كتاب " الإسلام في شعر فيكتور هيجو " ، تأليف هيجاء قحطان احمد الحمداني ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الإسلام في شعر فيكتور هيجو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإسلام في شعر فيكتور هيجو
نظرا لعدم وجود احصائية دقيقة عن كل الدراسات التي كتبت عن فيكتو هيجو، وجدنا انه لغاية عام 1970 تم تأليف 271 كتاباً وبحثاً واطروحتاً حول الشاعر كأنسان وفنان ومفكر[28] ، وبالتأكيد صدرت بعد ذلك دراسات اخرى كثيرة عنه[29]. ومن بين كل هذه الدراسات لم يدرج الاسلام بشكل خاص ولم يبحث في كتابات الشاعر، بينما نجد دراسات اخرى حول المسيحية وحول التوراة عند هيجو[30]. وهذا بالضبط مادعانا الى ادراجه ضمن دراستنا، هذا من جهة، ومن جهة اخرى الا يمكن للتفكير الهيجوي الذي كان دائماً محل جدل ان يدرس من زاوية اسلامية، اسوة بما هو مدروس من زوايا اخرى؟ خصوصاً اذا علمنا ان لدى الشاعر افكاراً انسانية مستمرة حول الخير والشر. كل هذا دعانا الى تبني مشروع دراسة الاسلام في شعره. هذه الدراسة لاتحتوي فقط على تحليل القصائد التي كتبت عن الاسلام، وانما ايضاً التفكير الهيجوي من وجهة نظر اسلامية، على امل اعطاء جواب معين عن كل الاسئلة المحيرة حول التفكير الديني للشاعر. ولكن قبل هذا وذاك التوصل الى نتائج حول موقفه الحقيقي من الاسلام.
دراستنا اذن ترتكز حول الاسلام بما تعنيه المفردة ، وقد تجنبنا وضع مفردة "الشرق" مكانها، لانه في هذه الحالة يتوجب علينا القيام بدراسة مستقلة ، في حين ان الاسلام جزء من الشرق.
وقد اخترنا في حقل دراستنا كل المؤلفات الشعرية لهيجو لان المسألة تتعلق بتفكير يمكن تشبيهه بالنهر، على الباحث فيه ان يتبعه خطوة بخطوة لكي يفهم بشكل جيد التطور الذي حصل والطرق التي اتبعها على طول المسافة التي يسير عليها.
لقد قمنا بتنظيم وتقسيم انتاج الشاعر على خمسة فصول متتبعين بذلك التطور التاريخي لحياة الشاعر بكل ما تحتويه من تطورات وتقلبات سياسية واجتماعية وثقافية اثرت في فكره وسلوكه.
فالفصل الاول (1802-1822) الذي يتضمن اشعار الطفولة والمراهقة تحتوي على كل المراحل التي بني عليها تفكير الشاعر ، وتلك التي فتحت له الباب للاسلام. والفصل الثاني (1822-1830) اقتصر بشكل رئيس على دراسة ديوان "الشرقيات" الذي عكس نظرة غير عادلة للاسلام دون دراسة جدية او تدقيق من قبل مؤلفه. والفصل الثالث (1830-1851) سلط الضوء حول مراحل شك الشاعر وتفكيره في مختلف المسائل الدينية، انتهاءً بإنشغاله الجدي بالاسلام. والفصل الرابع (1851-1870) يظهر الشاعر في المنفى كمفكر وفيلسوف. وفي هذه الفترة كتب هيجو عن الانسانية بشكل عام ، ولم يستبعد منها الاسلام.
اما في الفصل الخامس والاخير (1870-1885) سنحاول جاهدين تسليط الضوء على تفكير هيجو حول كل الاديان ، ومن ضمنها الاسلام، وفي هذا الفصل سنناقش محورين: الاول حول الصورة الشاملة للاسلام عند هيجو، والمحور الثاني حول التفكير الهيجوي الديني على وفق منظور اسلامي.
