أنت هنا

قراءة كتاب أحكام الحج و العمرة والزيارة بين التعريف والتأصيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أحكام الحج و العمرة والزيارة بين التعريف والتأصيل

أحكام الحج و العمرة والزيارة بين التعريف والتأصيل

كتاب "أحكام الحج و العمرة والزيارة بين التعريف والتأصيل" ، تأليف د. ابو مدين الطيب البشير ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين ، محمد علية الصلاة وسلام وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعد...

فإن الحج لغة القصد. (1) .

وفي الاصطلاح هو : قصد مكة المكرمة لأداء عبادة الطواف والسعي والوقوف بعرفة وسائر المناسك استجابــة لأمر الله تعالى وابتغاء لمرضاته. (2).

والحج هو ذلك المؤتمر الإسلامي الكبير الجامع الذي تلتقي فيه أفئدة أبناء الأمة الإسلامية ليشهدوا المنافع ، وليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فيأكلوا منها ويطعموا الفقراء ، وليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوّفوا ببيت الله العتيق.

وهو واجب على المسلم البالغ العاقل المستطيع ، وزاد الفقهاء وجوب وجود المحرم للمرأة.

ومن المعروف أن الحج فرض في المرة الأولى وفي التكرار خير كثير ، يقول علية الصلاة وسلام : (من حج مرة فقد أدى فرضه ، ومن حج مرتين فقد داين ربه ، ومن حج ثلاث حرم الله جسده على النار .) أخرجه ابن ظهيرة في الجامع اللطيف

والحج وفق الراجح عند الإمام ابن القيم كان قد فرض سنة تسع أو عشر من الهجرة إلا أن جمهور العلماء يرى أنه فرض في السنة التي نزل فيها قوله تعالى :

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ بِهِ أَذى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ . البقرة 196

وهي السنة السادسة بعد الهجرة. (3)

ويؤكد صاحب العرف الشذي شرح سنن الترمذي على هذا التاريخ . (4)

والحج يجب أن يكون خالصا لله وحده فلا يصاحبه شرك ، ولا يخامره رياء ، ولا تتعلق به سمعة أو نفاق.

يقول تعالى في الحديث القدسي : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه. رواه مسلم.

والحج يحقق أهدافا عظيمة منها : أنه امتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى واستجابة لندائه.

ومنها : أنه ارتباط بروح الوحي حيث إن تلك البلاد الطيبة هي مهبط الوحي.

ومنها : أنه إعلان عملي لمبدأ المساواة بين الناس.

ومنها : أنه توثيق لمبدأ التعارف والتعاون. (5)

يقول تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . الحجرات 13

والحاج يمكنه أن يحج عن الميّت وعن الحي إلا أنه يتعين عليه أولا أن يحج عن نفسه حجة الفريضة ثم بعد ذلك يحج عن الغير.

فعن بريدة رضي الله عنه أن امرأة قالت : يا رسول الله : إن أمي ماتت ولم تحج ، أفيجزي أو يقضي أن أحج عنها ؟ قال : (نعم.) رواه مسلم.

وأخرج الترمذي وأبو داود أن النبي علية الصلاة وسلام سمع رجـلا يقول : لبيك عن شبرمة فقال : (من شبرمة ؟) قال : أخ لي أو قريب لي ، قال : ( أحججت عن نفسـك ؟) قال : لا. قال : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.)

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رجـلا قال : يا رسول الله : إن أختي نذرت أن تحج ، وأنها ماتت قبل أن تحج فقال : ( لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ ) قال : نعم . قال : ( فاقض ، فدين الله أحق بالقضاء ) الموطأ ، رواية محمد بن الحسن .

وعلى الحاج وهو متوجـه لتلك البلاد الطيبة الشريفة أن يقوم بالآتي :

أولا : الاستعداد بدنيا بأن يأخذ قسطا من الراحـة والاستجمام ، وروحيا بالانتظام في الصلوات في المسجد والإكثار من الدعاء والصلاة على النبي علية الصلاة وسلام ، ثم الاستعداد الفكري بمحاولة معرفة ما يتيسر له من مناسك الحج .

ثانيا : التوبة النصوح :

والتوبة النصوح يأتي لفظها في القرآن الكريم مطلقا تارة ، ومقيدا تارة أخرى ففي الآية الرابعة من سورة التحريم جاء اللفظ مطلقا : إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ .

وفي الآية الثامنة من نفس السورة جاء مقيدا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَة نَصُوحا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ .

والتوبة النصوح هي الناصحة الصادقة التي لا يعود صاحبها بعدها للذنب الذي تاب منه ، إلا أن الفقهاء اختلفوا في معناها : ففي معالم التنزيل جاء : "واختلفوا في معناها ، قال عمر وأبي ومعاذ : التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضرع . وقال الحسن : هي أن يكون العبد نادما على ما مضى مجمعا على ألا يعود فيه .

قال الكلبي : أن يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن.

قال سعيد بن المسيب : توبة تنصحون بها أنفسكم.

وقال القرظي: يجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود." (6)

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هي أن يهجر الذنب ويعزم على أن لا يعود إليه أبدا .(7)

وقال الفراء : توبة تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه ، وهو أنها الصادقة الناصحة ينصحون بها أنفسهم . (8)

وجاء في البحر المديد :

" عن السدي : هـي صدقُ العزيمة على ترك الذنوب ، والإنابة بالقلب إلى علاّم الغيوب .

وعن سهل : هي الانتقالُ من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة .

وعن الجنيد : هي الإعراض عما سوى الله ." (9)
وسئل أبي بن كعب رضي الله عنه عنها ؟ فقال : سألت رسول الله علية الصلاة وسلام عن ذلك فقال : (هي الندم عن الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ثم لا تعود إليه أبدا.) (10)

وقال الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله : تَوْبَة نَصُوحا قال: يتوب ثم لا يعود. (11)

وقال ابن زيد، فــي قول الله : تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَة نَصُوحا. قال : التوبة النصوح الصادقة، يعلم أنها صدق ندامة على خطيئته، وحبّ الرجوع إلى طاعته، فهذا النصوح. ( 12)

وجاء في الدر المنثور عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله علية الصلاة وسلام : ( التوبة من الذنب لا تعود إليه أبدا .)

الصفحات