كتاب "حرب السويس وشروق شمس الناصرية " ، تأليف نواف نصار ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حرب السويس وشروق شمس الناصرية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حرب السويس وشروق شمس الناصرية
أولاً : الموقع الجغرافي
هذا الموقع المتميز والكبير الذي يشغله الوطن العربي كان المسؤول المباشر عما تعرض له من حملات واستعمار واحتلال على مر العصور ، وسوف يظل عرضة لذلك طالما أن أهله في فرقة وتمزق ونزاع .
تبلغ مساحة الوطن العربي 158، 14مليون كم ، ويقع منه 10،250،209 مليون كم أي 72% في قارة افريقيا ، ويقع 3،918041 كم أي 28% في قارة آسيا ، وتفوق هذه المساحة قارة أوروبا مصدر الويلات والمصائب عليه عبر القرون ، كما تفوق مساحة الولايات المتحدة عدوه الجديد !
ويمتد من المحيط الأطلسي غرباً إلى الخليج العربي شرقاً بمسافة 7000 كم ، ومن جنوب السودان حتى الحدود الشمالية لسوريا والعراق بمسافة 4000 كم ، هذا الامتداد الرائع والكبير أعطاه الإشراف على جملة من المواقع والمنافذ والطرق جعلت عيون أعدائه شاخصة إليه ، وملء قلوبها الحسد والحقد ، والرغبة في السيطرة عليه ، وإذلال أهله ، ونهب خيراته ، وفرض السيادة عليه ، وفي الفصول القادمة ما يؤيد ذلك كله بكل وضوح وجلاء ، وعلى ألسنة هؤلاء الأعداء وما جروه على هذه الأمة ، وما لا زالوا يكنونه لها من نوايا وأحقاد وسوء طوية .
ويحد الوطن العربي من الشرق جبال زاجروس التي تفصله عن إيران ، والخليج العربي الذي يبلغ طوله من الإمارات حتى مضيق هرمز 985 كم ، ويشرف من الغرب على المحيط الأطلسي بساحل طوله 3400كم .
وتمتد حدوده في الشمال ما بين مدينة طنجة في الغرب إلى لواء الإسكندرونة في الشرق .
وتمتد في الجنوب عبر القارة الإفريقية الشاسعة مجاورة عدداً من دولها كالسنغال ومالي والنيجر وتشاد وأفريقيا الوسطى وزائير وأوغندة وكينيا وأثيوبيا ، ووقعت حدوده في جنوب الصومال على المحيط الهندي ، أما في آسيا فتقع حدوده على خليج عدن وبحر العرب وهما امتداد للمحيط الهندي .
وبين ذلك كله من الامتداد العظيم ، والمساحة الشاسعة ، والانتشار ما بين القارتين احتضن الوطن العربي عدداً كبيراً من البحار والخلجان والمضائق والجزر والممرات التي زادت من أهميته الإستراتيجية ، ونأتي على هذه المواقع بشيء من التفصيل :
1- الخليج العربي : وهو الذراع المائية الممتدة ما بين رأس مسندم الذي يفصله عن خليج عمان في الجنوب ، ومصب شط العرب في الشمال ، ويبلغ طوله 985 كم ، وعرضه الأقصى عند دولة الإمارات 210 كم ،وترجع أهميته إلى موقعه الإستراتيجي المتوسط بين ايران ودول الخليج ، ووجود عدد من الجزر فيه ، وانتهائه جنوباً بمضيق هرمز ،وكذلك لجواره للدول الخليجية النفطية ، وقد كان موضع نزاع بين العثمانيين والبرتغاليين في القرن السادس عشر ثم مع البريطانيين الذين نجحوا في بسط نفوذهم عليه وتوقيع عدد من الاتفاقيات مع أمراء الخليج ومشايخه .
2- البحر الأحمر : وهو ذو موقع فريد لوقوعه بين القارات الثلاث مشكلاً حلقة اتصال بين البحار الشرقية والغربية ،فهو يصل المحيط الهندي بالبحر المتوسط بواسطة قناة السويس ،ويبلغ طوله 2000 كم ، وعرضه ما بين 280 كم الى 340 كم ، وتقع على شواطئه عدة دول كالأردن وفلسطين والسعودية واليمن في آسيا، ومصر والسودان وأثيوبيا والصومال وارتيريا وجيبوتي في أفريقيا .
ومن ملامح البحر الأحمر خليج العقبة وخليج السويس وباب المندب ، ولها مواقعها الإستراتيجية :
1- خليج العقبة : وطوله 176 كم ، وتطل عليه أربع دول : السعودية ويبلغ ساحلها 94 ميلاً ، والأردن ويبلغ ساحلها 8 كم ، ومصر وطول ساحلها 244 كم ، وإسرائيل وطول ساحلها 12 كم، وقد استولت عليه في العاشر من آذار 1949 ليكون لها منفذ على البحر ، وحولت ميناء "أم رشراش" إلى ميناء إيلات،ولم تعترف الدول العربية بهذه السيادة .
