والبحث الأخلاقي، بتقديم مقدمة في أهمية العلم في كتب الأخلاق، ونقد السفسطة في كتب العقائد والفلسفة. وكلا البحثين رغم اختلافهما الظاهري، هما بحث واحد. فبحث أهمية العلم هو بحث نقض السفسطة لكن من خلال نقل الأحاديث والأخبار الوعظية. وبحث نقض السفسطة هو بحث أهمية العلم لكن من خلال التحليل العقلي.

وأصل بحث نقض السفسطة هو بحث المعتزلة في الثقة بالعقل في فهم الشريعة، ورد علماء الشيعة على الأشعري القائل بعدم وجود قانون السببية. وهذا الأمر استمر في البحوث الكلامية حتى «إحقاق الحق» للتستري، وفي البحوث الفلسفية حتى «أصول الفلسفة والمذهب الواقعي» و«نهاية الحكمة» للعلامة الطباطبائي، و«فلسفتنا» لمحمد باقر الصدر، و«اليوم الموعود» لمحمد محمد صادق الصدر.

البحث الفلسفي والعقائدي يرى في هذه الخطوة، مقدمة موضوعية تقوم عليها مسائل العلم الأخرى، لكوننا إذا لم نثبت أن ثمة واقعية هناك، فلا يمكن إثبات أي صفة لها، هل هي وجود أم ماهية، هل هي جوهر أم عرض، واجبة أم ممكنة وهكذا. في حين البحث الأخلاقي يرى في هذه المسألة خطوة في طريق الوعي بالذات والهجرة من دار النفس، إلى الوعي بالعالم والجهاد السلوكي في معرفة الوجود الحقيقي الذي سوف يتبين فيه أن معرفتنا بكونها واقعية ليست سوى ظل له وليس هو الواقعية الحقيقية. وهذا هو السبب الذي جعل البحث الفلسفي ينتهي إلى بحث عرفاني كما حصل في كتاب الحكمة المتعالية لصدر المتألهين الشيرازي. وكما جعله السيد محمد الصدر القسم الأعلى لتقسيم مراتب التوحيد في كتابه فقه الأخلاق.

على ذلك يقول السيد محمد حسين الطباطبائي في مدخل كتابه نهاية الحكمة:

«إنا معاشر الناس أشياء موجودة جداً ومعنا أشياء أخر موجودة ربما فعلت فينا أو انفعلت منا كما أنا نفعل فيها أو ننفعل منها.

هناك هواء نستنشقه وغذاء نتغذى به ومساكن نسكنها وأرض نتقلب عليها وشمس نستضي‏ء بضيائها وكواكب نهتدي بها وحيوان ونبات وغيرهما.

وهناك أمور نبصرها وأخرى نسمعها وأخرى نشمها وأخرى نذوقها وأخرى وأخرى.

وهناك أمور نقصدها أو نهرب منها وأشياء نحبها أو نبغضها وأشياء نرجوها أو نخافها وأشياء تشتهيها طباعنا أو تتنفر منها وأشياء نريدها لغرض الاستقرار في مكان أو الانتقال من مكان أو إلى مكان أو الحصول على لذة أو الاتقاء من ألم أو التخلص من مكروه أو لمآرب أخرى.

وجميع هذه الأمور التي نشعر بها ولعل معها ما لا نشعر بها ليست بسدى لما أنها موجودة جداً وثابتة واقعاً فلا يقصد شي‏ء شيئاً إلا لأنه عين خارجية وموجود واقعي أو منتهٍ إليه ليس وهماً سرابياً فلا يسعنا أن نرتاب في أن هناك وجوداً ولا أن ننكر الواقعية مطلقاً إلا أن نكابر الحق فننكره أو نبدي الشك فيه وإن يكن شي‏ء من ذلك فإنما هو في اللفظ فحسب. فلا يزال الواحد منا وكذلك كل موجود يعيش بالعلم والشعور يرى نفسه موجوداً واقعياً ذا آثار واقعية ولا يمس شيئاً آخر غيره إلا بما أن له نصيباً من الواقعية».

الصفحات