أنت هنا

قراءة كتاب دفاعا عن الجنون - مقدمات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دفاعا عن الجنون - مقدمات

دفاعا عن الجنون - مقدمات

كتاب " دفاعا عن الجنون - مقدمات " ، تأليف ممدوح عدوان ، والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

طوبى

طوبى للبطن الرافض حملاً كي لا يبقر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

تقديم المقدمات

ما الذي يربط هذه المقالات؟!..

هناك إجابة أولية ساذجة تقول إن الرابط بينها هو أنني كتبتها: أي أنها صدرت عن كاتب واحد.

وبشيء من الهدوء والتأمل لا تبدو هذه الإجابة ساذجة. إنها فعلاً تحاول أن ترسم ملامح شخص ما (هو أنا بالطبع) ولكن هذا الشخص لا يتأمل نفسه في المرآة بل يستسلم لتداعياته وهو يرى، ويعيش، ما يجري حوله.

بشكل ما يمكن أن تعطي هذه المقالات صورة عن وضع المثقف في هذه الحقبة من الزمان وعلى هذه البقعة من الأرض في الوقت الذي تعكس فيه آراءه بمشكلات أو طروحات وأحداث وأشخاص.

الآراء التي تتضمنها هذه المقالات لم تأت من التأمل بل أتت من المعايشة والتجربة في الواقع وكان هذا الواقع مشحوناً ومليئاً بالمرارة والقلق والهواجس. وكان هذا القلق يفرض نفسه فنياً مثلما يفرض نفسه فكرياً.

إن في الإمكان العثور، في هذه المقالات، على إجابة عن سؤال أرى أنه مثير للاهتمام بمقدار ما يمكن أن يبدو طريفاً:

كيف ترى نظرة الإنسان المهدّد إلى الثقافة والفنون والحياة؟!.. أية إضافة إلى رصيدنا العصبي يمكن أن تشكلها وثيقة فنية تركها هندي أحمر حين أحس بوادر الانهيار العام.. والإبادة؟!..

ولم لا يكون الهندي أسمر؟!..

الهندي الأسمر يحسّ أنه مهدد. وكلمة (مهدد) لم تأت من العناوين السياسية لحياتنا السطحية بل هي نابعة من أعصاب خائفة أو متوترة.

فأنا خائف فعلاً وأنا أحس فعلاً، أنني مهدد كأي هندي أسمر، وابتداء بالخوف من الحرب النووية (التي يدفعني المنطق إلى الادعاء بالخوف منها والعيش تحت كابوسها ـ فأنا، في الحقيقة، لم أحس إحساساً فعلياً بخطرها)، مروراً بالخوف من الخطر الصهيوني، الذي ليس لدي أدنى شك في أنه يستهدف أرضي ووجودي ومستقبلي، والذي يفرض علي المجابهة أو التهيؤ للإبادة أو الحل الوسط: تهيئة النفس لقبول حالة الغيتو والإنسان من الدرجة الثانية، وانتهاء بخوفي من القمع والكبت والاستغلال والتشوه الثقافي.. كان هذا الخوف يملأ ثنايا حياتي الشخصية والفنية.

ولكن الخوف قد يكابر على نفس ليظهر تحدياً مثلما يصارح نفسه ليظهر اعترافاً راعش الصوت.

لقد سئلت أكثر من مرة عن سبب إلحاحي في الشعر، على الموضوعات السياسية والوطنية. وكانت إجابتي الصادقة هي أنني لم أكتب عن السياسة والوطن بل كنت أكتب عن نفسي. وبالتدقيق أكثر يتبين لي أن ذلك كله كان نوعاً من الدفاع عن النفس.

وفي هذه المقالات أيضاً لا أتحدث عن الهجمة الإسرائيلية على لبنان أو عن لؤي كيالي والفن المسرحي ولا أحاول أن أنظّر للشعر والفنون. إن القارئ يستطيع أن يجد كتّاباً يفيدونه أكثر مما أفيده في هذا الخصوص. لكني، هنا أتحدث عن رؤيتي لهذه المسائل وأنا مشحون بالتوتر والخوف ومصمم في الوقت ذاته، على الحياة.

وليست مقدماتي لكتب الآخرين محاولة لتزيكتهم أمام القارئ فما من أحد يستطيع أن يزكي كاتباً إلا القارئ نفسه. لكنها كانت بالنسبة لي، فرصة لقول ما لدي حول مسألة لم أتطرق إليها في كتاباتي الأخرى أو أنني تطرقت إليها ولكن بشكل لم يوضح الموقف الفعلي منها.

وسيلاحظ القارئ أنها مكتوبة بانفعال الشاعر أكثر مما هي مكتوبة بعقلانية الباحث.

لقد كان من الممكن أن أكتب تبريرات لبعض الآراء التي أوردتها في هذا المقال أو ذاك لكنني لم أفعل، فأنا متصف بالتعجل الذي يمنعني من التركيز. ولدي آراء كثيرة. وأنا مستعجل لقولها. أخاف أن يفوت أوانها أو أن تزحمها آراء أخرى فأنساها. لذا وجدت أن محاولة التوقف لتبرير رأي من هذه الآراء، أو حتى لتوثيقه، ستضيع على فرصة أن أقول رأياً آخر بعده. وأنا، كما قلت، على عجلة من أمري. الحياة مزدحمة والهاوية قريبة. لابد من أن أكمل صرختي.

هذا ما يجعل هذه الكتابات في منطقة وسطى بين الصحافة والشعر: أي بين الرأي والانفعال، بمعنى آخر هي آراء مطروحة بعصبية وغير صالحة للنقاش. تقبل كما هي أو ترفض كما هي.. تماماً كما يتم التعامل مع القصيدة.

ممدوح عدوان

الصفحات