أنت هنا

قراءة كتاب حرب السويس وشروق شمس الناصرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حرب السويس وشروق شمس الناصرية

حرب السويس وشروق شمس الناصرية

كتاب "حرب السويس وشروق شمس الناصرية " ، تأليف نواف نصار ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

الفصل الأول: تاريخ القناة قبل الاحتلال

يرى بعض الدارسين أن البحرين الأحمر والأبيض المتوسط كانا متصلين في الزمن البعيد جداً ، وان هزة أرضية أوجدت هذا الحاجز الرملي ، ويرون وجود البحيرات المرة دليلاً على هذا الاتصال .( 1 )
ويعود تاريخ اهتمام الحضارات والدول بفكرة شق قناة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى أيام الفراعنة ، أي قبل حوالي 4000عام .
* فما بين عام 1887 و 1889 ق.م ،كان يحكم مصر سنورست الثالث وهو من فراعنة الأسرة الثانية عشرة ، وفي عهده شقت قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط ،فكانت المراكب القادمة من البحر الأبيض تسلك أول فرع من فروع النيل شرقاً حتى تصل إلى مدينة بويست ( الزقازيق) ، ثم تتجه شرقاُ مارة بمدينة تيخاو ( أبو صوير) فتبلغ البحيرات المرة التي كانت في ذلك الحين خليجاً متصلاً بالبحر الأحمر .
* وفي عام 610 قبل الميلاد ، كانت القناة قد امتلأت بالرمال والأتربة ، وعزل البحر الأحمر عن البحيرات المرة ، ولما أراد – نخاو- الملك الفرعوني آنذاك إعادة حفرها ، حذرته العرافة ميليت بأن لا يفعل ، لأن شق القناة سوف يجلب الضرر لمصر ، وأن الأجانب سوف يطمعون في البلاد بسببها ! ، وهكذا تنبأت هذه العرافة بهذا المستقبل قبل حصوله بستة وعشرين قرناً !
* لما حكم الفرس مصر ، اهتم الملك " دارا" بالقناة وذلك سنة 510 قبل الميلاد ، ويبدو أن الحفر قد توقف لأسباب لا نعرفها ، إذ لم تتصل البحيرات المرة بالبحر الأحمر إلا بقنوات صغيرة لا تصلح للملاحة .
* في عهد الإغريق ،وفي سنة 285 ق م ، أمر بطليموس بحفر الجزء الواقع بين البحر الأحمر والبحيرات المرة لتصل القناة على مدينة كليسما وهي السويس اليوم .
* وفي عهد الرومان وفي سنة 98 م ، قام الإمبراطور تراجان بحفر وصلة جديدة من القاهرة - اليوم - تتصل بالبحيرات المرة ، غير أن هذا الفرع طغى عليه التراب بمرور الأيام .
* وبعد فتح المسلمين مصر، وفي عهد عمر بن الخطاب ، أحيا عمرو بن العاص هذه الوصلة ، وفكر في حفر قناة تربط البحرين ولكن الخليفة عمر بن الخطاب عارض المشروع لأن البعض ذكر له أن شق القناة يعرض مصر لطغيان البحر الأحمر ، ولكن ظلت السفن تستعمل قناة الروم القديمة للوصول إلى الحجاز واليمن والهند ، وقد دعيت هذه القناة بقناة أمير المؤمنين ، وتم استخدامها مئة وخمسين عاماً للتجارة ونقل الحجاج ، إلا أن الخليفة أبو جعفر المنصور أمر بردمها عام 775 م ، لأنها استعملت لنقل المؤن لأهل المدينة المنورة الذين تمردوا عليه ، فظلت معطلة منذ ذلك الزمن إلى القرن التاسع عشر .( 2 )
وهناك من يرى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد منع عمرو من تجديد القناة " لأنه خشي تسرب المسيحيين ووصولهم بحراً إلى الأراضي المقدسة ، ولو صحت هذه الرواية لدلت على أن خليفة رسول الله كان يقرا في كتاب مفتوح " ( 3 )
*****
وتخبرنا المصادر عن شاب يدعى " ليبنتز " طلب مقابلة الملك الفرنسي لويس الرابع عشر عشية دخول الفرنسيين الأراضي الهولندية ، ولما لم يأذن له الملك بمقابلته ، بعث إليه برسالة لا تخلو من خطورة ، والرسالة مؤرخة في 15 آذار 1672 ، وهي تكشف بجلاء عن نوايا الأوروبيين وأطماعهم في المنطقة ، يقول ليبنتز( 4) :
