أنت هنا
قراءة كتاب السيرة النبوية لابن كثير الجزء الأول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
عصره: عاش ابن كثير في القرن الثامن الهجرى، من بداية هذا القرن إلى قرب منتهاه، في ظل دولة المماليك التى كانت تبسط سلطانها على مصر والشام.
وكانت في عصره نكبات شديدة شهدها العالم الاسلامي، ممثلة في هجوم التتار، وفى كثرة المجاعات والاوبئة، وفى تقلب السلطة بين أمراء المماليك الذين كانوا يوالون الانتقاض بعضهم على بعض...ويكاد الانسان لا يفتح سنة من سنوات حياة ابن كثير في كتب التراجم والتاريخ إلا ويجد فيها أنباء المجاعات والاوبئة وهجوم الافرنج والتتار ومصارع الامراء، مما لا يوصف بأنه حياة سياسية مستقرة.
ولكن تلك الحقبة التى عاشها ابن كثير من عصر المماليك كان يسودها نشاط علمي، تمثل في كثرة المدارس واتساع نطاق التعليم وكثرة التأليف، ولذلك اسباب مذكورة في التاريخ من تنافس الامراء وكثرة الاوقاف على العلماء وبناء المدارس واتصال الاقطار الاسلامية بعضها ببعض، وغير ذلك.
ولكن ذلك النشاط كان محصورا في دائرة ضيقة دائرة الاتباع والتقليد والتلخيص والاختصار والشرح، كذلك كان هذا النشاط منصرفا في كثرته إلى العلوم
الشرعية وما يخدمها.
ويبدو طابع ذلك العصر واضحا في ابن كثير، إذ كان انصرافه إلى علوم السنة والفقه، أو العلوم الشرعية بوجه عام وكانت مؤلفاته يغلب عليها طابع التأليف في عصره، وهو الميل إلى اختصار كتب الاقدمين، أو إدماج بعضها في بعض أو شرحها والتعليق عليها.
وإذا كان لابن كثير طابع تجديد تميز به، فإنه قد اكتسبه من علاقته بابن تيمية وحبه له وتأثره بآرائه، فقد كان ابن كثير كأستاذه ابن تيمية ينفر من الخرافات ويميل إلى الرجوع إلى السنة ويعتمد على التحقيق والتدقيق بوسيلته التى يملكها، وهى نقد الاسانيد وتمحيص الاخبار.
كذلك كان ابن كثير في تفسيره إماما وصاحب مدرسة، إذ نفر من الاسرائيليات والاخبار الواهية، كما نفر من التفلسف وإقحام الرأى في كتاب الله، وآثر منهج تفسير القرآن بالقرآن ثم بالحديث والاثر.
منزلته وآراء العلماء فيه: احتل ابن كثير منزلة عالية في الفقه والتفسير والحديث والفتوى..يقول عنه الذهبي: (الامام المفتى المحدث البارع، فقيه متفنن، ومفسر نقال، وله تصانيف مفيدة.
ويقول عنه ابن حجر: (اشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله، وكان كثير الاستحضار حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في حياته، وانتفع الناس بها بعد وفاته).
ويقول عنه ابن تغرى بردى: (لازم الاشتغال ودأب وحصل وكتب، وبرع في الفقه والتفسير والحديث، وجمع وصنف، ودرس وحدث وألف، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية، وغير ذلك.
وأفتى ودرس إلى أن توفى).
وقد اشتهر ابن كثير بالضبط والتحرى والاستقصاء، وانتهت إليه في عصره الرياسة في التاريخ والحديث والتفسير.
يقول عنه ابن حجى، أحد تلامذته: (أحفظ من أدركناه لمتون الاحاديث ورجالها، وأعرفهم بجرحها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك،
وما أعرف أنى اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا واستفدت منه).
ويصفه ابن العماد الحنبلى فيقول: (كان كثير الاستحضار قليل النسيان، جيد الفهم يشارك في العربية وينظم نظما وسطا.
قال فيه ابن حبيب: سمع وجمع وصنف، وأطرب الاسماع بالفتوى وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاوية إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير) ويقول عنه ابن حجر: (ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدثي الفقهاء).
ولكن السيوطي يجيب على كلام ابن حجر بقوله: (العمدة في علم الحديث على معرفة صحيح الحديث وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحا وتعديلا، وأما العالي والنازل ونحو ذلك فهو من الفضلات، لا من الاصول المهمة).
شعره: كان ابن كثير - كما قال ابن العماد - (ينظم نظما وسطا) ولا يذكر له إلا القليل من النظم، مثل قوله: تمر بنا الايام تترى وإنما * نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائد ذاك الشباب الذى مضى * ولا زائل هذا المشيب المكدر وعلى كل فهو لم يشتهر بقول الشعر.
أسلوبه: كان ابن كثير يشارك في العربية، وثقافته الادبية جيدة، ولكن أسلوبه كان على مقتضى عصره من إيثار السجع والميل إلى المحسنات، ويشتمل أسلوبه في بعض الاحيان على ألفاظ لا تناسب مستوى ابن كثير.
وفي كتابه الذى نقدمه نماذج لذلك، مثل استعماله كلمة (الاذية) وكلمة (مشترى) وغير ذلك من أساليب غير متناسقة وجمل غير متناسبة.
والحقيقة أن ابن كثير لم يكن ممن يهتمون بالعبارة أو يتجملون في الاسلوب، وإن كان أسلوبه في التفسير قويا متناسبا، وإنما هو إمام مفسر وفقيه محدث، ولم يكن أديبا متفننا يحرص على جمال العبارة وتناسق الاسلوب.
كتبه: اشتغل ابن كثير بالتأليف والتصنيف، وأكثر كتبه في الحديث وعلومه، ومؤلفاته معدودة، وأهمها: 1 - تفسير القرآن الكريم الذى قال فيه السيوطي: (لم يؤلف على نمطه مثله).
وهو يعتمد على التفسير بالرواية، فيفسر القرآن بالقرآن، ثم بالاحاديث المشتهرة يسوقها بأسانيدها، ثم ينقد تلك الاسانيد ويحكم عليها، ثم يذكر الآثار المروية عن الصحابة والتابعين.
وهو مطبوع مشهور.