وفي جنوب الخليج تقع جزيرتا صنافير وتيران المشكلتان مضائق تيران التي أغلقتها مصر في 16 أيار 1967في وجه الملاحة الإسرائيلية ، فكان ذلك من أسباب حرب حزيران .
2- خليج السويس :ويبلغ طوله 360كم ، وعرضه 28- 32 كم ، وعمقه 200-300 قدماً ، وعليه ميناء مهم لتجارة الشرق .
3- باب المندب :ويبلغ عرضه 36 كم ، ويصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي .
4- قناة السويس : موضوع هذا الكتاب ، ويبلغ طولها 195كم ،وعرضها92 متراً، ويبلغ عمقها 19 متراً ، وعرضها عند القاع 92 متراً ، و226 مترا عند السطح ،وهو ما يسمح بمرور السفن الكبيرة ، وهي مجرى مائي صناعي يصل البحرين الأحمر والأبيض المتوسط مارة ببحيرة التمساح عند مدينة الإسماعيلية ، والبحيرات المرة ، ويفصل بين قارتي آسيا وإفريقيا ، كما يفصل بين الإقليم المصري وصحراء سيناء ، وقد بدأ الحفر فيها عام 1859 وانتهى عام 1869 ، وتعد أقصر الطرق الملاحية بين شرق الكرة الأرضية وغربها ،كونها تجنب السفن مشقة الدوران حول القارة الإفريقية ،وهذا يقصر المسافة من 17% إلى 59% حسب مكان الانطلاق والوصول ، فمثلاً المسافة التي تقطعها السفينة ما بين ميناء جنوا الإيطالي ومدينة بومبي الهندية 4400 كم ، ولكن لو سلكت طريق رأس الرجاء الصالح لأصبحت المسافة 10600 كم ، وسوف نأتي على تفاصيل ضافية عنها في الفصول القادمة
وقد كان البحر الأحمر وما جاوره من دول مسرحاً للنشاط الاستعماري ودوله الناشطة في التسابق على نهب خيرات الشعوب وسلبها ، وبحثاً عن منافذ على البحار تكون منطلقاً للسيطرة على مناطق أخرى، فاستعمرت ايطاليا أرتيريا مرتين ، مرة في أواخر القرن التاسع عشر ، ومرة قبيل الحرب العالمية الثانية ، ثم مدت نفوذها إلى أثيوبيا في أواخر القرن التاسع عشر ، ولما هزمت هزيمة منكرة أمام الأثيوبيين في موقعة عدوة الشهيرة عام 1896، عادت عام 1935 بدعوى الثأر للشرف المهان واحتلت البلاد مرة أخرى ، وكانت قد احتلت الصومال عام 1925 ،وأقامت قواعدها على ميناءي عصب ومصوع على البحر الأحمر ، ولم تنسحب من الدولتين إلا بالهزيمة في الحرب العالمية الثانية لتحل بريطانيا مكانها ،أما الصومال الإيطالي فلم ينل استقلاله إلا عام 1960(1) .
أما فرنسا فقد استعمرت موانىء جيبوتي وأوبوك وتاجورة على سواحل البحر عام 1884وذلك لكي تقابل الوجود البريطاني في عدن ،ولتكون هذه الموانىء مراكز إمداد لسفنها العابرة في باب المندب ، وقامت بمد سكك الحديد طولها 486 ميلاً بين أديس أبابا وجيبوتي ، وقد استقلت جيبوتي عام 1960 .
أما بريطانيا فقد أقامت مستعمراتها في الصومال البريطاني مثل مينائي زيلع وبربرة وذلك دعماً لقاعدتها في عدن ، وتكريساً لتواجدها الاستعماري على البحر الأحمر ، وقد استقلت عدن عام 1967 وأصبحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، أما الصومال البريطاني فقد استقل عام 1960 .
مما سبق يتبين لنا مدى خطورة الموقع الاستراتيجي للبحر الأحمر عبر الأزمان ، ومدى حرص الدول المستعمرة على مصالحها فيه ، حتى قال عنه الزعيم الإيطالي الفاشي موسوليني : إذا كان البحر الأحمر هو مجرد طريق لبريطانيا ، فهو شريان الحباة بالنسبة لإيطاليا (2).
والقارىء لتاريخ المنطقة يعلم ان مصر بعد ثورة يوليو قد ساعدت – وبكل الوسائل المتاحة - الحركات الاستقلالية في الدول العربية والإفريقية ، وعززت النزوع القومي في بلدانها وبين شعوبها ، وبطردها البريطانيين وأحلافهم من السويس ، وبتأميم القناة عام 1956 قد أحالت البحر الأحمر الى بحيرة عربية خالصة من النفوذ الاستعماري البغيض .
