كتاب " عندما تغني البلاد " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب عندما تغني البلاد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أمّ الدنيا
حورية !!
سكب الخالق في عينيها قدُسيةً وطُهرًا
فانكفأ الحسنُ على شواطئ هيبتها لحنًا رخيًّا هامسًا
فيه من السحر ما يشدّنا نحو أعماق الأعماق
غجريّة!!
لطالما مدّت كؤوس نشوتها للنيل ليرويها عشقًا ويُسكرها فرحًا
فانساب برقّة وسكون ؛ كسكون الروح وقت تهفو للصلاة
فمدّ راحتيه يسكب على جنباتها طراوة وزرقة
فكأنما انسكب من السماء بعض نَميرها
أو ألقت ببعض مَرمرها ..فهام بها اشتعالًا وجرى رقراقًا يقبّل ثغرها ويرعى أمنياتها بصباح ورديّ يافعٍ، وبنهار رخيّ عامرٍ
وبليل هادئٍ ..نجومهُ عرائسٌ ..وبدره حكايةٌ ..وضوءه انبهار
فغدت تسأل الهيام وقلبها:
أمِن أنهار الجنان قد تسرّب ماؤه؟!
أم من غيمة حُبلى باللؤلؤ
قد أعياها حملها فألقت إلى الأرض بأثقالها ، لتشكّلَ قطراته؟!
ومع أولى انبعاثات الوله ما بينها؛ونيلها! غدا عشيق ليلتها وصحوتها
ذاك الفاتن الذي اقتسمت له جنّة الرحمن بعض من ثرواتها
فجرى على أطراف الأرض يوزعها
فتولدت خيرات القاع، وتمايلت الغصون الخُضر على دلتاهُ
تستحضر مواسم الخِصب،وتُجدّل تحت الشمس قبّعات القصب
وترعى رقصات السنابل الفارعات رؤوسهن الشامخات حدّ عنان السماء
تتلوى تحت وهج الشمس كإناثٍ عابثاتٍ ينتظرن غزل العابرين
كلما مدّ الليل جناحيه على أشرعة القمر !
ضجّ بوشوشة مجنونة مسكونة بالنور
وفاضت نسماته الرخيّة على الأجواء الملتهبة لتُحيلها قيظًا رطِبًا جنيّا
وحينما ينشقّ الليل عن غبار العتمة، ويتناثر الضوء كالغبار
تخرج زهرات الصباح التي غَفت في حضن القمر من مخابئها
تلوّن الأرض ،وتصبغ بزركشاتها وجه الحياة
ومع تسربل العمر من بين أطياف رحلتها
ازدادت عشقا بمفاتنها...فتلك مناراتها درجات تصل ما بين السماء والأرض
أجساد فارعة من ضوء ومرمر غرزت راياتها في سفحه الرقراق
تُناطح مواكب الجوزاء وتستمدّ ملامح الإبصار من عين السماء
تمدّ قرون استشعارها لتميّز حرارة الأمان من جليد الأعاصير
أجنحتها خفقات سلام لطالما رتّلت في جنح الليل آيات السكون
ولطالما رسمت للبحارة أدراج العودة، وسردت لهم قصص البقاء
ومضت تخنق بأنوارها مسالك الخوف وتمزّق أشباح الاغتيال
لتعبر السفن بأمان إلى كفوف الشطآن
وترابها!ذاك المعبّأ بدقائق التاريخ حدّ الإشباع
والمجبول بعقيق مَنْ مِن هُناك مَرّوا
أولئك العابقون بضخامة الوجود وعنفوان التحدّي
فكانت الأهرامات وليدات نسلِهم
وشواهد تُزيّن واجهة ماضيهم وجداريات تاريخهم
تلك الملتصقات بحنايا ركنها،الرانيات بعنفوان إلى قباب السماء
حيث بوابات النور تسكب حرارتها فإذا بالتراب تِبرًا قد ملأ بطونها
بعد أن صاغه التاريخ حُليّا تحت أسفار الخلود
في قيظ النهار!هي سبائك من ذهب لا تغشاها عفونة ولا يدركها انصهار
وتحت شرفة القمر !هي أجساد ليّنة تستفيق في هدأة السكون
لتراقص الريح وتشاركه غناءً تراثيًّا أصيلا
وإذا أدركها الفجر!تحولت إلى مسابح من حصى
تتلو وتذكُر ككل المخلوقات الكونية الراعشة
تحت ظل رحمته؛وفجرها
يا امّ الدنيا !!
يا عروس الروض وغيداء الربيع..انتظري فتوى السماء
فلربما طرحت الأشجار في ذات ربيع قادم ثمارًا من ياقوت
ولربما أرخى البحر في ذات سكون مدًّا محملًا بأسماك الذهبْ
أولربما تحول البدر،في ذات ليل ثائر إلى سيقان من لهبْ
والليل شعلة من بدر ،وفتيل من قمرٍ
وقد تشققت الأهرام ذات ثورة عن زَلزلة تدكّ ليلا أوكار الذئاب العابثة
يلوح الربيع زمرديًّا أخضرًا شذيّا
لا يشاطره قلق الفصول، ولا تعانده تقلباته
فإذا الصباح الغبش قد استعاد رؤاهُ بعد أن أرّهقت عينيه قَتامة المساء
وينقشع الهواء المحنّط بدخان الخيانة والتباشير نذيرٌ تهلّ كما الفجر الشفيف
يُنبئ بجيل قد خطّ على جبهة السماء بيانَه
وكتب على ألواحها تفاصيل البقاءْ
يعصر من عناقيد الصبر مداد الحكماءْ
يدرك مواعيد الشروق ويعي ملامح الكسوف
ويقطع باليقين أطراف الأمس ورؤوس الزقّوم ويقتل خرافات الرجال
فإليكِيا امّ الدنيا،،أهدي كل تلاحيني:
م..من للعــروبة مثل مصــر لـــــو طالت يد القهر
ص..صاحت بأعلى الصــوت نفدي الأرض بالعمر
ر..ريح البطولة قد جاءت ببشرى الحقّ والنصر