أنت هنا

قراءة كتاب عندما تغني البلاد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عندما تغني البلاد

عندما تغني البلاد

كتاب " عندما تغني البلاد " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

سمراء يا عرب

سمراء بفتنة الكحل او أجمل

بحلاوة التمر أو أحلى

بطعم الشهد أو أطيب

بعبق الأصالة برائحة البطولة بأريج الخلود بطعم الأجداد أو أزكى

تغريك بثراء الوجد ووسامة القدّ وبشاشة المحيّا وطيب المقام

ارتدت لباس قوّة كابر عن كابر..وتزيّنت بالعفّة والكبرياء جدّ عن جدْ

بأسها منذ خليقتها شديد

لم تبتدئ إلا واقفة وكلما مرت باعوجاج استقامت شامخة

فكيف لا نهواكِ يا قوت القلوب..وننشدكِ شِعرًا وغزلًا؟!

فيا أيتها البابليّة السمراء

يا بوابة الله(باب-الي) التي خلبت منذ القِدم بسحرها الألباب

يكفيكِ فخرًا أن حدائقك المعلقات المترفات بالألق

لا زالت لغزًا فاق الأسرار وعجيبة فاقت العجائب

كيف لا .. والفرات السلسبيل كان شرابها...؟

فأعيدي يا "أميتي"(2) رفات"نصّر"

ليملأ المكان المقهور بالجفاف

بمعلقات الورد وجنائن الدهشة

يا حمورابيّة التشريع والقانون

يكفيك فخرًا أن شرائعكِ الحكيمة لا زالت دستورًا لشرائعنا

فأعيدي مجد حمورابي "فالعين بالعين والسن بالسن "

قد انتهكت حرماتها مُذ أغرقت في آسن القهر البلادْ

وتطاول الظُّلاّمُ على العبادْ

يا سومريّة الحضارة

يكفيك فخرًا

بأنكِ أول من نقل البشريّة من عصور الطمس الى ضياء الحضارة

وأنكِ أول من علم البشريّة

الأشعار والملاحم المنقوشة بأناملك النورانيّة

وحسّكِ العسجديّ وإرثكِ التاريخيّ

وكذا جلجامش وعشتار كلهم لكِ يا سمراء يشهد

يا شقيقة فلسطين منذ فجر تاريخكِ

هبينا "نصّر" من جديدْ

ليحرر "جوديا" (3) ويحرق معبد اليهودْ

واخبري "خالد" أن يعودْ

فالطغاة قد عادوا تربطهم قيود الخيانة المشتركة

فمن غيره سيفري سلاسلهم ويعيد مجد العروبة من جديدْ

سمراء يا عرب!

سمراء ومذ شُوِّهت ملامحها وأحرقت جدائلها

ما عادت تلك التمريّة اللون السكريّة المذاق

شفاء السقيم ودواء الأليم

هي كخنساء العرب قد تجّدد حزنُها

وعاد نحيبُها يقضّ مضجع السبات

وبنيّات الوجع باتت تعي إليها الطريق

ولا زالت على قيد الإحتضار تعاني

ترثي إرثها المنهوب وحقها المسلوب

ونفطها رمز عزّتها الممزوج بكرامتها والمحشوّ بميراث الماجدين

تقاوم مجهدة وتبكي بعنفوان وتذوي بهدوء وشموخ

سمراء اليوم قد دارت عليها الدوائر

فالنهار فيها مفضوح الأنين

والليل فيها أوله عقيم وأوسطه سقيم وآخره كظيم

وما بين البكاء والبكاء يستبدّ في جوفها البكاء

هي ما عادت تلك البشوشة الطليقة

التي تراقص الفرات في افتنانٍ وتغنّي لدجلة في صخب

هي لم تعد تفقهُ لهما لغة.. ولا تسمع منهما لحنًا

فلا شيء غير تسابيح تندلقُ من فاه الفرات استنجادًا بالله

وهسيسُ دجلة وهو يلعن الطغاة

وبكاء الزبد المنسحق على وجه الماء الملوّث بالخيانة

وهو يرثي الإرث والجاه

ما عاد قوس قزح يُبشّر بمواسم الخيرات

فالسماء واجمة تلونت تضاريسها بألوان الفزع الشاحبة

وهي كطارقة الوقت تبيتُ الليل في جبّ الظلام

وتُصلَب في النهار على جدران التاريخ

كصورة لتذكار قديم

أو كتمثال بلا روح

بلا رئةِ حياة بعد ان تجلّط الأثير في السديم المنكوب

يا عريقة موغلة في الأصالة منذ القدم!

ومليون نخلة تشهد، وشوق دجلة للفرات يشهد

بأن عروقكِ يا عراق لا زالت حيّة مليئة بالخيرات

عابقة بالعطاء فصيحة اللسان

سليمة الوجدان

بيضاء الجنان

عريقة المكان

ولو كره الكافرون...

يا رمز حضارتنا..!

بالله نناشدكِ أن ترتدي لباس القوّة من جديد

وتمتلكي شجاعة العصيان

وتغادري الدمع السكيب

اعتصمي بالله وتجلدي ولا تنتظري من غير الله عزة

فكل من يرثيك لا يجيد غير الرثاء

وكل من يبكيك لا يفقه غير البكاء

وكلهم يحترف الاحتراق

ولا يجيد غير كلام مبتور المعاني محطم القوافي

وعشق عاقر لفظتهُ الخوافي

فيا أنت التي انتثرت على أرض الفضيلة نتفا

يا من صامت عن البهجة دهرًا

وزُجّت في سجون القهر غدرًا

وتوشّحت بالسواد قهرًا

أسرجي لدربك نورًا من ديجور فضيلتك

وأعيدي بانسياب دجلة والفرات الى نسغكِ مصل الحياة

وتبتلي لله كي يعتصر الغيم خيرًا قادمًا

فما عهدناكِ إلا تلك الصابرة القوية الشديدة البأس

التي لم تبتدئ إلا واقفة وان مرت باعوجاج أجادت الاستقامة مجددًا

فاعتصمي بالله وتجلّدي

واستفيقي مع الفجر وغنّي أغنية البقاء

واستحمّي ببكور النور

مع أوائل الطلّ لتعودي فتيّة شابّة نضرة

وبعدها شدّي الرحال إلى مناكب عزّتكِ

وارتوي من عصير الكرامة المسكوب في كؤوس تاريخكِ

ولا تدعيهم يصبغوا جدائل الفرات ببياض الكهولة

أو يمزجوا رذاذ دجلة بسواد الفناء

فما احونا لهذا النمير الطاهر

كي يغسل دروبنا المحنّطة بملح الخيانات والرذيلة

وما أحوجنا اليوم إلى قوّتكِ

فمن سيعيننا في درب الجهاد ومسيرتنا إن انتحرتِ

ومن سيساندنا لنستعيد مجدنا التليد إن اندحرتِ

ومن سيضيء عتمة الليل الشريد إن خَبوتِ

وكيف سنتحرر من هوان هو علينا سليط إن هجرتِ؟!

فاعتصمي بالله وعودي وتجلّدي ولا ترتجي من غير الله عزّةً

ودعيني يا عراق أنشدك ؛ فالروح وخالق الكون.. تعشقكِ:

ع..عار علينا أن تبيد ديــارنا .... والتاريـــــخ ينعانا

ر..رقصوا على أوجاعنــــا طربا ..واحتفلــوا بأشلائنا

ا.. أقم يا ربّاه صُلبنا ،فالـــذل انهكنا والخذلان أشقانا

ق.. قوّي ؛فقوي اللهُ عزمنا، يا خير من يدري ببلوانا.

الصفحات