وللبحر الأحمر خطورته الجغرافية السياسية لكونه حلقة الوصل بين منابع النفط في دول الخليج العربي ، ودول الغرب المستوردة المستهلكة له ، وإذا علمنا أن دول الخليج تنتج 13 مليون برميل في اليوم ،علمنا مدى أهمية وخطورة البحر الأحمر وممراته وخلجانه .
3- البحر الأبيض المتوسط : وهو البحر الفاصل بين أوروبا وين آسيا وافريقيا ، ويبلغ طوله 3700 كم ، ومساحته 2،5مليون كم ،ومعدل عمقه5500متر ، ويربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهندي بواسطة قناة السويس والبحر الأحمر من الشرق ومضيق جبل طارق من الغرب ، ويرتبط بالبحر الأسود بواسطة مضيق الدردنيل وبحر مرمرة ومضيق البسفور ،وأكبر جزره كريت وقبرص وسردينيا وكورسيكا وصقلية .
ويطل على المتوسط الدول العربية مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب في إفريقيا ، وفلسطين ولبنان وسوريا في آسيا ،
وللبحر الأبيض المتوسط أهميته في الحضارات القديمة ، وفيه جرت اول معركة بحرية في التاريخ الإسلامي في عهد عثمان بن عفان عام 649 م ،وذلك حين أراد الروم الانتقام لفتح المسلمين جزيرة قبرص ، فحشد لهم المسلمون بقيادة عبد الله بن أبي السرح 500 مركب مقابل مدينة الإسكندرية في معركة ذات الصواري ، وقد دعيت كذلك لكثرة السفن التي شاركت فيها ، وقد انتصر المسلمون فيها على الروم بقيادة قسطنطين الثاني ابن هرقل .
لذا ، لا نستغرب كيف حارب البريطانيون ابراهيم باشا الذي كان يتباهى بعروبته ومحاولته إنشاء دولة عربية ، عندما حاول الحلول مكان الأتراك في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ، إذ رأت في هذا الكيان القادم خطراً يهدد تجارتها ومواصلاتها بين الشرق والغرب ، وكانت تفضل أن تظل هذه المنطقة تحت حكم ضعيف يمكنها من الاحتفاظ بنفوذها وهيمنتها على المنطقة . ( 3 )
وفي العصور الحديثة تبذل الدول العظمى الجهود الكبيرة للتواجد في البحر المتوسط من خلال القواعد العسكرية أو باتخاذ الحلفاء والأصدقاء والأتباع ، لذا لا غرابة ان يكون للسوفييت والأمريكيين أسطولاهما فيه ، ولا ننس أن الاستعمار الذي حصل لدول العرب جرى من خلاله ، خاصة الغزو البحري الهائل الذي حصل لمصر في حرب السويس ، وكانت مصر قد غزيت من قبل بقصف الإسكندرية من البحر بواسطة الأسطول الإنجليزي عام 1882 ، ليبدأ استعمارها الذي دام 70 عاماً ، ومن خلال البحر المتوسط قدم اليهود الى فلسطين على متن السفن الأوروبية وبأعداد هائلة في مطلع القرن العشرين .
أما أهم مضائق البحر المتوسط وممراته فهي :
1- مضيق جبل طارق : وطوله 56 كم ، وعرضه 16 كم ، ويصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ، وقد استولت عليه بريطانيا عام 1704 وأقامت غليه مستعمرة جبل طارق ومساحتها5، 2ميل مربع ، وتشرف عليه الآن معها المغرب وإسبانيا التي تحتل مدينتين مغربيتين هما سبتة ومليلة ، وتمر منه السفن المحملة بالنفط غالباً بأعداد تصل الى 160 سفينة يومياً .
2- مضيق الدردنيل : ويصل بين بحر مرمرة وبحر إيجة في شمال البحر المتوسط ، ويبلغ طوله 57 كم ، وتسيطر عليه تركيا .
3- مضيق البسفور : ويصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة ، ويبلغ طوله 27 كم ، وتسيطر عليه تركيا أيضاً .( قاسم الدويكات:جغرافية الوطن العربي)
الخلاصة
لا يستغرب القارىء الحصيف بعد هذه العجالة أن يكون الوطن العربي غاية وهدفاً للمستعمرين للأسباب التالية :
1- أن الوطن العربي يحتل موقعاً مهماً وفريداً بين دول العالم القديم والحديث ، ويشكل جسراً برياً عظيماً عامرا بين القارات الثلاث الكبرى : آسيا وأفريقيا وأوروبا ، فصار طريقاً تجارياً مزدهراً وعامراً لا يمكن إهماله او تجنبه .
