أنت هنا

قراءة كتاب الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

كتاب " الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني) "، تأليف د.مزاحم علاّوي الشاهري ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

أولاً: بنو مرين

1- أصلهم

ينحدر نسب بني مرين إلى قبائل زناتة القديمة العهد في بلاد المغرب العربي والتي تفرعت عنها بطون كثير وقبائل جمة(1).

وأرجع بعض المؤرخين قبائل زناتة إلى اصلها العربي وردّها إلى جدها برّ بن قيس عيلان الذي نزح إلى بلاد البربر(2). الذين كانوا يسكنون المناطق التي تطل على البحر الأبيض المتوسط في المنطقة المحصورة ما بين بلام الشام ومصر(3).

أما فيما يتعلق بانتقال بر بن قيس عيلان فقد ذكر ابن أبي زرع انه تزوج من البهاء بنت دهمان بن عيلان بعد أن وقع خلاف بين إخوته في شأن زواجها من احدهم، فكان ذلك سبب انتقاله من موطنه الأصلي إلى بلاد أخواله البربر آنذاك.

بعد أن شعرت والدته بالخطر عليه وعلى زوجته، أما عن حالة في ارض أخواله البربر فقد استقر فيها وأنجبت له البهاء ولدين: علوان ومادغيس، مات الأول صغيرا وبقي مادغيس وكان يلقب بالأبتر وهو أبو البتر من البربر (4).

وقد قدم بعض المؤرخين الرواية نفسها بصورة اقتربت من الأسطورة كأن يقول في انتقال بر: «وشردت له ناقة فتبعها فوقعت في بلاد أخواله من البربر» (5).

وعلى الرغم من اجتماع معظم المؤرخين على إرجاع زناتة إلى بر بن قيس، إلا أن ذلك لا يعني خلو الروايات التاريخية ممن ينكر عليهم هذا النسب (6)، غير أن الذي بين أيدينا شواهد كثيرة نقلتها المصادر التاريخية، مشيرة إلى انتقال بر بن قيس إلى بلاد البربر وما استجد عليه من حال، كما نسبت إلى تماضر بنت قيس أبياتا من الشعر ترثي أخاها الذي ابتعد عن موطنه، وتغير لسانه، وكأنه لم يعش بأرضه نجد، ولم ينطق اللغة العربية قبل ذلك(7).

ومن الوثائق المهمة التي قدمت لنا موقفا واضحا، ودليلا قاطعا على إزالة اللبس والغموض في نسبهم ما نقله مؤلف الذخيرة السنية في عروبة قبائل زناتة وهي انه لما فتح القائد حسان بن النعمان (8). إفريقية والمغرب العربي كانت أكثر جيوشه من قبائل قيس، فلما وصل جبل أوراس وجد أن قبيلة زناتة قد اجتمعت لقتاله، فدعاهم إلى الإسلام وقال لهم «يا معشر زناتة انتم إخواننا في النسب، فلم تخالفونا وتعينون علينا أعداءنا؟ أليس أبوكم بر بن قيس بن عيلان؟ قالوا بلى؟ ولكنكم معشر العرب تنكرون لنا ذلك وتدفعوننا عنه، فإذا أقررتم بالحق ورجعتم إليه فاشهدوا لنا به على أنفسكم» فتم لهم ذلك كتب الحاضرون من وجوه قيس وزناتة هذه الوثيقة ونصها: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما شهد به أنجاد قيس لإخوانهم زناتة ابن بر بن قيس عيلان أن أقررنا لكم وشهدنا على أنفسنا وعلى آبائنا وأجدادنا أنكم معشر زناتة من ولد بر بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان فأنتم والحمد لله إخواننا نسبا واصلا ترثوننا ونرثكم، نجتمع في جد واحد، وهو قيس عيلان فلكم مالنا، وعليكم ما علينا» (9).

ويبدو واضحا أن هذه الوثيقة لها أهميتها التاريخية، غير أن الذي لابد من الإشارة إليه هو أن مؤلف الذخيرة لم يذكر المصدر الذي اعتمد عليه في نقلها بل اكتفى بالقول و«لم تزل نعرف ذلك ونتوارث علمه وصحته من آبائنا ومشايخنا وأهل العلم بالتاريخ والمعرفة بالأنساب منا، يأخذه كابر عن كابر، وعادل من عادل» (10).

