أنت هنا

قراءة كتاب الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني)

كتاب " الحضارة العربية الاسلامية في المغرب (العصر المريني) "، تأليف د.مزاحم علاّوي الشاهري ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

2- بيئتهم حتى دخولهم المغرب

انتشر بنو مرين في المنطقة المحصورة ما بين فجيج وسجلماسة وملوية، وربما وصلوا أحيانا إلى منطقة الزاب(20)، ووصفهم احد المؤرخين بأنهم «لايعرفون الحرث ولا التجارات ولا يشتغلون بغير الصيد والغارات جل أموالهم الإبل والخيل» (21).

إن الطابع الرعوي الذي اتسمت به حياة بني مرين فرض عليهم البحث والتنقل لإيجاد المراعي الخصبة، إدامة لحياتهم ولماشيتهم التي كانوا يربونها والتي كانت تشكل عنصرا أساسيا من حياتهم، وكانت أيضاً سببا في توجههم سنويا إلى المناطق الشمالية من بلاد المغرب للتزود بما يحتاجون إليه، ولبيع ما في حوزتهم منها، وقد كانت رحلتهم السنوية تتم في فصل الصيف حتى إذا أوشك الخريف على الانتهاء، عادوا للتجمع في منطقة كرسيف(22)، التي عدت قاعدة لهم وقلعة لحفظ أمتعتهم، متجهين إلى جنوب البلاد، استعدادا لقضاء فصل الشتاء هناك (23)، وبحلول سنة 610هـ- 1213م، اضطروا إلى مغادرة موطنهم، حيث سكنوا في المنطقة المطلة على وادي ملوية، بسبب الخلافات القبلية الحادة التي نشبت بينهم وبين أبناء عمومتهم بني عبد الواد(24).

إن الظهور المفاجئ لبني مرين في مطلع القرن السابع الهجري شكل منعطفا كبيرا على صعيد تغير العلاقات السياسية في المغرب العربي بصورة عامة وذلك يثير فينا تساؤلا مهما، هو لماذا لم يكن لبني مرين أثر قبل هذه الفترة على صعيد الأحداث السياسية؟ وفي اعتقادنا أن ذلك يتعلق بأمرين أساسين أولهما: أن قبيلة بني مرين – وكما هو معروف- كانت تعيش قبل دخولها المغرب الأقصى على نمط من الحياة الاقتصادية الذي يمكنها فقط من توفير حاجاتها الاقتصادية التي كانت تشكل جل اهتمامها، غير أن ذلك الأمر لم يكن ليعزلها عن المشاركة في الأحداث السياسية الكبرى لاسيما في مهمة الجهاد على صعيد بلاد الأندلس(25).

وثانيهما: أنها كانت تعيش عزلاً سياسياً من قبل الدولة الموحدية على عكس بعض فروع زناتة كبني عبد الواد الذين شهدوا محاباة ورعاية في علاقتهم مع الدولة الموحدية(26).

إن العامل الذاتي الذي كان يكتنف حياة هذه القبيلة والذي عبر عنه كنون بقوله «ولم تكن هذه القبائل في بلادها فوضى لا نظام لها ولا قانون بل كانت خاضعة لأحكام الشرع الشريف في معاملاتها وأحوالها الشخصية وكانت تقيم على رأسها زعيما كسائر القبائل، يسمى الأمير تحقيقا لاستقلالها الذاتي» (27)، والظرف الذي كانت تشهده البلاد في النصف الأول من القرن السابع الهجري في ظل الدولة الموحدية، شجعا هذه القبيلة على الظهور، وأداء دورها في تاريخ المغرب ليس على مستوى الحياة السياسية فحسب بل وفي المستويات كافة.

وأخيرا نقول أن هذه القبيلة، قامت حضارتها بخلاف المرابطين والموحدين الذي تبنوا اتجاها دينيا (28)، ولذلك كان لإنجازها الحضاري طعم آخر، له شخصيته المميزة في تاريخ دول المغرب الأقصى قاطبة.

الصفحات