وفي جميع الفصول قمنا بنوع من المقارنة بين الافكار الاسلامية، وبالاخص من القرآن الكريم، وافكار الشاعر الدينية البحتة.
لقد اعتمدنا على ترجمة (سفاري) للقرآن الكريم عندما قمنا بالتقريب بين افكار الكاتب الدينية والايات القرآنية. وقد سمحنا لانفسنا بتصحيح الترجمة عندما كنا نجدها تبتعد عن المعنى الصحيح لها ، وعندما يقترب معنى الاية قليلاً من فكر الشاعر كنا نشير الى ذلك في الهامش فقط. والا فإنا نذكرها كاملة وبالنص.
ومن اجل دراسةة الموضوع بشكل جيد تتبعنا في دراستنا الطريقة التحليلية المبنية على النقد الادبي التقليدي.
وفي الحقيقة فإن هذه الدراسة لم تكن بالسهولة التي يشير اليها عنوانها، فقد واجهتنا عدة مشاكل وصعوبات، بداية ندرة المصادر والوثائق الضرورية القادرة على اغناء البحث، مروراً بمشكلة تاريخ القصائد التي الذي لم يكن مثبتا دائما. فدواوين مثل "كل القيثارة" التي نشرت عام 1888 و 1893 و "السنين المشؤومة" عام 1898 تحتوي على تواريخ يعود بعضها الى عام 1827. وهذا مادفعنا الى تجميع القصائد كلها واعادة كل قصيدة الى الفصل الخاص بها ، من اجل ترتيب افكار الشاعر وتتبع تطورها على امتداد حياته. وبهذا الخصوص يقول الباحث جون كالفيه (Jean Calvier) معلقاً: "جميع التواريخ مخطوءة تقريباً حسبما استطعنا ان نلحظ ذلك بعودتنا الى المخطوطات التي تحمل التاريخ الحقيقي"[31]، من اجل ذلك وجدنا انه من الضروري الاعتماد على عدة نشرات لمؤلفات شعره للتحقق من التواريخ الحقيقية للقصائد، واخيراً والاهم من كل هذا بالنسبة الى دراسة كهذه، رغم كونها ادبية، الا انها ذات طبيعة متعلقة بمجالات العلوم الانسانية الاخرى وبشكل خاص التاريخ والدين (اللاهوت والفكر) واحياناً الفنون، فضلاً عن علاقتها ببعض المسائل الاجتماعية الاخرى ، وكان هذا الامر يدفع بالعمل دائماً لان يأخذ ابعاداً جديدة ، وبالنتيجة يتطلب جهوداً اضافية من اجل التعرف على الموضوع وفهمه بشكل جيد ومن كل جوانبه.
من جهة اخرى، فأن طبيعة دراستنا المرتبطة بشكل رئيس بالاسلام تطلبت منا ان نكون على علم واف بالفكر الاسلامي ، وفهمه بشكل صحيح من اجل دراسته بشكل موضوعي وعلمي عند الشاعر.
وقد وافتني فرصة ثمينة لزيارة فرنسا عام 1998 كوني الطالبات احدى المتفوقات في الدراسة التحضيرية للماجستير، من اجل ترصين لغتي الفرنسية ولمدة شهر، ولكنني كنت اقتنص الوقت من اجل البحث عن مصادر جديدة لدراستي . وقد استطعت الى ذلك سبيلا والحمد لله، فقد اصطحبت معي عشرة من الكتب التي لايمكن الحصول عليها في بغداد ، بل اني زرت موقع البيت الذي ولد فيه الشاعر، وشاهدت القطعة التي كتب عليها اسمه في اعلى الشقة في مدينة بيزانسون .
نأمل ان تحقق هذه الدراسة وجهة نظر مضمونها وان تكون النتائج موضوعية وعادلة بالنسبة الى شاعر كبير مثل فيكتور هيجو.