أنت هنا

قراءة كتاب ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

ماذا فعلت بأطفالك يا أبي

كتاب " ماذا فعل بأطفالك يا أبي " ، تأليف عزة آغا ملك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدنة الكتاب:
لقد تمت كتابة هذه الرواية بالتواطؤ
مع إيريك

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

8

عقدت حلقي حينذاك كتلة من القلق. نظرت حولي. ذاك البهو، وتلك الجدران، وتلك الأرائك، والبيانو الذي يخصني، وآلة غيتاري...

كان عليَّ أن أترك كل ذلك ؛ كل ذلك العالم.

ورائي.

قبل أن أقرر الخروج من البهو، ألقيت نظرة أخيرة على الجدران الفاتحة اللون حيث عُرضت صورنا الفوتوغرافية الملونة: إنها صور عائلية، صورنا: عُطل، زواج، سفر... صورنا حين كنا أطفالاً صغاراً، صورنا ونحن بلباس السباحة على شاطئ البحر. نحن... نحن... نحن في كل مكان على الجدران. ولست أنت الذي أخذت كل هذه الصور.

كانت أمي لا تفترق عن آلة تصويرها التي تحملها معها في أسفارها. كانت تحب أن تُخلد تلك اللحظات السعيدة، وقد أقدمت أنت على هتكها، وإفسادها، وانتهاك حرمتها. على شقة جدار منزوٍ، كانت صورة فوتوغرافية كبيرة لعريس وعروس. إنه زواجكما، أنت وأمي...

أنت تلبس قميصاً أبيض وعقدة على شكل فراشة.

وتبتسم.

وأمي، وقفت بجانبك، بوجهها الهادئ وقد انحنى رأسها قليلاً على كتفك.

بثوبها الأبيض الناصع.

كانت رائعة، وخارقة وملائكية.

وقد رفعت شعرها، وربطت جزءاً منه.

كأنها السيدة مريم!

كان التعبير عن السعادة التامة ينير وجهيكما. كانت عيونكما تلمع ببريق نضر. كنتما شابين مفعمين بالبهجة وبالحيوية.

مضى على ذلك ثمانية عشر عاماً!

أية ظاهرة رهيبة تُغير الفرد هكذا؟ وكيف يحدث، بين عشية وضحاها، أن تدخل السعادة من الباب لتخرج من النافذة، شأنها في ذلك شأن شبح هاربٍ؟

من السبب؟ وما السبب؟

كنتُ على وشك الخروج، حين وجدت فوق خزانة صغيرة وضعت في المدخل، قصاصة ورقية تحمل كتابتك وكلماتك. إنها قصاصة بقيت مُثبتة بدبوس على باب غرفتكما التي هجرتها أنت، يا أبي.

وبعد مدة من هجرك لنا.

بقيت تلك القصاصة تحيرني.

كنت أقرأها كل صباح، وأعيد قراءتها، وتهجئتها وأنا أنتظر أمنا لتصحبنا إلى المدرسة، لكنني لم أكن أفقه شيئاً منها. لقد كانت أعقد من أن يفهمها عقل طفل مثلي. كانت تلك الورقة تحمل بصمات شخصيتك السادية. لقد كتَبتَ حرفياً ما يلي:

"سأجعل من حياتك جحيماً يومياً. أعدك بذلك."

إنها كلماتك، يا أبي! موجهة إلى أمي،تذكر ذلك.

إنها كلماتك التي فكرت فيها في أعماقك.

كنت تخاف أن تلفظها، وأن تجعلها ترن.

وخطك الكثيف، والمشوه، والملتوي!

إنه انعكاس عنك!

كلماتك الشريرة، والقاسية

وقد خُطت بإشارات لا تُمحى،

لأنك كنت غير قادر على لفظها عالياً بكامل أحرفها.

لا أراني أتصورك تقولها.

كنت قادراً على كتابتها فقط.

أنت الخجول، الجبان.

حين يُطرح عليك سؤال، تجيب عنه بسؤال آخر.

لا تحتاج الكتابة إلى أصوات؛ ولا إلى ضجيج.

الصفحات