2- يسيطر الوطن العربي على المسطحات المائية الخطرة في العالم : البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي ، وما يتبعها من ممرات ومضائق زادت من أهمية موقعه مثل قناة السويس ومضيق هرمز ومضيق باب المندب ، وهذه المسطحات تشكل المنافذ الى المسطحات الأكبر كالمحيط الأطلسي والهندي والهادي.
3- مناخه المتميز يصلح لإنتاج زراعي وافر متنوع جعله الإقليم الأفضل والأنسب للشعوب والحضارات عبر الأزمان .
لذا كان لموقع الوطن العربي الفريد أهمية كبيرة من عدة نواح ،وهي :
1- أهمية اقتصادية :لكون موقعه على درجة عالية من الأهمية ، بسيطرته على الطرق التجارية ، وخطوط الملاحة العالمية .
2- أهمية سياسية :وهذا ما دفع القوى العظمى لمحاولة السيطرة عليه ، لأن هذه السيطرة تضمن السيطرة على العالم بسهولة ، وقد حدث ذلك على مر العصور ابتداء من الاسكندر الأكبر في القرن الرابع الميلادي ، مروراً بالدولة العثمانية ، ثم محاولات نابليون ، ثم الدول الاستعمارية المعاصرة وآخرها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق ، لذا كانت بعض مناطقه مسرحاً للحروب كما حدث في معركة العلمين في مصر بين الألمان والانجليز ، تلك المعركة الفاصلة التي أنهت نفوذ الألمان في أفريقيا
3- أهمية اجتماعية وثقافية : لقد كان الوطن العربي مهبطاً للأديان الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام ، ومنه انتشرت هذه الأديان في شتى بقاع الأرض ، وعاشت فيه حضارات وثقافات كثيرة كالفرعونية والرومانية والفارسية والإسلامية والمغولية والصليبية والعثمانية والأوروبية ، فكان مهداً ومنطلقاً للهجرات وتلاقح الثقافات عبر القرون .
هذه العوامل مجتمعة أدت إلى نشأة أقدم الحضارات وأكثرها ازدهاراً كالفرعونية والفينيقية والآشورية والسومرية والإسلامية والعثمانية الخ . كذلك نشأت فيه الديانات الثلاتة ومنه انتشرت إلى أرجاء العالم القديم والحديث ، وأصبح العرب حملة الرسالة والدعوة الإسلامية الى بقية دول العالم .
ولا ننس في هذه العجالة موقع مصر الاستراتيجي في الركن الشمالي الشرقي من افريقيا ملاصقاً للبحر الأبيض المتوسط من جنوبه ، ووقوع البحر الأحمرشرقيها ، ووقوع القارة الافريقية جنوبها ، والقارة الآسيوية تجاورها من الشرق، وتقابلها القارة الأوروبية عبر البحر الذي يجلب الخير والشر معاً ، كل ذلك جعلها معبراً استراتيجياً بين الشرق والغرب أغرى الدول والقوى والامبراطوريات عبر العصور باحتلالها ، ومحاولة وصل البحرين ليزداد هذا الموقع قوة وخطورة مع مرور الأزمان .
ويزيد هذا الوطن أهمية وجود المواد الخام فيه وأخطرها النفط الذي حرك مصانع اوروبا واميركا ، وهو أيضاً صار سوقاً رائجة لهم ، ومعبراً لإيصال منتجاتهم الى دول الشرق كالهند والصين واليابان ودول شرق آسيا .
أما من الناحية العسكرية فهو يسيطر على الطرق البحرية والبرية والجوية اللازمة للوفاء بالأغراض العسكرية وإقامة القواعد والمنشآت خدمة للغايات والأهداف الحربية ، وقد اتضح ذلك في الحربين العالميتين وحرب السويس وحرب حزيران وحرب أكتوبر .
أما عن مصر فهي " تمثل في أهمية مركزها الاستراتيجي ، في موقعها الجغرافي في قلب الوطن العربي ، في وزنها البشري ، ثقلها العسكري ،الخ ..القطر العربي المرشح حالياً أن يمارس دور الإقليم القاعدة ، فبدون مصر تستحيل الوحدة العربية ، وخروجها منها يعني قتلها ، هذه الوحدة يمكنها "الاستغناء" عن أقاليم أخرى ، وخصوصاً التي تقع في أطراف الوطن العربي ، ولكنها تستحيل بدون مصر التي تشطر الوطن العربي إلى نصفين ، لهذا لم يكن من الغريب أن تصدر عنها المبادرتان أو الحركتان الوحيدتان اللتان حققتا درجة من الوحدة في هذا الوطن في تاريخنا الحديث ، مرة في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وأخرى في النصف الثاني من القرن العشرين " ( 4 )