أنت هنا

قراءة كتاب ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

كتاب " ماذا فعل بأطفالك يا أبي " ، تأليف عزة آغا ملك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدنة الكتاب:
لقد تمت كتابة هذه الرواية بالتواطؤ
مع إيريك

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

7

كنت أظن أن كل هذه القصص لا تهم أختي الصغيرة التي كانت تلعب مع ميكي. لكنني رأيتها وقد انتصبت بسرعة لتقترب من الرجل ذي الشارب، ولتعبر له عن مشاركتها:

ـ أسماك ميتة! لكن كيف ماتت؟ ألانها عبّت المازوت؟

أهمل ذاك الرجل السؤال وارتسمت على وجهه مسحة من الأسف ليضيف:

ـ إن منظمة السلام الأخضر تدعو يومياً إلى وقف إطلاق النار لإيقاف هذا النزف الذي أصاب البيئة بكاملها. لكن من سيصغي إليها؟ ولتنظيف الشاطئ من هذه الطبقة المُلَوِثة، يلزم من ستة أشهر إلى اثني عشر شهراً، حسب ما ورد في الأخبار. إذا ما توقف القصف! لأن حزب الله يجيب عن هذا العنف بقصف شمال إسرائيل قصفاً مكثفاً، وتجيب هذه بأعمال انتقامية فظيعة لا تُصَدق... لا تصدق...! راح يردد.

ـ ما هي منظمة السلام الأخضر ؟

تجاهل السائق للمرة الثانية سؤال أختي وأجاب موارباً:

ـ لحسن الحظ، لم يصل من المد الأسود إلى شاطئ طرابلس إلاً القليل. يمكنك، يا سيدتي، أن تقصديه دائماً للسباحة. قال السائق ذلك وقد وجه حديثه إلى جدتي (لا أعرف لماذا).

ـ لكن لم نعد نستطيع الذهاب للسباحة! لقد أجَّر والدنا...

قرصت أمي ذراع أختي كي تسكت. نظرت الأخيرة إلى أمي نظرة حادة كالسهم معبرة عن احتجاجها ولاذت بالصمت.

ـ يستحيل ذلك! أجابت جدتي وهي تدحض كلام الرجل قائلة: حين ينتشر المد الأسود على السطح، فإن التلوث يصل إلى كل الشواطئ... كلا، لا يمكن أن نجازف بحياتنا ونسبح في البحر...

ـ ليس ذلك ضرورياً، يا سيدتي، أجاب الرجل بنبرة واثق...

لكن أختي لم تنسَ سؤالها المُبعَد. وبالتالي اقتربت من السائق وهزت ذراعه:

ـ ما معنى السلام الأخضر ... ما هذا؟ قل لي!

تدخلت أمي قائلة:

ـ كفي عن مضايقاتك! سأشرح لك ذلك فيما بعد.

ـ كلا، الآن!

ـ ليس الوقت ملائماً...

ـ بلى!

وباستياء، أخذت ميكي بين ذراعيها لتدخل إلى غرفتها.

صرخت أمي: ـ تعالي هنا، أغلقي لي هذا الباب بسرعة! هل تفهمين؟ إننا راحلون...

نفذت أختي الأوامربسرعة بعد أن صفقت باب الغرفة بقوة.

لن تكون غرفتها، بعد عدة أيام، إلَّا ذكرى بعيدة، يا أبي!

" إننا راحلون ".

لاحظ السائق ـ وقد استغل سكوت أمي التي شرعت في إغلاق حقيبتها ـ أن حديثه قد أثار الاهتمام. فأمسك بالحقيبتين وتابع كلامه وهو يوجهه إلى الملأ:

ـ الدمار في كل مكان. فالمطار والموانئ، وطرق السيارات العريضة، ومحطات الكهرباء، والمجمعات التجارية الهامة، ومحطات الإذاعة، والتلفزيون، والكنائس والمساجد، والمنشآت المدنية، والمستشفيات، وحتى سيارات الإسعاف... وكذلك قواعد الأمم المتحدة.

ـ توقف... توقف... كفى! خذ كل شيء وابقَ خارجاً. سنلحقك!

كانت هذه الأنباء ترهق أمي.

قام السائق بما طلبته منه أمي لكنه عاد إلى البهو ليسأل:

ـ وهذه الأكياس... هل تتركونها هنا؟

ـ بالطبع لا! إنها زادنا ؛ فطائر وفواكه... للأطفال... خذها خارجاً.

بدا الرجل كأنه يريد أن يفرغ كل ما في قلبه. فوجه كلامه إلى جدتي لأنها كانت أشد إصغاءً لخطابه الممل:

ـ وهل تعرفون... أن الخسائر قد تجاوزت المليارين والنصف من الدولارات...

صرخت جدتي: ـ ماذا تقول؟ هذا يعني ملايين الملايين؟ من سيساعدنا في...

سألت جدة والدتي: ـ كل هذا؟ ألا تبالغ في ذلك بعض الشيء؟

ـ على الإطلاق! لقد أعلنت ذلك كل وسائل الإعلام. إنني لا أختلق شيئاً... مع الأسف، أجاب السائق وهو يبتعد حاملاً طعامنا.

ثم وقفت النسوة الثلاث في الوقت ذاته.

قالت أمي وقد تقلصت تقاطيع وجهها:

ـ حسناً، يمكننا الآن الذهاب من هنا، يجب ألَّا نضيع الوقت...

ثم خرجن من الباب الكبير الذي تُرك مفتوحاً.

الصفحات