كتاب " مراتب الموتى " ، تأليف فوزي ذيبان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
«تباً لكَ. لِمَ هذه التكشيرة وهذان الحاجبان المقطبان؟
أنت هنا
قراءة كتاب مراتب الموتى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مراتب الموتى
1
«تباً لكَ. لِمَ هذه التكشيرة وهذان الحاجبان المقطبان؟
هل أنت خائف من الموت وقد باغتك على غفلة من حمارك؟
تباً لهذا الوجه البشع... حتى الموت يأنف من النظر إلى وجهك المقيت....كخّ وألف كخّ.
يا لفمك الجائح ووجنتيك المشدودتين، ويا لهذه السحنة الصفراء!! لا ريب أن الموت قد ندم لأخذك ويتمنّى لفظك كأنك قيء..هه، حقاً أنا أشفق على الموت وآسف عليه...سبحان ربي الأعلى كم أنت بشع»!.
كان إبراهيم يدمدم فوق الجثة وكأنه بحضرة كائن مفعم بكل ضروب الحياة. كان يتمتم كأنه أرملة سوداء أو كأنه باب يئز مضى عليه عمر مديد.
كانت الجثة ترمق إبراهيم بعين جاحظة وأخرى تروغ بين الهدبين. لم يتأتّ له غسل الجثة عن آخرها. كان يقوم بعمله بهمةٍ هي أقرب إلى التهافت، وكان كل الوقت يسير داخل مغسله الفسيح بخطى مكتومة الوقع.
إنها جثة رجل في الثمانين من العمر يمتلك مزرعة للماشية عند أطراف القرية.. . قرية إبراهيم. يقال إنه كان يفهم لغة الخراف، وكان يشاطر التيوس رأيها. اشتغل فترة من عمره في بيع التبغ الأسود في مدينة على البحر، لكنه اختار فيما بعد الاستقرار في قرية إبراهيم وجرجرة نفسه كل يوم خلف الماعز والخراف. توفي فجأة فوق ظهر حماره الذي أكمل السير إلى ساحة القرية حيث أخذ بالنهيق كأنه يؤبّن سيده العجوز.
أي من رؤوس الماشية لم ترجع إلى مزرعة الشيخ المتوفى. ربما قد افترستها الذئاب أو تاهت في مسارب الوادي الفسيح. بكل بساطة تبخرت رؤوس الماشية لحظة فقد سيدها الحياة.