" مولاي صاحب الجلالة :
إن ما اشتهر عن جلالتكم من حكمة عالية ، ليغريني بان أتقدم إلى سدتكم بثمار عملي في مشروع يراه كبار القوم أوسع المشروعات التي يمكن وضعها في حيز التنفيذ بمنتهى السهولة ، أريد أن أتحدث إليكم يا مولاي في مشروع غزو مصر ، لا يوجد بين أرجاء الأرض جميعها بلد يمكن السيطرة منه على العالم كله وعلى بحار الدنيا بأسرها غير مصر ، وهي تستطيع أن تلعب هذا الدور لسهولة استيعابها لعدد كبير من السكان ولخصب أرضها المنعدم المثال"
وبعد حديث طويل عن نظام الحكم التركي والفوضى التي تحكمه ، وبيع المناصب – حتى منصب الوالي – وعن عداء العرب للترك ، وضعف البلاد أمام أي غزو أوروبي ، يعود ليبنتز إلى موقع مصر فيقول " إن موقع مصر الفذ سيفتح لكم خزائن الشرق ذي الثراء الهائل ، وسيربطكم مع الهند برباط وثيق يمكن لتجارة فرنسا ، ويعبد الطريق أمام غزاة عظام خليقين بالانتساب الى الاسكندر المجيد "
وبعد هذه الرسالة ب26 عاماً ، أي عام 1698 ، يطلب وزير خارجية فرنسا الكونت رتران من قنصل فرنسا في مصر" بلوا دي ماييه " إعداد تقرير عن إمكانية إقامة علاقات مــع النجاشي حاكم الحبشة تمهيداً للسيطرة على نهر النيل للحصول على مراكز توصل فرنسا إلى الهند .
وفي تقرير من ماييه إلى السفير الفرنسي في القسطنطينية ورد : " أن شق قناة بين البحرين الأبيض والأحمر مشروع لا تستطيع فرنسا أن تنجح بدونه ، وبيّن طريقة ذلك وأطنب في وصف مزاياه ، والمهم في هذا التقرير أن القنصل الفرنسي ذكر أن الإنجليز يعملون على احتلال مصر يوماً من الأيام وذلك لسد طريق البحر الأحمر ، وان فرنسا يجب أن تفطن لهذه الخطة فتبدأ بوضع مركب صغير يحمل البريد من السويس الى بعض موانىء البحر الأحمر ، وبذلك يألف الناس رؤية علمها ، ثم يصير المركب اثنين ويصبح الاثنان أسطولاً ، وهكذا بالتدريج خطوة بعد أخرى ، وذكر القنصل الفرنسي أن إنجلترا عينت قنصلاً لها في سوريا اسمه " فيزلر" وكان يتجول من سوريا إلـى طـرابلس ويضع الـنواة الأولى لخطة إنجليزية لـغزو مــصر " (5 )
يتضح لنا مما سبق أن السباق إلى استعمار المنطقة قديم يرجع إلى القرن السابع عشر ، إن لم يكن قبل ذلك ، وان الدولتين الكبريين في عالم الاستعمار ونهب الشعوب واستغلالها – بريطانيا وفرنسا- كانتا تعيشان زمناً من الصراع الخفي على المنطقة تسخران لأجله كل السبل والإمكانيات - المكشوف منها والخفي – للوصول إلى المنطقة ، كما ندرك أن مشروع القناة موجود على أجندة هؤلاء المستعمرين إدراكاً منهم لخطورة موقع مصر أولاً ، وذلك من اجل استعمار بقاع أخرى وهي الهند وما جاورها ، ثم أن الدولتين تدركان وتسعيان لفتح قناة السويس التي تسهل عليهما الوصول الى أهدافهما الاستراتيجية ، خدمة للتجارة والتوسع والشره البرجوازي في الثراء والتسلط واستعباد العباد ! .
ودليل آخر يشع وضوحاً وحقداً ، فبعد حرب السنين السبع ، تعود الحكومة الفرنسية للتفكير في خططها الاستعمارية القديمة وبالذات في قناة السويس ، ومن ذلك ما صرح به المركيز دار جنسون ، " فقال أن أوروبا قد أضحت بعد حرب السنين السبع(1756- 1763) تنعم بالسلام ، وان على فرنسا أن تنتهز هذه الفرصة فتنقض على الإمبراطورية العثمانية ، لتقيم صرح المسيحية فيها وتستخلص الأراضي المقدسة ،" ويضيف .... " إن مشروعي صليبي ، ومن ميزاته التجارية العظيمة إمكان حفر قناة تصل البحر الأبيض بالبحر الأحمر ، وتكون ملكاً مشتركاً للعالم المسيحي " ( 6 )

الصفحات