ومما يجدر بالتأمل أن المصادر التاريخية حفلت بالكثير من الروايات التي تشير إلى التأسف بسبب ماطرأ على زناتة، لاسيما تبدل لسانها عن العربية شأنها في ذلك شأن غيرها من أخواتها قبائل المغرب، فالمزوزي في أرجوزته(11)، وقف مفسرا لهذه الظاهرة، مبينا ماطرأ على زناتة من تبدل لسانها، نتيجة ابتعادها عن موطنها الأول غير انه لم يتجاهل واقعها الحياتي الذي كان يعتمد أصوله من منبعه العربي، كما انه أشار إلى أن قبيلة زناتة كانت تضاهي القبائل العربية في ميادين شتى (12).

ومما يلفت الانتباه أن الإحساس بالتفرقة ما بين العرب والبربر كان أمر يضجر منه سكان تلك البلاد، بل أنهم يرون فيه مغالطة للحقيقة وأيها ما بعده إيهام، لذلك اندفعوا إلى إظهار اعتزازهم بالعروبة مع الوقوف بوجه من يحاول أن يؤجج نار الفرقة ما بين العرب والبربر، وأكد احدهم عمق الروابط والأصول فيما بينهم، وان منبتهم واحد، وقيمتهم تأتي من خلال وحدتهم التاريخية في الأرض والنسب والتطلع، تلك التي طالما تناساها الكثيرون أو حاولوا إغفالها، وهم يدركون انه لا يمكن فهم عراها مهما تغيرت الأحوال(13).

وعلى آية حال فإن قبائل زناتة بصورة خاصة والبربر بصورة عامة أدركوا هذه المحاولات في عزلهم عن العرب، فكانوا يظهرون اعتزازا بنسبهم دون نكران للظروف الحياتية التي طرأت عليهم في بلاد المغرب العربي أي بربريتهم،أنهم تعاملوا معها بروح واقعية على مستوى الفكر والممارسة، فذكروها، ولم يتجاهلوها، وكانوا يذكّرون الآخرين دوما من أين كانوا ولأي شيء ينتمون، وفي قول يزيد بن خالد وهو من شعراء زناتة خير دليل على ذلك:

أيها السائل عـــن احسابنــا

قيـس عيلان بنو العــز الاول

وبنوبر بن قيس من بـــــــه

تضـرب الامثال في كــل اهل

ان نسبنـا فبنو بر النـــــدى

طـارد الازمة نحــار الابـــل

من تـردى سالف المجد علا

وبـرودا فاكتســى منها حلـل

ان قيسا يعتـــزى بـــــر له

ولبّر يعتــــزى كـــل بطـــل

حسبك البربر قومي انهـــم

ملكوا الأرض بأطراف الاسل

وببيض تضرب الهـــام بهـا

هام من كان عن الحق نكل (14)

وأخيرا فقد ذكر بعض المؤرخين نسبا يرقى إلى علي بن أبي طالب لقبيلة مرين بعد تسلمها زمام الحكم(15)، وهي برأينا لا تخرج عن محاولة بعض الشخصيات للتقرب من الدولة المرينية لغايات عديدة (16)، أما موقف الدولة الرسمي إزاء ذلك فقد أوضحه السلطان يوسف بن يعقوب عندما قدمت له شجرة النسب تلك فقال للذي احضرها «أما هذا فقد شكرنا تهممك به وحمدنا لك مسعاك، وهذا شيء إن كان على ما قلته فنرجو النفع به عند الله في العقبى وان كان غير ذلك، فلا خير لنا في الشك بما فيه مطعن علينا» (17)، وعلى ضوء ذلك نقول أن إظهار الدولة المرينية لنسبها العربي والتأكيد عليه بعد تسلمها الحكم أمر طبيعي لانهم كذلك، والشيء الذي لابد أن نذكره أننا لم نلمس ما يفسر استخدامها له ولغرض ما، أو أن هذا الأمر كان حاجة ملحة في ترجيح كفتهم على صعيد الصراع السياسي مع الموحدين أو بعد ذلك، ولابد أيضاً من أن نشير إلى أنها رعت العربية رعاية خاصة بجعلها اللغة الرسمية في البلاد(18).

وأخيرا فقد ذكر البعض نسبا لأميرهم عبد الحق بن محيو فهو «ابن أبي بكر حمامة بن محمد بن ورزير بن مجوس بن جرماط بن مرين بن ورتاجن بن ماخوخ ابن وجديج بن بن فاتن بن نظر بن يحبت بن يصليتين بن مسرى بن زاكيا بن ورسيكر بن زانات ابن جانا بن تامزيت ابن خمريس بن رجيح بن مادغيس الأبتر بن بر بن قيس عيلان ابن مغز بن نزار بن معد بن عدنان» (19).

الصفحات