أنت هنا

قراءة كتاب دراسات في تاريخ المغرب العربي المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دراسات في تاريخ المغرب العربي المعاصر

دراسات في تاريخ المغرب العربي المعاصر

كتاب "دراسات في تاريخ المغرب العربي المعاصر " ، تأليف د. محمد علي داهش ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

يواجه الوطن العربي بخاصة، والعالم الإسلامي بعامة، ظاهرة جديدة – قديمة من الرؤى والمواقف الغربية التي تحمل بدون خجل أو خشية، نزعة عرقية عنصرية، ودينية تعصبية مقيتة، هذه النزعة تؤكد تواصل الموقف التاريخي العدائي للعرب والإسلام. ان العالم الغربي يشهد حالياً، وكما هو معروف ومعلن، تصعيداً في المواقف العدائية ضد العرب والمسلمين، هذه المواقف تعيد إلى الذاكرة، المواقف نفسها التي كانت سائدة وبقوة في القرن التاسع عشر مروراً بالقرن العشرين، حيث صعود الظاهرة الاستعمارية في اوربا وسيطرتها على الكثير من بقاع العالم، وهي المواقف نفسها التي عاشها الغرب منذ العصور الوسيطة «الحروب الصليبية وما بعدها» مروراً بالعصر الحديث. انها رؤى ومواقف ترتكز على التاريخ وعلى التعصب الديني، وهي التي أسست لعنصرية وتعصبية حاضرة تؤكد حالة التواصل العقلي والنفسي والسلوكي في العداء للعروبة والإسلام، مثلما تؤسس في الحاضر لأهداف ومخططات مستقبلية تخدم الاستراتيجية الغربية وتطلعاتها وأطماعها تجاه عالم الإسلام بأجمعه.

ان هذه الظاهرة الغربية، لم تقتصر على الرموز النخبوية الدينية أو الفكرية والسياسية والعسكرية، وإنما امتدت وبقوة إلى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، الموجهة والمدعومة بكل الإمكانات المالية وغيرها، من أجل التحشيد لصنع رأي عام غربي معاد للعرب والمسلمين.

رصد العديد من المفكرين والباحثين العرب هذه الظاهرة في عالم الغرب، ونوهوا بخطورتها على الطرفين في الحاضر والمستقبل. وقد أشار أحدهم لصحيفة الإندبندنت البريطانية ما نصه: «انه يندهش من روح العداء الصليبي التي تنتشر في الغرب الان» وقال آخر: «ان روحاً صليبية واضحة تحرك السلوك الغربي تجاه العرب». وفي فرنسا التي انطلقت منها الحروب الصليبية ضد العرب والإسلام، وشاركت فيها وقادتها بقوة في بعض الفترات – حملة لويس التاسع على مصر وتونس – بدأت تتصاعد الظاهرة العنصرية والدينية التعصبية «بل ان التصريحات ضد الإسلام والمسلمين أصبحت الطريق السهل أمام الساسة الفرنسيين الذين يريدون العودة إلى الأضواء من جديد … والظاهرة أصبحت من الانتشار في فرنسا بين جميع السياسيين والزعماء من مختلف الاتجاهات»(1).

ان هذه الظاهرة العدوانية استهدفت وتستهدف بكل صلافة ووقاحة، الإسلام ورموزه، وأصبح الإسلام وعالمه العدو رقم واحد في الرؤى والمواقف الغربية،واحتل العرب المكانة الأبرز في هذا الاستهداف المخطط والهادف إلى تحقيق الكثير مما يهدد الهوية العربية الإسلامية في الحاضر والمستقبل.

ان هذا العداء للعروبة والإسلام، يخبئ في جنباته أحقاداً تاريخية ودينية تعصبية، مثلما يهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية ومادية دائمة على حساب الوطن العربي والعالم الإسلامي بهدف إفقارهما وإضعافهما، لا بل تفكيكهما وتفتيتهما، ومن ثم الإجهاز عليهما، والتأثير أو الالغاء لهويتهما الدينية والقومية الحضارية وجعلهما أسيرين للتبعية والذل لعالم الغرب وغطرسته وتحكمه العسكري ورفاهيته التي لا يتنازل عن جزء منها لصالح الشعوب المقهورة التي يضمها عالم الإسلام بخاصة، وعالم الجنوب بعامة، انها «مواقف غريبة تعيد إلى أذهاننا الوجه القبيح للغرب حينما امتهن مقدساتنا وأوطاننا واستباح خيرات بلادنا واعتبرنا شعوباً من الدرجة العاشرة.. مواقف غريبة تشعل في النفوس المرارة والألم وتسترجع الوجه البغيض للتعصب الأعمى وامتهان عقائد الآخرين»(2).

هذا البحث، سيركز على الرؤية الفرنسية ومخرجاتها من القرارات والمواقف والسلوكيات اتجاه أبناء أقطار المغرب العربي بعامة، والمسلمين البربر بخاصة، انها رؤية عنصرية تعصبية استهدفت الهوية الإسلامية للنسيج الاجتماعي الموحد تاريخياً وحاضراً، في مسيرته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ناهيك عن وحدته الدينية الإسلامية، فضلاً عن وحدته الجهادية والكفاحية ضد العدوان الغربي المستمر حتى الفترة المعاصرة، والذي كانت فرنسا أحد أعمدة هذا العدوان، لا بل العنصر الأكثر فاعلية في عدوانيتها.

ان الرؤية الفرنسية بخاصة، والغربية بعامة في المغرب العربي، استهدفت تحقيق استراتيجية مستقبلية بعيدة المدى تخدم منطلقات ودوافع الحركة الاستعمارية تجاه العرب والإسلام. هذه السياسة، وفي أبعادها غير الاقتصادية، استهدفت التفكيك والتفتيت للبناء الاجتماعي والثقافي والديني والحضاري العام، ومحاولة الاحتواء التدريجي وتحقيق التبعية الكاملة.

الصفحات